المحايد- ملفات
على مدار أشهر، جربت منى أسعد (27 عاماً) اتباع حمية لخفض وزنها، تتضمن ممارسة المشي يومياً.
وتعزو الفضل في الاستمرار بهذه التمارين طيلة الفترة السابقة إلى تطبيق مجاني في هاتفها الذكي.
تقول منى "هذا التطبيق يحفزني ويدفعني للشعور بالحماس أكثر على أداء تمارين المشي، حيث يعرض عدد الخطوات والمسافة المقطوعة مقارنة بالأيام السابقة".
كما تستخدم تطبيقات إلكترونية أخرى، خاصة بالتمارين الرياضية، وفرت لها عند استخدامها الكثير من المعلومات التي كانت غائبة عنها، وفق تعبيرها.
وتضيف أسعد وهي خريجة كلية آداب: "سابقاً، كنت بالكاد أتمكن من المشي لبضعة أيام بشكل متواصل، ولا أواظب على الحِمية، ولكن هذه التطبيقات غيرت الحال".
باستمرار ترجع الهيئات الحكومية في العراق ووزارة التربية، ارتفاع نسبة الأمية إلى عوامل اقتصادية وأمنية ومجتمعية، في ظل وجود قانون خاص لمحو الأمية لم يطبق بشكل صحيح على أرض الواقع، كما يقول مراقبون للشأن التعليمي.
تأثير العائلات
الاستعانة بالتطبيقات الإلكترونية في الهواتف الذكية، لتيسيير أمور في الحياة اليومية، ليس متداولاً بشكل كبير بين النساء العراقيات، اللاتي يكتفين في كثير من الأحيان بإجراء الاتصالات، فقط، من خلالها، ولذلك أسباب عدة.
تقول الناشطة الحقوقية تيسير فداء "يعتمد استخدام النساء للهواتف الذكية وفق الظروف الاجتماعية والاقتصادية، فامتلاكهن لهذه الهواتف يكون مثاراً للجدل، عادةً".
"وإذا تمكنت النساء من استخدام الهواتف الذكية والحواسيب، لا يعني هذا أنهن يتقن طريقة استخدام البرامج أو التطبيقات، كما لا تسمح الكثير من عائلاتهن أساساً بتجربة التقنيات الحديثة"، توضح فداء.
وترى أن عدم ثقة العوائل بالأجهزة الرقمية أحد الأسباب التي تعرقل التعليم الرقمي.
وتتابع فداء: "كما أن البعض يربط استخدام النساء لهذه الأجهزة، بمفاهيم أخلاقية، باعتباره يجلب الفضيحة والعار ويشجعهن على إقامة علاقات أو التورط في قضايا الابتزاز الإلكتروني".
ويُظهر تحليل بيانات للجهاز المركزي العراقي للإحصاء، أن صفراً من كل 330 فتاة في المرحلة الابتدائية، يمكنها إنشاء "عرض تقديمي" باستخدام أحد برامج الحاسوب، مقابل فتاة واحدة في المرحلة المتوسطة و25 في الإعدادية.
ولا تجيد أي من الفتيات في المرحلة الابتدائية كيفية عمل "برنامج محوسب" باستخدام إحدى اللغات البرمجية، بينما تجيد فتاة واحدة فقط تلك المعرفة في المرحلة المتوسطة، ويرتفع الرقم إلى 13 فتاة في المرحلة الإعدادية من بين كل 330 فتاة، حسب تقرير لموقع "ناس نيوز" العراقي.
هل سترفع كورونا معدلات الأميّة في العراق؟
واعتبرت المنظمة أن هذه المناسبة فرصة لتحليل دور المعلم وكذلك لتأمل ومناقشة كيفية استخدام طرق التدريس المبتكرة والفعالة ومنهجيات التدريس ضمن برامج محو الأمية للشباب والبالغين ولمواجهة كوفيد– 19 وما بعدها.
أمية القراءة والكتابة
في سياق متصل، تقول المتخصصة في برمجة الحاسبات، المهندسة إلهام محمد، إن الأرقام المذكورة قد تمثل "مؤشرات على أميّة القراءة والكتابة" أيضاً.
وتوضح "لأن العوائل التي ترفض تعليم بناتها أو التحاقهن بالمدارس، هي نفسها التي تعارض استخدامهن للحاسوب أو الأجهزة الذكية".
وتختلف نسب انتشار الأمية الرقمية من محافظة لأخرى، حسب مسح الجهاز المركزي للإحصاء عام 2020 بشأن المعرفة الرقمية بين الشباب في المحافظات العراقية، حيث أظهر وجود تباين بمهارات استخدام الحاسوب بين محافظات شمالي البلاد وباقي المناطق.
وتظهر البيانات أنه من بين كل 32 شاباً (ذكوراً وإناثاً) في محافظة أربيل (إقليم كردستان العراق)، هناك 6 يعرفون استخدام الحاسوب، ونحو 5 في كل من السليمانية ودهوك، مقابل شاب واحد فقط في محافظتي نينوى وكركوك، التي تضم العدد الأقل من الشباب الذين يجيدون استخدام الحاسوب بين كل المحافظات.
ومقابل كل شاب يمتلك حاسوبا من بين 10 شباب (ذكوراً وإناثاً) في الريف، يوجد اثنان في الحضر يمتلكان حاسوبا.
فيما تختلف نسب امتلاك الهواتف الذكية، ففي الحضر من بين كل 10 شباب (ذكوراً وإناثاً) هناك 9 يملكون هاتفاً ذكياً يقابلهم 8 في الريف.
وتعلّق محمد على هذه الأرقام مجدداً بقولها، إن "مسألة الأمية الرقمية صعبة، ولا يمكن إيجاد الحلول لها ما لم يتم القضاء على مشكلة الأمية في القراءة والكتابة".
ولأن تعليم البنات في العراق يرتبط بمعتقدات دينية وتقاليد وعادات عشائرية محافظة، يعني هذا أن البلاد ستعاني لمراحل طويل من الأمية الرقمية، حسب تعبيرها.
من جهتها، تقول الباحثة الاجتماعية فرح غسان، إن معظم الناس من الفقراء وذوي الدخل المحدود ليس لديهم القدرة على توفير تكلفة الاشتراك الشهري في شبكة الإنترنت، وإن تمكنوا من ذلك سيفضلون اقتناء الأولاد للأجهزة الرقمية بدلاً من البنات، بحجة عدم حاجتهن لها، إذ يمكثن عادة في البيت، بعكس الذكور.
وتضيف أن "الفقر والبطالة لهما دور كبير في توفير ما تحتاجه المعرفية الرقمية من أجهزة وإنترنت، فيما يراها البعض من مظاهر البذخ غير الضرورية".
وتتابع غسان "في الواقع هذه النظرة تجاه المعرفة الرقمية لم تكن جيدة لأنه مع مرور الزمن، يبدو أن حياتنا ستعتمد بشكل كبير عليها، وهو ما لمسناه بالفعل بعد تفشي وباء كورونا وتلبية الاحتياجات عبر النموذج التجاري في الفضاء الإلكتروني".