المحايد/ بغداد
قبيل ثلاثة أيام من جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، دعا زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، اليوم الجمعة، النواب لعدم التصويت لمرشح رئاسة الجمهورية غير المستوفي للشروط، حتى وإن يكن من الديمقراطي الكردستاني.
وقال الصدر في تغريدة له: "إذا لم يك مرشح الحزب الديمقراطي الحليف - بل مطلقاً - لرئاسة الجمهورية مستوفيا للشروط، فأدعو نواب الاصلاح لعدم التصويت له"، مضيفاً: "فنحن دعاة اصلاح، لا دعاة سلطة وحكم".
وتسخن المنافسة بين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، حول منصب رئيس الجمهورية، على خلفية رفض الديمقراطي الكردستاني ترشيح الرئيس المنتهية ولايته ومرشح الاتحاد برهم صالح لولاية ثانية، في مقابل إصرار الاتحاد الوطني على مرشحه ورفض الحديث عن شخصية توافقية، الأمر الذي دفع حزب بارزاني إلى ترشيح وزير الخارجية والمالية الأسبق هوشيار زيباري إلى منصب الرئيس.
وتبدو حظوظ زيباري في الوصول إلى "قصر السلام" (مقر الرئاسة في بغداد) أكبر من منافسه صالح، معتمداً على تحالف ثلاثي داعم لانتخابه يتكون من نحو 200 نائب استطاع اختيار رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي لولاية ثانية في التاسع من شهر يناير (كانون الثاني) الماضي.
وكانت رئاسة البرلمان قد حددت يوم 7 فبراير (شباط) موعداً لعقد الجلسة الثانية لمجلس النواب، المقرر أن تشهد اختيار رئيس الجمهورية، من بين 25 مرشحاً منهم صالح وزيباري.
ووفق نظام المحاصصة المعمول به في العراق، يكون منصب رئيس الجمهورية للكرد، ومنصب رئيس مجلس الوزراء للشيعة، ومنصب رئيس مجلس النواب للسنة.
وقد حاز الاتحاد الوطني الكردستاني هذا المنصب خلال الدورات السابقة، إذ شغل ثلاث شخصيات تنتمي له منذ الانتخابات البرلمانية الأولى في 2005، هم جلال الطالباني لدورتين، وفؤاد معصوم، وصالح.
وحددت المحكمة الاتحادية طريقة انتخاب رئيس الجمهورية، باقتراع الثلثين، وفي حال عدم الفوز يصار إلى اختيار المرشح الذي يحصل على أعلى الأصوات.
وقال القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني آسو فريدون أن كتلته تراهن على علاقاتها الطيبة بالكتل السياسية، وعلى الحس الوطني للنوابن في التصويت لصالح.
وأضاف فريدون، أن "لدى مرشح الحزب الديمقراطي تحالفاً سياسياً، ولكن ليس بالضرورة أن تنتج الجلسة الثانية لمجلس النواب النتائج نفسها التي جاءت شهدتها الجلسة الأولى"، موضحاً أن "الحزب مطمئن على أن التصويت سيكون نابعاً من الأمانة المُلقاة على عاتق أعضاء مجلس النواب".
وأكد فريدون وجود "قيادات مهمة من الاتحاد الوطني الكردستاني في بغداد، من ضمنهم قوباد طالباني، لإجراء حوارات مع الكتل السياسية"، مشيراً إلى "وجود علاقات طيبة بين قادة الاتحاد والأحزاب كلها، لا سيما أن الاتحاد قدم مرشحين بارزين لمنصب رئيس الجمهورية كان أولهم جلال الطالباني".
ولفت فريدون إلى أن "مرشحي الاتحاد لمنصب رئيس الجمهورية طوال السنوات الماضية كانوا ملتزمين بالدستور ومحافظين على استقلاله"، معرباً عن أمله "سماع أخبار طيبة لمصلحة انتخاب برهم صالح لولاية ثانية".
وعن آلية تقاسم السلطات في إقليم كردستان واحتمال حدوث خلافات بعد انتخاب رئيس الجمهورية في البرلمان، يقول فريدون إن "الحزبين الرئيسين يستنبطان قوتهما من الدعم داخل الإقليم، سواء من السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية أو أصوات الناخبين". ويذكر أن "الاتحاد يقود جزءاً من هذه السلطات وجزءاً من الحكومة، وتربط الحزبين التزامات مشتركة تمثل المصلحة العامة لمواطني الإقليم، والجميع ملتزم بالدفاع عن هذه الحقوق الدستورية".
