محلي / ملفات 7-04-2022, 12:05
قد يبدو مشهد العنف الأسري غير غريب أو جديد في إقليم كردستان. فهنا زوجة تعنّف من قبل زوجها، وهناك طفل مكبل بالسلاسل من قبل أبيه، في مشاهد قاسية باتت تتكرر بين الحين والآخر، ومن ثم يتم تناسيها مع مرور الزمن.
لكن الأمر تجاوز التعنيف الأسري التقليدي المتمثل بتعنيف زوج لزوجته، أو ضرب أب لابنه أو ابنته، ليضيف على قائمة التعنيف الأسري مسمى جديداً وهو "العنف ضد الرجل من قبل النساء".
وفي التفاصيل، يعاني مئات الرجال في إقليم كردستان سنوياً من تعنيف أسري على يد زوجاتهم، لتصل بعض الحالات إلى التعنيف النفسي والجسدي والجنسي، وسط تحركات لتعديل قانون الأحوال الشخصية للتقليل من نسبة تلك الحالات وعددها.
في عام 2021، سجّل "اتحاد رجال كردستان" أكثر من 500 حالة تعنيف أسري ضد الرجال، أدت إلى انتحار 68 رجلاً خلال العام المذكور، حسب الاتحاد.
الاتحاد فصّل عدد ونوع حالات التعنيف التي واجهها رجال في إقليم كردستان في 2021، حيث بلغ عدد حالات قتل الرجال من قبل النساء بمعاونة أشخاص آخرين 6 حالات، فيما بلغ عدد طرد الرجال المسنين من المنزل على يد زوجاتهم 31 حالة، وبلغت حالات الخيانة الزوجية التي تنضوي تحت يافطة التعنيف الأسري ضد الرجال 47 حالة.
ويضيف الاتحاد: "سجّل إقليم كردستان 8 حالات تعنيف جسدي ضد الرجال في 2021، و199 حالة تدخل لأهل الأسر في حياة الزوجين، فيما بلغت حالات التعنيف المتمثلة بالضغط النفسي والجنسي 11 حالة، وبلغت حالات الاستيلاء على راتب الرجل 6 حالات، و219 حالة تعنيف ضد الرجال تمثلت بالاستيلاء على الأطفال أو حرمان الأب من رؤية طفله".
وسجلت محافظة السليمانية 28 حالة انتحار لرجال جرّاء التعنيف الأسري، فيما جاءت أربيل في المرتبة الثانية بواقع 24 حالة، ودهوك ثالثاً بواقع 9 حالات، ومحافظة كركوك التي تقع تحت رصد الاتحاد أيضاً، بـ5 حالات، ومدينة حلبجة بحالتين، بحسب رصد الاتحاد.
بلغ عدد حالات قتل الرجال من قبل النساء بمعاونة أشخاص آخرين 6 حالات.
رئيس الاتحاد برهان علي فسّر لـ"ارفع صوتك" أسباب بروز حالات تعنيف الرجال على يد زوجاتهم في إقليم كردستان قائلاً إن "السبب في ذلك يعود إلى تردي الوضع الاقتصادي وتأثيرات الحالة المادية داخل الأسرة في إقليم كردستان، فضلا عن وقوف قانون الأحوال الشخصية في إقليم كردستان إلى جانب الزوجة على حساب الزوج، وبذلك أصبح الرجل ضحية للقانون والوضع الاقتصادي في إقليم كردستان"، كما يقول.
وحسب برهان علي، فإنه "في حال نشوب مشكلة أسرية بين الزوج وزوجته، القانون يضمن للمرأة حقها، وهذا أمر عادل إذا كان القانون ضامناً لحق الرجل أيضاً. لكنه مع الأسف لم يضمن حقوق الرجل في هذا الصدد".
خشية من التفشي
ولفت "اتحاد رجال كردستان" إلى أن "موضوع تعنيف الرجال ليس بظاهرة متفشية في كردستان، لكننا نخشى من أن يكون ظاهرة مستقبلاً، خاصة أن التعنيف وصل إلى الجسدي والجنسي والنفسي، وبدأ يؤثر على بنوية الأسرة الكردية".
وأشار علي إلى أن "بعض النساء مطالبهن كثيرة. فدائما ما يطلبن كميات من الذهب والأكسسوارات وتبديل أثاث المنزل بشكل دوري، وهذا يولد ضغطاً نفسيا على الرجل، كون الأمر لا يتناسب وحجم الأزمة المالية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد. وهنا نقول أن بعض النساء لا يقدرن وضع الرجل الاقتصادي، وهذا بحد ذاته تعنيف أسري يقع تحت مسمى التعنيف النفسي".
