المحايد/ ملفات
على الرغم من المساعي التي يبذلها نشطاء حقوق الإنسان والمنظمات المحلية التي تعنى بحقوق الطفل لحل مشكلة العنف الموجه ضد الأطفال، إلا أن هذه المشكلة لا تزال تواجه عقبات كثيرة، أبرزها إخفاق مجلس النواب العراقي في تشريع قانون حماية الطفولة، الذي من شأنه وضع التدابير الكفيلة بتوفير الحماية للأطفال ومنع حالات العنف الموجه ضدهم.
وتنامت في غضون السنوات القليلة الماضية حالات العنف الموجه ضد الطفل، وتنوعت أساليبها التي وصلت إلى حد التعذيب الجسدي على يد أولياء أمور الأطفال أو أقاربهم، بحسب ما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي من اعتداءات كان ضحيتها الأطفال من مختلف الأعمار.
ثقافة مجتمع
وتقول الناشطة في مجال الأسرة والطفلة نوال وهاب ، إن "حالات العنف الموجه ضد الطفل ترتبط إلى حد كبير بالثقافة العنفية التي باتت سائدة لدى شريحة كبيرة من الناس في مجتمعنا، حيث تقوم على إهانة الضعيف والصغير والحط من شأنهما، وإن هذه الممارسات متوارثة وفق صور راسخة في وعينا المجتمعي".
وتضيف، "من الصعب تغيرها عبر التشريعات والقوانين، برغم أهمية هذه المنظومة القانونية التي من المفترض أن توفر الحماية لكل من يتعرض إلى العنف بشكل عام".
وتشير وهاب إلى أن "مشروع قانون حماية الطفولة الذي طرح أمام مجلس النواب، وكانت مسودته النهائية قد أقرت من قبل المجلس على أمل التصويت عليها، واشتركت في إعداده جهات عديدة ضمت ممثلين عن مختلف الوزارات، إضافة الى مشاركة منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونسيف، إلا أن التقاطعات السياسية وغياب الإرادة التشريعية حالت دون إقرار القانون".
وطالبت الناشطة في مجال الاسرة والطفلة نوال وهاب الحكومة "بايجاد آليات ناجعة لرصد ومتابعة مرتكبي حالات العنف بحق الأطفال وتقديمهم إلى المحاكمة"، مضيفة أن "الأطفال في العراق بحاجة ماسة إلى الحماية وضمان حقوقهم، وتوفير بيئة آمنة خالية من العنف تتلائم مع تطوير قدراتهم وقابلياتهم".
وتبدي الناشطة مبدية استغرابها من "عجز الحكومات المتعاقبة عن إقرار تشريعات وقوانين تحمي الأطفال، وتجرم العنف بحقهم من قبل ذويهم برغم تصاعد تلك الحالات خلال السنوات الأخيرة".
تدابير للحد من العنف
وعزت سفيرة الطفولة في العراق زينة القرغولي أسباب ارتفاع العنف ضد الأطفال إلى "تراجع الأوضاع العامة في البلاد والتوتر السياسي والحروب وتراجع الأوضاع الاقتصادية التي شهدها العراق خلال السنوات الماضية، وبخاصة مع انتشار جائحة كورونا وما رافقها من إغلاق لمعظم المرافق العامة، وتعطيل المدارس والقيود المفروضة على الحركة، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على الأوضاع النفسية للفرد العراقي، ما ولد سلوكات عنفية كان لها الأثر الواضح على الأطفال".
بدوره، يبين المتحدث بأسم هيئة رعاية الطفولة المقدم ناصر عزيز أن "الهيئة اتخذت العديد من التدابير للحد من العنف الموجه ضد الأطفال من بينها، تخويل الممثل القانوني للهيئة باقامة الشكاوى ضد من يثبت تورطه بضرب أو تعنيف الأطفال بالاتفاق مع مجلس القضاء الأعلى".
ويضيف أن "وزير العمل والشؤون الاجتماعية عادل الركابي الذي يرأس هيئة رعاية الطفولة، وجه ممثلي الوزارات باتخاذ سلسلة من الاجراءات الرامية لحماية الأطفال من التعنيف".
دور البرلمان
وكان مجلس النواب في دورته التشريعية المنتهية قد أخفق في تشريع قانون حماية الطفولة، ورحل مشروع القانون إلى الدورة التشريعية القادمة".
وذكرت نائبة رئيس لجنة المرأة والاسرة والطفولة في مجلس النواب السابق انتصار الجبوري أن "المجلس كان يأمل إقرار قانون رعاية الطفل في دورته السابقة، إلا أن تأخر وصوله من الحكومة أدى إلى ترحيله للدورة المقبلة".
وأضافت الجبوري أن "القانون وصل إلى مجلس النواب قبل 3 أشهر من انتهاء أعماله"، مشيرة إلى أن القانون كان يتطلب قراءة أولى وثانية ولقاءات مع خبراء ومختصين ومنظمات مجتمع مدني ومنظمات دولية، وأن هذه المدة غير كافية لمناقشته والتصويت عليه خلال الدورة السابقة، فضلا عن انشغال غالبية النواب بالانتخابات التشريعية.
وتابعت الجبوري أن "العراق سبق له أن وقع على اتفاقية دولية لحماية الطفل والبروتوكولات الملحقة بها، التي تلزمه بأن تكون هنالك فقرات في القانون تجرم حالات الاعتداء على الأطفال، ومعالجة تسربهم من المدارس وإجبارهم على العمل".
وينص الدستور العراقي على حظر الاستغلال الاقتصادي للأطفال بصوره كافة، وتتخذ الدولة الإجراء الكفيل بحمايتهم، كما يمنع الدستور كل أشكال العنف الموجه ضد الأطفال والتعسف في الأسرة والمدرسة والمجتمع.