على امتداد أكثر من 90% من مساحة محافظة المثنى البالغة أكثر من 50 ألف كيلومتر مربع، تقع صحراء السماوة، التي تربط جنوب العراق بالحدود السعودية.
وعلى طول هذا الخط، تحولت الصحراء من مقصد داخلي وخارجي للصيد والسياحة، مع وجود بحيرة ساوة، إلى مراكز لانتشار الجماعات المسلحة وخطوط التهريب بين الداخل والخارج.
ولم تنجح كل العروض الاستثمارية التي قدمت من قبل شركات عالمية عدة، لتحويل بادية السماوة الهائلة، إلى مشاريع كبرى زراعية وصناعية وثروة حيوانية (تضم 18 مليون دونم صالح للزراعة والمراعي)، بسبب سطوة الأحزاب على قرار الحكومة المحلية.
ويؤكد عضو مجلس محافظة المثنى طالب الميالي، أن الاستكشافات الجيولوجية عثرت في بادية السماوة ولأول مرة على طبقات من أحجار المرمر وحقول نفطية كبيرة وكميات هائلة من المياه الجوفية تقدر بعشرين مليار متر مكعب، وهي جميعها قريبة من سطح الأرض، مما يجعل استثمارها غير مكلف.
ولعل أبرز الأحداث التي شهدتها بادية السماوة، اختطاف الصيادين القطريين الذين جاؤوا براً إليها، لصيد طائر الحباري، لكنهم تحولوا إلى رهائن استغلتهم جهات داخلية وخارجية وخصوصاً إيران، لتحويل مسار الصراع الدائر في سوريا.
وفي منتصف ديسمبر 2015، قام مسلحون يستقلون عجلات رباعية الدفاع، بأخذ 28 شخصا من أسرة آل ثان القطرية، كانوا يشاركون في رحلة صيد جنوب العراق.
وبعد أكثر من عام على اختطافهم، وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، وافقت قطر على دفع فدية كبيرة لإطلاق سراحهم، وتقاضت هذا المبلغ جماعات وأشخاص تصفهم الولايات المتحدة بأنهم "إرهابيون".
فيما اجريت تغييرات ومفاوضات بخصوص بلدات عدة في سوريا، مقابل إطلاق سراح المخطوفين.
هذا القصة شكلت نقطة تحول للكثير من هواة الصيد والتخييم في الصحراء.
يقول فياض حكيم، وهو مستثمر محلي، "لا نفكر أبداً بالاستثمار في بادية السماوة، رغم ما تحتويه من كنوز طبيعية على اتساع صحرائها، فقد تحولت إلى مراكز ثابته لمجاميع مسلحة، تسيطر على خطوط تهريب المخدرات والأسلحة والثروة الحيوانية، من وإلى العراق".
ويوضح: "أي مستثمر أجنبي، يعرف تماماً حجم التهديد الذي يتعرض له، حيث لا وجود للدولة فيها، ورغم كل العمليات العسكرية ووجود جهاز مكافحة الإرهاب لفترات طويلة في البادية، إلا أنها خاضعة لأحزاب مسلحة تفرض سطوتها التامة على مداخلها ومخارجها غير الرسمية".
وتشير التصريحات الحكومية، إلى وجود خطط لتطوير صحراء السماوة، وتحويلها لمناطق زراعية، لكنها تواجه "مخاطر كبيرة"، أبرزها الابتزاز والفساد، ومحاولة التضييق على الشركات مقابل عدم الوصول إلى مناطق معينة فيها.
ويقول مصدر أمني تحفظ الكشف عن اسمه، إن "عصابات تهريب المخدرات تستغل المساحات الواسعة والفراغات الأمنية على طول الحدود العراقية والحدود مع المحافظات في عمليات تهريب المخدرات".
"وبادية السماوة تحتاج إلى طيران مكثف واستخدام الأقمار الصناعية لمراقبتها ومتابعتها، ونشر فرق جوالة بآليات تسهل لهم التنقل بين الهضاب والوديان، التي تستغلها بعض العصابات لتكون مراكز للتجارة بالمواد المخدرة وبيع الأسلحة".