وعن طبيعة عمل الاتحاد وموقفه إزاء حالات التعنيف ضد الرجال، يقول رئيس الاتحاد: "المشاكل الأسرية التي تسجل كشكوى في المحكمة تحتاج إلى مصاريف محاماة. والاتحاد يوفر المحامي بتكاليف مدعومة وبسيطة".
ويضيف: "الشكوى الشخصية في المحاكم تحتاج إلى مصاريف تصل إلى 600 دولار أميركي، بينما نحن نوفر في الاتحاد محامياً بقيمة 200 دولار أو أقل دعماً للرجال الذين يتعرضون للتعنيف".
ويوضح برهان علي: "في عام 2020 كانت عدد الحالات أكثر، حيث بلغت 553 حالة، فيما بلغ عدد حالات انتحار الرجال جرّاء التعنيف الأسري 91 حالة".
قانون "غير منصف"
وختم رئيس اتحاد رجال كردستان قائلاً: "نحتاج إلى تغيير قانون الأحوال الشخصية بإقليم كردستان، وجعله منصفاً للرجل والمرأة. وهذا الأمر يقع على عاتق السلطة القضائية، وذلك من خلال إجراء دراسات مستفيضة لتغيير القانون وجعله حيادياً ضامناً لحق الزوج والزوجة لمنع حصول مثل هذه المشاكل".
روناك علي الناشطة في مجال حقوق الإنسان رجحت حصول حالات تعنيف ضد الرجال في كردستان بأرقام أكبر من التي أعلنها اتحاد رجال كردستان، وذلك بسبب التخوّف من "الفضيحة" تماشياً مع العرف الاجتماعي.
تقول علي "التقرير ذكر تسجيل 521 حالة.. لكن حقيقة في واقع الحال، هناك أرقام أكبر ونسب غير مدوّنة كونها لا تصل إلى مركز الشرطة والمنظمات الحقوقية لأسباب شخصية تعود إلى الرجال المعنفين. وأتوقع وصول تلك الأرقام إلى 3 آلاف سنوياً".
"الشكوى في المحاكم تحتاج إلى مصاريف تصل إلى 600 دولار أميركي، بينما نحن نوفر في الاتحاد محامياً بقيمة 200 دولار"، يقول رئيس اتحاد رجال كردستان.
واستبعدت الناشطة حصول تعنيف ضد الرجال على نطاق إقليم كردستان العراق فحسب، قائلة: "هذه الحالات لم تحصل فقط في إقليم كردستان بل حتى في باقي المحافظات العراقية الأخرى، تم تسجيل حالات تعنيف ضد الرجال لكن ليس بطريقة رسمية. وهناك نساء قتلن أزواجهن باستخدام السلاح الأبيض وغيرها من الأدوات، ومواقع التواصل الاجتماعي شاهدة على ذلك. لكن إقليم كردستان فيه جهة منظمة للدفاع عن حقوق الرجل وترصد الحالات الأمر الذي جعله بارزاً في تسجيل حالات التعنيف ضد الرجال على يد أزواجهم".
وحسب روناك علي، فإن "في المناطق الجنوبية من العراق خشية وترددا من التشهير، وهو ما يحول دون تسجيل شكوى من قبل الرجل الذي يتعرض للتعنيف على يد زوجته".
وتعلل الناشطة أسباب ارتفاع حالات التعنيف الأسري بشكل عام إلى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي "بشكل غير صحيح"، حيث باتت بعض مواقع التواصل "منفذاً لنشر ثقافات لا تتماشى والعادات والتقاليد العراقية"، فضلا عن وجود "علاقات تواصل اجتماعي غير شرعية"، خاصة أن هذا بات سهلاً ويتكاثر بشكل سريع جداً، حسب تعبيرها.
تقول: "الخيانة الزوجية أصبحت نسبها مرتفعة مع الأسف في العراق، وسجلت أرقاماً مخيفة. وهنا لا نتحدث فقط عن خيانة الرجال لزوجاتهم، بل باتت النساء أيضاً يمارسن الخيانة الزوجية، وكل هذه الحالات التي نخشى أن تصبح ظاهرة سائدة، تقع تحت مسمى الاضطهاد الزوجي".
وتضيف: "هذه الحالات مجتمعة مع الأزمة الاقتصادية ولدت تخوفاً لدى بعض العوائل من تزويج أبنائهم، وذلك خشية من انتهاء تلك العلاقة الزوجية بالتشتت والضياع، خاصة مع تكرار حالات قتل الزوجات لأزواجهم وبالعكس".