المحايد/ محلي
حذرت تقارير صحفية عالمية من تعرض المباني التاريخية في العراق إلى الضرر نتيجة التغيرات المناخية التي يشهدها العالم، والتي سببت شحاً بالمياه والجفاف واربفاعاً في معدلات الملوحة والتربة.
وأفادت صحيفة الغارديان البريطانية، إن "الأضرار التي تلحق بالمباني التاريخية في العراق سببها ظاهرة التغير المناخي، حيث يتسبب شح المياه والجفاف بارتفاع معدلات الملوحة في التربة، فيما تساهم العواصف الرملية في تآكل المواقع وآثار الحضارات العراقية القديمة".
وأضافت، أن "أقدم المباني في العالم الموجودة في العراق تتعرض للدمار بسبب التغير المناخي، إذ يتسبب ارتفاع تركيز الأملاح بتآكل حجارة الطوب المستخدمة في المباني، بينما تتسبب العواصف الرملية في تآكل هذه العجائب القديمة".
وأوضحت الصحيفة البريطانية، أن "العراق معروف بأنه مهد الحضارة حيث ولدت الزراعة وشيدت بعض أقدم المدن في العالم على غرار العاصمة السومرية أور، كما تم وضع الكتابة المسمارية التي تعتبر نظام الكتابة الاول في العالم".
ونقل التقرير عن أستاذة علم الآثار في بلاد ما بين النهرين في جامعة كامبريدج البريطانية اوغستا مكماهون، قولها؛ إن "العراق لديه عشرات الالاف من المواقع التي تعود الى العصر الحجري القديم وصولا إلى العصور الاسلامية".
وحذرت مكماهون بحسب التقرير من أن "الضرر الذي أصاب مواقع مثل بابل الأسطورية سيخلق فجوات في معرفتنا بالتطور البشري، وتطور المدن الأولى، وحكم الامبراطوريات، والتغيرات التي حصلت في المشهد السياسي في الحقبة الاسلامية".
ولفت تقرير الصحيفة إلى أن "بلاد ما بين النهرين، غنية بالملح بشكل طبيعي في التراب والمياه الجوفية"، مشيرا الى "النصوص المسمارية تتحدث عن مهنة جامع الملح وعن كيفية استخدام الملح في أمور كثيرة من حفظ الطعام الى الرعاية الصحية والطقوس الدينية".
وذكّر التقرير بـ"وجود مقولة سومرية مفادها؛ ان ضرورات الحياة الاساسية هي الخبز والملح إذ تقول انه (إذا مات رجل فقير فلا تحييه عندما كان لديه خبز، لم يكن لديه ملح وعندما كان لديه الملح، لم يكن لديه خبز".
ويتابع أنه "يمكن للملح في التربة ان يساعد علماء الآثار في بعض الاحيان، الا انه من الممكن ايضا ان يكون مدمرا للمواقع التراثية"، معتبراً أن "القوة التخريبية للأملاح تتزايد مع ارتفاع نسبتها في ظل شح المياه الذي تسببت به السدود التركية والايرانية، بالاضافة الى سوء إدارة الموارد المائية والزراعة داخل العراق والمستمرة منذ سنوات".
واوضح التقرير ان "ازمة المناخ تعزز مشكلة الملوحة، موضحا ان العراق يواجه سخونة متزايدة والجفاف، حيث تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن متوسط درجات الحرارة السنوية سيتزايد بمقدار درجتين مئويتين بحلول العام 2050 مع ازدياد الأيام التي تسجل فيها درجات حرارة تزيد عن 50 درجة مئوية".
وفي الوقت نفسه، فإن معدل هطول الأمطار سيتراجع بنسبة تصل إلى 17٪، كما ستتزايد العواصف الرملية والترابية بمعدل الضعف، من 120 سنويا الى 300، في حين أن مياه البحر ترتفع وتحمل الاملاح الى التربة العراقية، وأنه في غضون اقل من 30 سنة، قد تكون هناك اجزاء من اراضي جنوب العراق قد غمرتها مياه الخليج.
وتابع التقرير أن "من بين الأماكن التي تعرضت لضرر بالغ هي مدينة بابل، عاصمة الامبراطورية البابلية، والمعترف بها من قبل منظمة اليونسكو"، مشيرا الى ان "الملح يكسو حجارة طينية عمرها 2600 عام، متحدثا عن انهيار في قواعد الجدران في معبد عشتار، آلهة الحب والحرب عند السومريين".
وبالاضافة إلى ذلك، هناك مواقع متضررة في سامراء، التي كانت بمثابة عاصمة العصر الإسلامي، حيث أن مئذنتها الحلزونية تتآكل بسبب العواصف الرملية. كما أن المعبد الأبيض في مدينة أم العقارب السومرية يتضرر الى جانب قصرها ومقبرتها التي تبتلعها الصحراء.
وختم التقرير بالاشارة الى ان العراق خسر هذا العام جزءا من تراثه الثقافي، والمتمثل ببحيرة ساوة الواقعة على حافة الصحراء على بعد 150 كيلومتر الى الجنوب من بابل، حيث صار هناك طبقة من الملح حلت مكان البحيرة، مشيرا إلى أنه كانت موطنا لما لا يقل عن 31 نوعا من أنواع الطيور بما فيها مالك الحزين الرمادي والبط المعرض للانقراض، لكن البحيرة اصبحت الان جافة بشكل كامل بسبب الاستخدام المكثف للمياه من المزارع المجاورة بالاضافة إلى ظاهرة التغير المناخي.