"
توفيت الطفلة زينب حيدر، يوم الجمعة الماضية، في مستشفى الصدر بمدينة الكوفة في محافظة النجف بعد محاولات كثيرة لإنقاذ حياتها.
وكانت زينب البالغة من العمر تسعة أعوام، وتدرس في المرحلة الرابعة الابتدائية، أدخلت المستشفى يوم الاثنين 11 أبريل/ نيسان بعد تعرضها لضربات عنيفة تلقتها من والدها على الرأس ما تسبب في تهشم بالجمجمة وكسر أسنانها وفقدانها للوعي.
ويقول خال الضحية زينب الذي يقول إنه "منذ شهرين تقريباً، والأب يردد على مسامع زوجته وابنته الطفلة الضحية أن البنت عار، وستكبر يوماً وتجلبه له. لذا فمن الخطأ أن تبقى البنت في البيت".
والأب حيدر نعمة من مواليد عام 1974، وكان يدير محلاً لبيع الأطعمة، لكنه اضطر لإغلاقه والعمل في مسطر لعمال البناء.
ويستغرب إباء من ارتكاب حيدر لهذه الجريمة البشعة. يقول: "إنها المرة الأولى التي تتعرض الطفلة للضرب من قبل والدها والأخيرة، لأنه لم يحدث أن قام بتعنيفها بيوم من الأيام".
ويستبعد إباء تعاطي الأب لأية منبهات أو مخدرات أو أنه كان تحت أي تأثير ليلة الحادث.
ويقول: "القانون سيأخذ حقنا الشخصي، لوجود الأدلة والاعترافات".
وتنص المادة 406 من قانون العقوبات العراقي على عقوبة الإعدام من قتل نفساً عمداً إذا كان القتل مع سبق الاصرار أو الترصد.
لكن في نظر إباء القضية أكبر من ذلك أيضا. "كل يوم يسمع عن حادثة زينب في البلاد. الكثير من الأطفال وخاصة الفتيات مصيرهم لا يختلف عن مصير زينب من حيث التعنيف والقتل لعدم وجود قوانين تحمي الطفولة والأسرة".
وحسب خال الطفلة، فإن المتهم قال في التحقيقات في الإفادة الأولى بعد إلقاء عليه أن فكرة قتل ابنته زينب راودته عصر يوم الحادث، وهو في طريقه لشراء الخبز حيث اشترى عصا غليظة (توثية) تستخدم في الزراعة وخبأها بالقرب من باب المنزل.
ويقول إباء إن المتهم اعترف بأنه "كان مصراً على قتل ابنته خشية أن تكبر وتلحق به العار".
لكن الجاني عاد وغير إفادته الأولى أمام القاضي بعد توكيل محام ليؤكد أنه "لم يكن ينوي ارتكاب الجريمة، وأنه شاهد ابنته نائمة وفكر بالتخلص منها، وأنه يعاني من مرض نفسي ويشعر بالندم من فعلته هذه"، وفق تعبير إباء.
والطفلة ميار عمر، تعاني من كسر في الجمجمة، ونزيف بالدماغ، فضلاً عن أثار تعذيب وحروق على جسدها.
وذكر مدير عام شرطة كركوك العميد كاوة غريب، في تصريح صحفي أن "الطفلة تبلغ عامين، وتعرضت للتعذيب من قبل والدها وزوجته، وقمنا باعتقال الأب"، موضحاً أنه "ما زلنا في التحقيقات الأولية، لكن من الجانب الإنساني سنضعها تحت مراقبتنا وعنايتنا".
وفي جريمة أخرى، سّجلت خلال آذار الماضي، أعلنت شرطة قضاء المدائن، عن مقتل فتاة 16عاماً، على يد والدها في قضاء المدائن جنوب شرق العاصمة بغداد، مشيرة إلى أن الحادثة تأتي بذريعة "غسل العار".
القانون العراقي
أعادت حادثة الطفلة زينب الحديث عن أزمة القوانين مثل قانون مناهضة العنف الأسري وقانون الحضانة في البلاد، وسط مطالبات بتشريع قوانين من شأنها حماية الأطفال والحفاظ على حقوقهم.
وتعتقد المحامية عواطف حسون إن أية عقوبة لن تكون كافية "لأن حياة زينب ضاعت كما حياة كثيرات مثلها تحت مسميات القبلية والشرف والعار وغير ذلك".
وتقول إن "زينب ضحية المجتمع نتيجة عاداته العشائرية المتوارثة، وضحية كل مسؤول عن عدم سن القوانين التي تحمي الطفولة والأسرة".
وتضيف أن "على مجلس النواب الإسراع بالتصويت على مشروع قانون مناهضة العنف الأسري، لأنه الحل الوحيد قانونياً في ردع كل من يحاول تعنيف أطفاله وتحت أية مسميات أو حجج".
وقانون مناهضة العنف الأسري مرفوض من بعض الأحزاب الدينية في الكتل السياسية، لأنه يضع مبرراً كما تدعي تلك الأحزاب لمخالفة تعاليم الدين الإسلامي، وتركيبة الأسرة العراقية المحافظة، بحسب المحامية.