المحايد/ سياسة
تشير التقارير الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة إلى أن العراق يفقد آلاف الدونمات سنوياً بسبب بسبب التصحر وشح المياه وعجز الحكومات المتعاقبة على إنشاء سدود جديدة توفر خزيناً مائياً يسد الحاجة.
ويفقد العراق 100 ألف دونم من أراضيه الزراعية، دون أي معالجات حقيقية حتى الآن، بينما يستمر العمل بالطرق البدائية في الري.
ويعاني البلد منذ عقود من أزمة مائية تفاقمت بعد قطع إيران كل وارداته، فيما تؤكد تصريحات لوزارة الموارد المائية، أن واردات الأنهر العراقية من الجانب الإيراني وصل أدنى مستوياتها.
وتسببت المشاريع التركية المائية بإنشاء السدود على منابع نهري دجلة والفرات داخل أراضيها، أهمها سد أليسو، بحدوث نقص شديد في كميات المياه الداخلة إلى العراق.
ويجري منذ سنوات العمل على إنشاء سد مكحول في محافظة صلاح الدين، ويستمر العمل لبناء سد بادوش في محافظة نينوى، إلى جانب مجموعة من الخزانات المائية الكبيرة.
وخلال 2021، أعلنت وزارة الزراعة تقليص المساحة الزراعية في العراق إلى النصف بسبب شح المياه، معلنة أيضاً خروج ديالى بالكامل من الخطة الزراعية، فيما جاءت السيول والأمطار الاخيرة كبشرى لموسم زراعي أفضل من السابق، وفقاً لتصريحات وزارة الزراعة.
وجاء في تقرير صادر عن الأمم المتحدة، أن العراق يفقد سنوياً 100 ألف دونم من أراضيه الزراعية بسبب التصحر، مؤكداً أن موضوع التصحر لا توجد له معالجات حقيقية حتى الآن.
ويؤكد وزير الموارد المائية رشيد الحمداني في "تصريحات"، أن "موجات السيول الأخيرة التي ضربت محافظات أربيل والسليمانية ودهوك، والثلوج وموجات الأمطار أسهمت بزيادة الخزين الإستراتيجي المائي".
لكن في الوقت نفسه، هناك نقص في الخزين المائي في سد الموصل وسد العظيم وسد دوكان، وسد دربندخان الذي يمثل مصدر أساسياً لإرواء المساحات الزراعية في محافظات الوسط.
وعن زيارته الأخيرة لمحافظة السليمانية، يوضح الحمداني أن "سد دربندخان يعاني من انخفاض حاد وصل 50%، بسبب قطع إيران لكل الواردات المائية لهذا السد المهم، كما تم الاطلاع على العمل الجاري في تصدعاته بعد تعرضه لهزة أرضية خلال 2021".
ويوضح الحمداني أيضا أن "هناك زيادة بلغت نحو 800 متر مكعب في مناسيب نهر دجلة في منطقة القيارة بمحافظة نينوى، ما سيعزز الخزين المائي ويعطي مرونة في إيصال الإيرادت المائية إلى المستفيدين".
وحسب الوزير، يوجد في العراق العراق 19 سداً أنشئت في ستينات القرن الماضي، ولا تتناسب سعتها وحجمها مع الانفجار السكاني اليوم.
آنذاك، كان عدد سكان العراق لا يتجاوز 10 ملايين نسمة، في حين يقدّر حاليا بـ40 مليون نسمة، ما يتطلب مزيداً من الخطط الإستراتيجية لإيجاد خزين مائي يسد حاجة البلاد للسنوات المقبلة.
ويشير الحمداني إلى أن العراق يسعى لإنشاء نحو 10 سدود وتحويلها إلى خزانات للمياه، بغية سد النقص في الاحتياجات المائية.
ويلفت إلى وجود 12 توصية خرج بها مؤتمر "أبسو لسلامة السدود"، الذي عقد في مبنى سد الموصل، يسعى العراق إلى تطبيقها، منها العمل على إنشاء قاعدة بيانات موحدة تحت سيطرة وزارة الموارد المائية.
