المحايد/ ملفات
يوماً بعد يوم، تنكشف ملفات فساد إضافية على القيادي في تحالف عزم، مثنى السامرائي، الذي استحوذ على طباعة الكتب المدرسية منذ أكثر من عشر سنوات، لتكشف الأيام، أنه كان يطبع الكتب التكفيرية لعصابات داعش الإرهابي، خلال سيطرة التنظيم على بعض المحافظات العراقية.
المعلومات الجديدة عن طبع الكتب التكفيرية، كشفها رئيس مؤسسة النهار للثقافة والإعلام حسن جمعة، حين نقلها عن مصدر أمني، كان يعمل في وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية، التابعة لوزارة الداخلية.
وقال جمعة في مقابلة متلفزة، تابعها "المحايد"، إن المصدر الأمني "اتصل عليَّ عندما كان محمد الغبان وزيرا للداخلية، وقال إن مطبعة في منطقة البتاويين جاءت عليها مجموعة وأغلقتها، وأصدر لي أمراً بأخذ صاحب المطبعة وفتحها".
ويضيف المصدر، بحسب جمعة: "لم أكن أعرف الشخص صاحب المطبعة، حتى سألته عن هويته، فأجاب: أنا مثنى عبد الصمد، فأخذته معي بالسيارة، وفتحت المطبعة، ليتبيّن فيما بعد، أن حارس المطبعة إرهابي".
ويكمل المصدر الأمني حديثه قائلاً: "أبلغني أحد عناصر حمايتي، بأن الحارس إرهابي داعشي من بيت ماما في الشواكة، فقدمت ثاني يوم واعتقلته وأخذته للوكالة.. وبعد التحقيق، تبيّن أن المطبعة تطبع كتباً تكفيرية وتذهب إلى صلاح الدين والموصل والأنبار، على أساس أنها كتب مدرسية، لكنها تابعة لداعش"، ليؤكدَ جمعة، قائلاً إن "السامرائي كان يعمل على الجهتين، فتارة يطبع للحكومة، وأخرى يطبعها لداعش الإرهابي".
وقبل ذلك، قال جمعة، إنه ليس هناك شخص قادر على إيقاف فساد القيادي في تحالف عزم مثنى السامرائي واستحواذه على وزارة التربية، مشيراً إلى أن "السامرائي خاوى الدنيا كلها ولا احد يستطيع إيقاف فساده واستحواذه على وزارة التربية".
وأضاف، أن "السامرائي أصبح رجل مافيا ولا يستطيع أحداً من وزارة التربية أو هيئة الرأي فيها فتح ملف طباعة الكتب"، مؤكداً أن "هذه الشخصية السياسية استغلت نفوذها واستخدمت أموالها في رشوة المسؤولين بوزارة التربية بهدف الاستمرار بعقد طباعة الكتب الدراسية".
وناشد جمعة رئيس مجلس القضاء فائق زيدان للتحقيق بعقد طباعة المناهج الدراسية، مشيراً إلى أن "آلاف العمال في المطابع الأهلية فقدوا عملهم بسبب مطابع السامرائي التي استحوذت على عقود مع الجهات الحكومية".
ورغم مرور عدة أسابيع على بدء العام الدراسي، إلا أن غالبية مدارس البلاد لم تتسلم الكتب الدراسية، بالتزامن مع نقص كبير في مقاعد المدارس التي يعود إليها الطلاب بعد نحو عامين من الانقطاع بسبب جائحة كورونا، ما يضطر الأهالي إلى شراء مقاعد بلاستيكية ليجلس عليها أطفالهم في المدرسة.
والتحق أكثر من 11 مليون طالب وطالبة في محافظات العراق بمقاعد الدراسة بداية الشهر الماضي، لكن وزارة التربية قسّمت الطلاب في أغلب المدارس إلى مرحلتين بسبب قلة عدد المدارس الجاهزة، خاصة في المدن التي شهدت أعمالا عسكرية دمرت فيها الكثير من المدارس.
ولم تفسر وزارة التربية أسباب تأخير توزيع الكتب المدرسية على الطلاب حتى الآن، باستثناء تصريح مقتضب للمتحدث باسم الوزارة، حيدر فاروق، برر فيه التعثر بالعودة للدراسة بعد انقطاع، وقلة المخصصات المالية.
في المقابل، بادر مواطنون إلى تجهيز مدارس أبنائهم بالمستلزمات، ومن بينها إنارة الصفوف الدراسية، وتوفير مقاعد دراسية، إضافة إلى رفع النفايات، وتنظيف ساحات المدارس، كما أطلق ناشطون حملات شعبية في عدة مدن لنسخ الكتب وتوزيعها على الطلاب بالمجان حتى يتمكنوا من مواكبة الدراسة.
وقالت مصادر داخل الوزارة، إن أحد السياسيين المتنفذين يحتكر طباعة الكتب الدراسية من خلال سلسلة مطابع يمتلكها، وإنه السبب في تأخر وصول الكتب، مؤكدة أنه تم إعلان أن العام الدراسي الحالي سيكون حضوريا من قبل وزارة الصحة وخلية الأزمة الصحية مبكرا، وكانت تنبغي متابعة طباعة الكتب قبل بدء الدراسة.
وتطال شركة الوفاق التي يمتلكها القيادي في عزم مثنى السامرائي اتهامات بالاستحواذ على ملف طباعة الكتب وتجهيز المدارس، ويرى مراقبون أن هناك فسادا، وتعمد تخريب للتعليم الحكومي حتى تنتعش المدارس الأهلية، وغالبيتها مملوكة لجهات سياسية.
ويعاني العراق من نقص عدد الأبنية المدرسية، والنقص يبلغ نحو عشرة آلاف بناية، وهذه جريمة بحق الطلاب، كما أن هناك تعمدا في عملية تكرار تغيير المناهج حتى تعاد طباعة الكتب كل عام، وتذهب ملايين الدولارات إلى جيوب أصحاب المطابع، وكل هذا سببه الفساد المستشري في الوزارة، وكثير من المدارس متهالك، وبعضها عبارة عن كرفانات لا تتوفر فيها أبسط مقومات التعليم.
ويقول محمد عبد، وهو والد إحدى الطالبات في بغداد، إن ابنته تسلمت نصف الكتب، وكانت قديمة، والنصف الآخر لم يتم تسليمه حتى الآن، وإنه اضطر لشراء بقية الكتب من السوق السوداء، متسائلا "إن كانت مدارس العاصمة هكذا، فما حال مدارس المحافظات النائية؟.
وعانى القطاع التعليمي في العراق إهمالاً كبيراً من قبل الحكومات المتعاقبة، حيث لا يتم إنشاء مدارس جديدة، ولا ترميم القديمة، وعلى الرغم من وعود الحكومات بالحد من الفساد المتفشي في وزارة التربية، إلا أن المشاكل قائمة وتتفاقم.