المحايد/ أمني
تلقي أحداث عنف وقعت مؤخراً بظلالها على مدينة العمارة، مركز محافظة ميسان التي باتت في الآونة الأخيرة مسرحاً لتصفية الحسابات السياسية والعشائرية وتجارة وتهريب المخدرات.
وشهدت المدينة اغتيالات في وضح النهار استهدفت قضاة وضباطا في الشرطة وقياديين في فصائل مسلحة نافذة، فيما تحوّلت المحافظة الواقعة على الحدود مع الجارة إيران، إلى مركز لتجارة المخدرات وتعاطيها، بحسب القوات الأمنية.
في بلد ينتشر فيه الفساد على نطاق واسع، وكذلك الأسلحة والفصائل المسلحة ونفوذ العشائر، تجد القوى الأمنية نفسها في مواجهة تحديات خطيرة، لا سيما عندما تتضافر المشاكل. فأي نزاع عشائري قديم قد يعود فجأة إلى الواجهة مع تصاعد خلافات سياسية أو في إطار الصراع للسيطرة على شكل من أشكال التهريب.
وأمر رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، الذي زار المحافظة مؤخراً، بتشكيل قيادة عمليات خاصة بميسان والشروع بتنفيذ خطة أمنية فيها وتغيير قياداتها الأمنية.
وأسفرت تلك العملية الأمنية لملاحقة "تجار المخدرات ومثيري النزاعات العشائرية" في ميسان عن توقيف عشرات المطلوبين، بينهم بتهم إرهاب، حتى الآن.
وقال الكاظمي مؤخراً خلال جلسة لمجلس الوزراء "أمامنا خياران: إما الدولة وإما الفوضى التي يريد البعض تكريسها".
وتزايدت في السنوات الأخيرة تجارة المخدرات وتعاطيها في العراق، خصوصا في جنوب ووسط البلد الذي بات طريقاً أساسياً لتهريب وتجارة المخدرات، لا سيما مادة الكريستال.
في ديسمبر، أعلنت مديرية مكافحة المخدرات بوزارة الداخلية أن "محافظتي البصرة وميسان تحتلان المرتبة الأولى بالتهريب والتعاطي في المحافظات الجنوبية".
ومطلع فبراير، تعرض قاض مختص بقضايا المخدرات للاغتيال على أيدي مسلحين بينما كان عائداً إلى منزله بسيارته، في قضية أحيت الجدل بشأن العنف في ميسان. وتجري القوات الأمنية يومياً مداهمات في المحافظة.
ويقول قائد عمليات ميسان اللواء الركن محمد جاسم الزبيدي إن "هذه المحافظة حدودية وهي طريق لتهريب المخدرات".
ويضيف: "نستولي على عدد من الأسلحة والأعتدة يومياً"، مشيرا إلى أن "خطتنا مستمرة وتستمر لحين فرض الأمن والنظام في هذه المحافظة"، ومعتبراً في الوقت نفسه أن "الأوضاع باتت هادئة نسبياً".
قائد عمليات ميسان اللواء الركن محمد جاسم الزبيدي
ويؤكد الشيخ كريم الحسني، أحد وجهاء العشائر البارزين في المحافظة، وجود "تعايش سلمي" في المحافظة، رافضا الانتقادات الموجهة الى العشائر. لكنه يقول إن أحد "أكبر مشاكل" المحافظة هو منفذ الشيب الحدودي مع إيران.
وتتنافس الفصائل المسلحة والأحزاب السياسية على السيطرة على المعابر الحدودية في العراق.
ويقول الشيخ بينما يجلس في قاعة الاستقبال بمنزله مرتدياً زيا عربيا وكوفية سوداء، "حصلت أمور كثيرة في السابق بالمنفذ"، فيما "يفترض بهذا المنفذ أن يعود بالفائدة على ميسان والعراق لا أن يكون منفذ صراع".
ويقرّ ضابط يعمل في منفذ الشيب الحدودي مع إيران ورفض الكشف عن اسمه خشية التعرض لتهديدات، بوجود "تنافس من أجل السيطرة على منفذ الشيب بين أبناء العشائر وكذلك بين عناصر مسلحة تابعة لفصائل مسلحة".
ويضيف: "يقوم هؤلاء كذلك بتهديد العاملين في المنفذ بالقتل عند كشفهم عن مواد مهربة مثل المخدرات ومواد غذائية منتهية الصلاحية".
ويشهد العراق منذ أشهر الماضية، عقب إعلان نتائج الانتخابات الأخيرة التي جرت في أكتوبر، توترات سياسية حادة رافقتها أعمال عنف، فيما رفضت أطراف سياسية نتيجة الانتخابات.
وزادت تصفية الحسابات السياسية الوضع تعقيداً في بلد ترتبط فيه غالبية التيارات السياسية بفصائل مسلحة. وفي يناير، عثر على قيادي في التيار الصدري مقتولاً.