المحايد- ملفات
يتابع العراقيون بحذر ما يجري داخل أروقة العملية السياسية من شد وجذب بين مختلف الأطراف السياسية، بسبب ما أفرزته نتائج الانتخابات.
فيما يرى ناشطون أن "الأحزاب الخاسرة لن تترك الفائزين وحدهم".
وأعلنت الحكومة على لسان مستشار رئيس الوزراء لشؤون الانتخابات عبد الحسين الهنداوي، اكتمال العد والفرز اليدوي في جميع المحطات الانتخابية المحجورة، مؤكدةً أن النتائج النهائية جاءت مطابقة للفرز الإلكتروني.
وانجزت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أكثر من 95 % من الفرز اليدوي في عدد المحطات الكلي المحجورة البالغة 3681، ولم يتغير اي شيء لصالح الأحزاب الخاسرة، والتي طالبت بإعادة العد والفرز يدوياً بحضور لجان المراقبة.
انتخابات العراق
يأتي ذلك في وقت رفض فيه "الإطار التنسيقي" المتكون من القوى والكيانات الشيعية الخاسرة بالانتخابات نتائج عملية الاقتراع التشريعية قبل إعلانها.
وقال الإطار في بيان أصدره عشية إعلان النتائج، "كنا نأمل من مفوضية الانتخابات تصحيح المخالفات الكبيرة التي ارتكبتها أثناء وبعد عدّ الأصوات وإعلان النتائج، وبعد إصرارها على نتائج مطعون بصحتها نعلن رفضنا الكامل لهذه النتائج ونحمل المفوضية المسؤولية الكاملة عن فشل الاستحقاق الانتخابي وسوء إدارته مما سينعكس سلباً على المسار الديمقراطي والوفاق المجتمعي".
الفوضى للتفاوض
يرى الناشط السياسي سالم محمد (27 عاماً)، أن "الأحزاب الكبيرة وخصوصاً تلك التي تملك فصائل وأجنحة مسلحة لن ترضى بما تعرضت له من خسارة موجعة، رغم المليارات التي أنفقت في الحملات الانتخابية".
ويضيف أن "الحديث يدور الآن عن شرارة ستشعلها بعض الأحزاب الخاسرة، في سبيل جر الأطراف الفائزة إلى طاولة التفاوض للحصول على مكاسب سياسية خلال المرحلة المقبلة".
ويؤيد الباحث السياسي حسام علي هذا الطرح، قائلاً: "منذ عام 2003 ونحن نرى أن الجهات الخاسرة في هذه الانتخابات نفسها كانت تمارس شتى أنواع الابتزاز والتهديد للحصول على مكاسب اقتصادية من شركات ومؤسسات محلية ودولية، وهذا ما يعرفه كل العراقيين".
ويضيف، "سيستعمل المسلحون الخاسرون الأسلوب ذاته في التعامل السياسي والاقتصادي خلال المرحلة المقبلة، فإما الفوضى أو منحي ما اريد، وهذا ديدن من حمل السلاح المنفلت خارج اطار الدولة".
ويرجح علي أن "يجلس الخاسرون والرابحون على طاولة التفاوض، فخلال هذه المرحلة ليس من مصلحة أحد أن تشتعل حرب شيعية- شيعية داخل البلاد، فخسارة المقاعد البرلمانية في هذه الانتخابات لا تعني ابداً نهاية الأمر بالنسبة للفصائل التي خسر ممثلوها داخل قبة البرلمان".
"لجان اقتصادية ووزارات سيادية ومنافذ حدودية ومولات وشركات عملاقة ومصارف، هذه مكاسب لن تتنازل عنها القوى السياسية التي خسرت انتخابات 2021 وخرجت بخفي حنين منها، فهذه اللعبة السياسية الكبيرة هي ما يجيدوه ولن يتخلوا عنها بسهولة ابداً، وستستمر عمليات الابتزاز حتى موعد الانتخابات المقبلة"، يقول الباحث السياسي علي.
المسيحيون: لا تفرطوا بالسلم الأهلي
ونتيجة تصاعد المواقف وارتفاع الخوف الشعبي من صدام أهلي محتمل، دعا بطريرك طائفة الكلدان في العراق والعالم، لويس ساكو، إلى "العقلانية والتهدئة".
وفي بيان قال ساكو إنه "من منطلقٍ وطنيٍّ وضميريّ، أتوجه اليكم بهذه الكلمات النابعة من محبتي وحرصي على الوطن والمواطنين، فبعد كل ما عانيناه، أرى أن الانسداد السياسي لا يخدم، لذا يتعين على السياسيين العودة إلى حوار الشجعان باعتماد العقلانية والتهدئة وعدم الشحن"، مضيفا: "العراق في أعناقكم".
وتابع "من حق الفائزين أن يفرحوا، لكن ليس من حقِّهم كسر الخاسرين، هذه ليست شيمة الفرسان، ومن يشعر بالغُبن عليه اللجوء إلى العدالة والقضاء وليس إلى السلاح".
وحذر ساكو من أن "التفريط بالسلم الأهلي والوحدة الوطنية وسلامة المواطنين خطيئة كبرى"، مؤكداً أن "الربح والخسارة سُنَّة الحياة، وبعد أربع سنوات تأتي انتخابات جديدة، فليتعلم الكل العِبرة، وليفهم السياسيون أنَّ عزوف أغلبية المواطنين عن التصويت يعبّر عن مدى إحباطهم".