ويتحتم على العراق أيضا إنجاز سد مكحول الشمالي المخطط له أن يكون بطاقة 3 مليارات متر مكعب، بالإضافة لسد القاطعة في منطقة البيشة بمحافظة البصرة، لإنقاذ مياه المحافظة من اللسان الملحي المتمدد.
ويقول الوزير إن طاقة خزن سد مكحول تبلغ 3 مليارات متر مكعب. ويتوقع أن تستوفى منظومة السدود بالكامل حال اكتمال السد.
وبدوره، يقول مدير عام الهيئة العامة للسدود والخزانات في وزارة الموارد المائية كاظم سهر إن "حجر الأساس لسد مكحول تم وضعه في شهر أبريل 2021، وهو سد إستراتيجي ضخم يقع على عمود نهر دجلة للسيطرة على المياه القادمة من الزاب الأعلى".
ويضيف أن "طاقة السد الخزنية سترافقها محطة توليد طاقة كهربائية لإنتاج 260 ميغاواط".
يضاف ذلك إلى ارتفاع درجات الحرارة درجتين وانخفاض المتساقطات بنسبة 9% بحلول العام 2050، وفق صالح.
ويقول الحمداني في "تصريحات"، إن "العراق حاليا لديه على كل نهر سد، كنهر ديالى حيث يوجد سدان، ودربندخان وحمرين، وإذا تمكنا من إكمال سد مكحول سنكون استوفينا الطاقات المتاحة لنا من حيث الخزن والتنظيم واستوفينا منظومة السدود بالكامل".
"وهذا من شأنه إنهاء ما يدور من قلق يخص تعرض العراق لأزمة مائية كبرى خلال الأعوام القليلة القادمة"، يتابع الحمداني.
وخلال لقائه مع السفير الأميركي لدى العراق ماثيو تولر، بحث الحمداني واقع الموارد المائية في العراق على الصعيدين الداخلي والخارجي والتحديات التي يواجهها العراق بهذا الصدد، فيما أبدى السفير الأميريكي استعداد حكومته تقديم الدعم في مجال تطوير الخبرات في تنفيذ السدود والمشاريع الإروائية وخصوصا سد الموصل وكافة مشاريع الوزارة الاخرى".
وعن وجود تقارير مقلقة من تعرض العراق لأزمة جفاف حادة خلال السنوات المقبلة، لفت الوزير إلى وجود خطط استباقية سنوية لتعزيز المياه الواردة من خلال السيول الاخيرة للبلاد والأمطار الساقطة في الجزء الشمالي والشرقي والشمالي الشرقي حيث تم توجيهها الى سدود الموصل ودوكان ودربندخان والعظيم لتعزيزالخزين المائي للبلاد.
ويشير مؤشر الاجهاد المائي إلى أن العراق قد يكون خاليا من المياه عام 2040 وقد تظهر عليه ملامح الجفاف عام 2025، لذا يدعو الحمداني إلى إيجاد قانون خاص لمكافحة التصحر والحد منه، لأن العراق يحتاج 14 مليار شجرة حتى يكون بمساحات خضراء واسعة.
حذّر البنك الدولي، الأربعاء، من أن العراق قد يشهد انخفاضا بنسبة 20% في موارده المائية بحلول العام 2050 مع استمرار ظاهرة تغير المناخ، مشيرا إلى الانعكاسات السلبية خصوصا على النمو والتوظيف.
ومؤخراً ناقشت اللجنة الوطنية العليا للمياه برئاسة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أوضاع المياه في عموم العراق وحالة الخزين في السدود والاستخدامات المتوقعة عبر الخطة الزراعية المقرة، فضلاً عن ملف المياه الدولية مع الدول المتشاطئة مع العراق في الأنهار.
وأصدرت قراراً بالموافقة على انعقاد مؤتمر بغداد الدولي الثاني للمياه في الخامس من مارس المقبل، ثم يصبح مؤتمراً سنوياً.