المحايد/ بغداد
عرض القضاء العراقي اعترافات سامي جاسم الجبوري نائب أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم الدولة الإرهابي، وقد كشف فيها عن العديد من الأسرار والمعلومات ونشاطات التنظيم خلال سيطرته على أجزاء من العراق في الفترة بين عامي 2014 و2017.
وأوضح بيان لمجلس القضاء الأعلى العراقي اليوم الأحد أن القبض على الجبوري جاء بعد عملية مخابراتية شاقة قادها ضباط عراقيون استمرت نحو 6 أشهر، إذ استُدرج عبر مدن أوروبية عدة، لينتهي أخيرا في قبضة جهاز المخابرات العراقي خارج الحدود، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
والجبوري لم يكن نائب البغدادي فحسب، بل كان أهم ركائز بناء التنظيم، و"رجل المال" الذي استغل احتياطيات النفط في كل من العراق وسوريا.
وعن سيرة الجبوري، أوضح البيان أنه من مواليد عام 1974 من قرية الشرقاط في محافظة صلاح الدين (شمالي العراق)، ويكنى بـ"حجي حامد" أو "أبو آسيا".
انضم عام 2004 إلى ما يسمى بـ"حركة التوحيد والجهاد" المتهمة بتنفيذ العديد من التفجيرات ضد القوات الأمنية ومواقع مدنية أيضا، ثم انضم للقاعدة إلى أن انتسب لتنظيم الدولة التي ترأس أهم مؤسساتها ودواوينها وأدار موازناتها المالية.
وخلال اعترافه تحدث الجبوري عن بيت المال ومسؤوليته في تجهيز مصروفات ضرب القوات الأمنية العراقية والسورية والمكافآت عن العمليات المفخخة، فضلا عن بيانه للتقسيمات الإدارية للتنظيم.
وخلال اعترافه، لفت الجبوري إلى أن البغدادي أمر بقتله عام 2013 لاتهامه بالعمل مع جبهة النصرة، إلا أنه بعد تدخل عدد من القيادات وتزكيته عفا عنه البغدادي وألحقه بمفصل المالية في ولاية نينوى وعينه جابيا للأموال.
وعن إعلان دولة الخلافة في يوليو/تموز 2014، قال الجبوري إن البغدادي حضر إلى الجامع النوري في الموصل مع عبد الله قرداش وعدد من القيادات، واعتلى المنبر معلنا نفسه خليفة للمسلمين.
وأضاف أنه بعد الإعلان غادر البغدادي إلى جهة مجهولة، وأصدرت القيادات بعد مغادرته توجيها بنصب السيطرة الأمنية في الولايات وبدء إنشاء الدواوين لعمل هيكلية إدارية للتنظيم، وإنشاء دواوين القضاء والجند والتعليم والصحة والدعوى والحسبة وبيت المال والركاز والزكاة والغنائم.
وأشار الجبوري إلى أنه خلال سيطرة تنظيم الدولة عُيّن مسؤولا عن ديوان الركاز المعني بإنتاج النفط وبيعه، لافتا إلى أن التنظيم كان يسيطر على حقلي القيارة وعلاس العراقيين وحقول التنك وعمر والشولة وصعيوة وكوناكو السورية.
وذكر أن النفط المنتج كان يباع للمعامل ومحطات التكرير الصغيرة، وأن جزءا منه كان يهرّب إلى الخارج، وجزءا يباع في السوق السوداء عبر ميناء ضمن الأراضي المسيطر عليها في سوريا بـ(180 دولارا) للطن الواحد.
ولفت إلى أن واردات التنظيم من بيع النفط بلغت أكثر من مليار وربع المليار دولار سنويا كانت تسلّم إلى ديوان بيت المال للتصرف بها.
وبيّن الجبوري في اعترافاته أنه كان على تواصل مستمر مع البغدادي، وأنه التقاه 3 مرات حتى عام 2016، مرتان في ولاية نينوى ومرة في سوريا.
وصرّح بأنه بعد مقتل المسؤول عن بيت المال أبو علي الأنباري بغارة أميركية عام 2016 عيّنه البغدادي أميرا لبيت المال، وصار مقربا وعلى تواصل مستمر مع القيادة العليا من خلال عمله بتوزيع موازنة الولايات ومتابعة الأمور المالية، ولفت إلى أنه عندما تسلم المسؤولية كان في الخزينة 250 مليون دولار و3 آلاف كيلوغرام من الذهب مخزنة وموزعة في منازل وأنفاق تحت إمرة عدد من منتسبي بيت المال، مشيرا إلى أغلبها من صادرات النفط والجزء الآخر من الغنائم المستحصلة من عمليات التنظيم والإتاوات والخطف.
وأضاف أنه أمر بسك عملة ذهبية، وأنه تم إصدار (دينار إسلامي) صنع من الذهب الخالص ليستخدم في التداول وعمليات البيع والشراء في الأراضي المسيطر عليها.
وقال إنه كان يتم تزويد منتسبي ديوان الجند بأكثر من 30 ألف دولار عن كل سيارة مفخخة.
وذكر أنه فرّ مع عدد من المقاتلين من القائم بعد هجوم للجيش العراقي متجها إلى سوريا حيث التقى هناك البغدادي وحجي عبد الله قرداش للتشاور على تنصيبه نائبا للأمير، وبُث إعلان داخل التنظيم بإعفائه من كل مناصبه تحسبا لإلقاء القبض عليه وذلك لامتلاكه جميع المعلومات الحساسة عن أفراد التنظيم وآلية عمله.
وتابع أنه عندما ضاقت الأمور عليهم في سوريا عام 2018 هرب العديد من مقاتلي التنظيم، وقال إنه أرسل زوجاته الأربع وأفراد عائلته إلى دولة مجاورة، وبعد مدة التحق بهم.
وعقب وصوله قام بإجراءات أمنية للتخفي بتغيير مظهره وشراء آلات خياطة كغطاء لعمله، خاصة بعد رصد مكافأة بقيمة 5 ملايين دولار لمن يقدم المساعدة في القبض عليه.