وأشار إلى وجود عُرف بين الحزبين الكرديين، هو أن يكون منصب رئاسة الجمهورية مقابل منصب رئاسة الإقليم، لافتاً إلى أن "الحزبين لن يضحيّا بعلاقتهما داخل الإقليم، والكل سيتقبل النتائج".
من جهته، رأى القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، عبد السلام برواري، أن "حظوظ مرشحه زيباري كبيرة للحصول على منصب رئيس الجمهورية، لا سيما في ظل تصويت الحلفاء في مجلس النواب".
وأضاف برواري، أن "الدستور يسمح لكل عراقي بالترشح لمنصب رئيس الجمهورية، وإذا تمت عملية اختيار الرئيس سيرجع الديمقراطي والاتحاد إلى الإقليم لإدارة شؤونه وتقاسم السلطات هناك".
وتابع أنه في "انتخابات 2018، دخل الاتحاد الوطني الكردستاني المنافسة على منصب رئيس الجمهورية، وكان حلفاؤه يمثلون الأكثرية في مجلس النواب، وفي الدورة الحالية وخلال انتخاب رئاسة مجلس النواب أثبتت العكس". وقال إن "الاتحاد الوطني لم يصوت لمرشح السنة لرئاسة البرلمان، ولم يصوت لمرشح الجانب الشيعي للنائب الأول، ولم يصوت للمرشح الكردي، وهذه الجهات، ومنها التيار الصدري ملتزمة بالتعليمات، ولن تصوت لمرشح الاتحاد برهم صالح، إلا إذا حدث أمر ليس في الحسبان، لأن في العراق كل شيء متوقع".
ولفت إلى أن "حصول زيباري على منصب رئيس الجمهورية سيعني ذهاب منصب رئيس الإقليم إلى الأعلى أصوات في برلمان الإقليم".
وأكد أن "الاتحاد الوطني يرغب في الحصول على منصب رئاسة الجمهورية كأمر معنوي له، وليشرح لجمهوره أنه حصل على منصب سيادي".
بدوره، رأى الصحافي الكردي ياسين طه أن "التنافس الرئيس سيدور بين المرشحين صالح وزيباري، وسيذهب البرلمان لجولة ثانية".
وأضاف طه، أن "لكل من المرشحين بعض الحظ في نيل الأغلبية لما يمتلكانه من خبرات في العملية السياسية بعد عام 2003، إلا أن التحالفات ستحسم التصويت، وهذا متوقف على ترتيبات حزبيهما مع الأطراف العراقية الأخرى من المكونين الشيعي والسني"، لافتاً إلى أن "العروض وتبادل المصالح والضغوط لها دور في العملية".
وتابع أن "في إمكان (الديمقراطي الكردستاني) حسم رئاسة الجمهورية لمصلحة زيباري عبر التحالف الثلاثي الذي انتخب رئاسة البرلمان، لكن تداعيات هذه الخطوة على الساحة الداخلية الكردية ما زالت محل بحث ونقاش وتخمينات في الوسط الكردي"، مشيراً إلى أن "الأنظار تتجه لحلحلة محتملة للانقسام قبل حلول الموعد النهائي للاستحقاق".
وفي شأن مصالح الحزبين في الإقليم ومدى تأثرهما بالتصويت في بغداد. يقول طه، إن "الحزبين يمتلكان منطقتي نفوذ وأجهزة أمنية وألوية مسلحة ومنشآت اقتصادية، وهما يتقاسمان الحكم في الإقليم بشكل عملي كل حسب منطقته الجغرافية ونفوذه وقوته بنسب متفاوتة، بعد أن كانت معادلة مناصفة تنظم علاقتهما".
ورجح طه حدوث "مزيد من القطيعة الإدارية والسياسية على الرغم من كون الحزبين الكرديين بحاجة كل إلى الآخر، في ملفات داخلية واستحقاقات مقبلة مثل دستور الإقليم وتنظيم العلاقة مع بغداد وسن قانون جديد لانتخابات الإقليم المزمع إجراؤها في نهاية العام الحالي وإيجاد صيغة لوضع كركوك"، لافتاً إلى أنه "من الصعوبة بمكان تحديد التداعيات الآنية السريعة، خصوصاً أن الحزبين تجاوزا في 2018 آثار الانقسام بعد أشهر من الشد والجذب تحت ضغط المصالح المتشابكة وحاجتهما إلى العمل المشترك".