المحايد/ سياسي
أثارت دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لحل الفصائل المسلحة، وتخليص الحشد الشعبي من "العناصر المسيئة والمتجاوزة على هيبة الدولة"، ردود أفعال ممتعضة في أوساط قوى الإطار التنسيقي المعارض لنتائج الانتخابات الأخيرة، التي عدته سعيا إلى إقصاء أطراف مهمة من المشهد، بينما عده أنصار الصدر منهاجا حكوميا متقدما للسعي إلى حصر السلاح بيد الدولة.
وكبادرة للتأكيد على ما اشترطه في كلمته، أعلن الصدر وبعد يوم من دعوته لحل الفصائل، عن حل تشكيل لواء اليوم الموعد.
لكن مراقبين رأوا أن حديث الصدر وشروطه يأتيان بعد تراجع احتمالات حصول تغيير يذكر بالنتائج الأولية، وهو أمر لطالما أعلنت الجهات الخاسرة بالانتخابات رفضها له.
شروط الصدر القاسية -كما يصفها البعض- وضعت أطراف البيت الشيعي في الطرف الآخر من الإطار التنسيقي أمام قبوله بإشراكهم في تشكيل الحكومة المقبلة لا بد من نهج جديد لإدارة الدولة يقدمه في حال تولي تياره مهمة تشكيل الحكومة.
محددات هذا النهج وأطره بدت واضحة رغم كلمته المقتضبة التي أعلن فيها عدم الحياد عن حكومة الأغلبية إلا بقبول أطراف الإطار لمطالبه بحصر السلاح بيد الدولة وتصفية الحشد من العناصر التي وصفها بالمسيئة المصرة على الارتباط بالأحزاب السياسية رغم أنهم مطالبون بالتبعية للقائد العام للقوات المسلحة العراقية.
ويسعى الصدر لتحديد شكل العلاقة مع الدول الإقليمية، اذ يقدم رؤية لبناء الدولة العراقية الجديدة، ويطرح منهاجا حكوميا يضم آليات تخطط لبناء عراق جديد مستقل وبعيد عن التدخلات والتأثيرات الخارجية.
وإزاء دعوة الصدر، قال المسؤول الأمني لكتائب حزب الله العراقي أبو علي العسكري، "نرحب بخطاب تسليم أو حصر السلاح بيد الدولة لما له من إسهام في تجنيب الناس شرور الاقتتال الداخلي".
وأضاف العسكري، في تغريدة على تويتر، "أن تكون الجهة المطالبة.. هي من تشرع أولا في تسليم السلاح، وبالأخص الثقيل منه، وأن تنقل مسؤولية ما لديها من ألوية إلى قيادة الحشد الشعبي لغرض تنظيمهم وإبعاد غير المنضبطين منهم".
وليس بعيدا عن رأي الفصائل المسلحة فإن أطرافا في الإطار التنسيقي اعتبروا دعوة الصدر تهدف لإقصائهم من المشهد وتقسيم البيت الشيعي.
من جهته، اعتبر الأمين العام لـ"كتائب الإمام علي" شبل الزيدي في تغريدة على تويتر أن "الكتل المعترضة على نتائج الانتخابات ليست خاسرة ولديها من الأدلة والوقائع والشبهات والخروقات ما يكفي لإثبات عملية التزوير ولكنها تعاملت بعقلانية وحكمة وصبر واستخدمت الطرق القانونية والشرعية".
وأضاف: "لم نعمل أو نحاول هدم العملية السياسية أو القفز عليها بل إعادتها إلى جادة الصواب، ولو كان الأمر عكسيا وحصل التلاعب من جهات أخرى لكان الوضع مختلفا جدا".
وختم الزيدي بالقول "نحن بناة دولة وطلاب حق وما ضاع حق وراءه مطالب، ولن يفت عزمنا تكالب القوى المضادة ولا بياناتها ولا مباركتها بشرعية النصب والاحتيال الانتخابية".
وعلى إثر نتائج الانتخابات الأولية وتمسك الصدر بها وهي التي جعلت تياره بالمركز الأول بفوزه بـ73 مقعدا في البرلمان وتعطيه الحق بالكتلة البرلمانية الكبرى، ومن خلال التحالف مع قوى أخرى تشكيل حكومة أغلبية في مواجهة تجمع القوى الإطار التنسيقي الرافض للنتائج والمطالب بإعادة فرزها كلها يدويا.
وفي محاولة منها للخروج من الأزمة طرحت قوى الإطار تشكيل حكومة توافقية تضم جميع القوى السياسية.
ورأى مراقبون أن دعوة الصدر لحصر السلاح بيد الدولة في هذا التوقيت دعوة سياسية، مشيرا فيما أشاروا إلى أنها بالأساس مطلب جماهيري عام لإصلاح العملية السياسية.
وعد المراقبون أن إمكانية نزع الفصائل لسلاحها يعتمد على طبيعة الحكومة المقبلة، مبينون أنه "في حال تشكيل حكومة أغلبية قوية فإن الفصائل ستجد نفسها مضطرة لنزع السلاح والانضواء تحت جناح مؤسسات الدولة أو المواجهة معها".
ويعد التأثير الإقليمي في الوقت الراهن ليس في جانب الفصائل على اعتبار أن المسألة الحالية هي تنافس شيعي داخلي ومحلي وأن القوى الإقليمية غائبة جزئيا في الوقت الحالي على اعتبار دخولها بمفاوضات تسوية منعقدة حاليا لحل الخلافات الإقليمية والتهدئة الدولية.
وتأتي دعوة الصدر تأتي في وقت صعب يمر به العراق مع احتدام المشهد السياسي بعد الانتخابات الأخيرة وسط استمرار الاحتجاجات من قبل أنصار الإطار التنسيقي على أبواب المنطقة الخضراء وسط بغداد للمطالبة بإلغاء نتائج الانتخابات التي وصفوها بالمزورة.
في غضون ذلك، أعلنت أغلب الفصائل المسلحة في العراق عن حالة التأهب استعدادا لمهاجمة القوات الأميركية في حال عدم التزامها بسحب قواتها من العراق بنهاية الشهر المقبل، وإزاء ذلك أعلنت فصائل سيد الشهداء والنجباء وحزب الله العراقي والعصائب عن فتح باب التطوع استعدادا لاحتمال عدم الانسحاب الأميركي.