لا أحد ينسى المدعو علي حاتم السليمان، الذي صعد منصات "الفتنة" قبل العام 2014، واصطف مع عصابات داعش الإرهابية التي قتلت آلاف الشباب العراقيين، وسبيَت النساء، وهدّمت المباني.
السليمان، ووفق ما أكده مراقبون سياسيون عبر القنوات التلفزيونية، أنه كان "متواجداً في طهران لمدة ثلاثة أشهر"، قبل أن يعلن عن عودته إلى العراق برعاية من الإطار التنسيقي، الذي يريد بهذه المحاولات ضرب أمن المناطق السنية وتهديدها مجدداً، بخلافات سياسية، حسب تحليلات الخبراء السياسيين.
وأثارت عودة السليمان ورافع العيساوي، جدلاً شعبياً واسعاً، في محاولة للضغط على رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، لترك حليفيه الصدر وبارزاني، وعدم الاصطفاف معه في صف واحد وإبعاد الإطار التنسيقي عن الحكومة.
وقرر زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، منح مهلة 40 يوماً للإطار التنسيقي، من أجل تشكيل الحكومة من دون الكتلة الصدرية، إلا أن تشكيل الحكومة بقي متروكاً، ولجأت الأطراف السياسية المناهضة للصدر، إلى استقطاب شخصيات متهمة بالإرهاب.
السليمان الذي كان متهماً بالإرهاب، وهدد أكثر من مرة بإسقاط الحكم في بغداد، تحوم اتهامات عودته حول حلفاء طهران، على الرغم من نفيها التدخل في هذا الملف، إلا أن سياسيين مقربين من الإطار التنسيقي تحدثوا عن "تأديب الحلبوسي"، من خلال جلب شخصيات متهمة بالإرهاب، لمنافسته في مناطقه.
ويرى مراقبون أن خطوة إعادة السليمان والعيساوي تمثل "محاولة يائسة" من أطراف الإطار التنسيقي لاستهداف "الحلقة الأضعف" داخل التحالف الثلاثي والمتمثلة في القوى السنية، بعد أن أخفق حلفاء طهران في إقناع الصدر بالعودة إلى تفاهمات "البيت الشيعي".
ولا يعد اتهام حلفاء طهران بالضلوع في عودة السليمان إلى بغداد مفاجئاً للأوساط الشعبية، إذ سمحت الميليشيات الموالية لإيران عام 2018 بعودة السياسي السني البارز خميس الخنجر قبيل الانتخابات، وقد دخل ضمن تحالف "البناء" الذي كان يمثل الجناح البرلماني الرئيس لموالي إيران.
وفي إطار الحديث عن ضلوع "الإطار التنسيقي" في صفقة لإعادة السليمان إلى بغداد، قال النائب السابق عن محافظة الأنبار، عبد الله الخربيط، في مقابلة متلفزة، إن "علي حاتم السليمان بالتأكيد قد ضغط واستخدم حلفاءه وأصدقاءه وقوى الإطار التنسيقي للعودة".
ويعتقد مراقبون أن الإطار التنسيقي يحاول استهداف ما يعتقد أنه "الخاصرة الرخوة" في تحالف "إنقاذ وطن" المتمثلة في القوى السنية، ضمن مساعيها لاستقطاب الصدر مرة أخرى إلى تفاهمات "البيت الشيعي" كممر وحيد لتشكيل الحكومة المقبلة.
ورغم ما يمتلكه العيساوي والسليمان ثقلاً سياسياً وعشائرياً في محافظة الأنبار التي تعد المعقل الرئيس للحلبوسي، فإنهما بلغة الأرقام البرلمانية لا يمتلكان أي ثقل، وهو الأمر الذي يبدو أنه لن يكون مؤثراً على الحراك السياسي القائم.
وحول ذلك، يقول المتخصص في الشأن السياسي سعدون شيحان، "لا يمكن الحكم على تفكك التحالف الثلاثي لمجرد توقف مؤقت في تحقيق الاستحقاقات الدستورية الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء"، مضيفاً أن التحالف لا يزال متماسكاً، "إذ تستمر أقطابه الرئيسة بإعلان تمسكها بمشروعها ابتداءً بالحلبوسي، وليس انتهاءً بقيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني".
وفي شأن عودة العيساوي والسليمان، يشير شيحان إلى أنهما "لم يعودا يمتلكان تأثيراً داخل المشهد السني سياسياً واجتماعياً"، لافتاً إلى أن أبرز ما يمتلكانه يتمثل بكونهما "أوراق ضغط يستثمر بها خصوم التحالف الثلاثي إعلامياً لتحقيق بعض المكاسب في الحكومة المقبلة".
ولعل ما يضعف إمكانية أن تمثل عودة زعامات سنية قديمة إلى المشهد السياسي ضربة للتحالف الثلاثي يتمثل بلغة الأرقام، بحسب شيحان. ويضيف أن "امتلاك الحلبوسي ثاني أكبر كتلة برلمانية بعد التيار الصدري، وشغله منصب رئيس البرلمان العراقي يعرقلان قدرة الحرس القديم على تسليط ضغط على التحالف الثلاثي".
ويعتقد شيحان أن تلك الخطوة تأتي ضمن مساعي الإطار التنسيقي إلى "خلق صراعات محلية داخل الأجواء السنية من أجل كسب الوقت، خصوصاً بعد عجز حلفاء طهران عن استقطاب أي طرف من أطراف تحالف إنقاذ وطن".
ويختم بأن ما حفز أطراف الإطار التنسيقي على لعب ورقة تفكيك تحالف السيادة هو "اقتراب مهلة الصدر على النهاية مع عدم إحراز حلفاء إيران أي تقدم في مفاوضاتهم مع الأطراف المختلفة"، مضيفاً أن تلك الخطوة "ستزيد تمسك الكتل السنية الرئيسة بتحالفاتها مع الكتلة الصدرية والحزب الديمقراطي الكردستاني".
في السياق ذاته، يرى رئيس "مركز التفكير السياسي" إحسان الشمري، أن الكتل السنية تعد "الحلقة الأضعف داخل التحالف الثلاثي"، وهو الأمر الذي يعزز احتمالية أن تكون عودة زعامات سنية إلى المشهد السياسي من جديد "خطوة لضرب التحالف الثلاثي".
وعلى ما يبدو، ووفق ما يرى مختصون، فإن ورقة السليمان قد احترقت، وجعلت أعضاء التنسيقي يدعون إلى محاسبته، ما يمثّل انشقاقاً داخل الإطار الذي قد لا يستطيع مجابهة الصدر وحلفائه.
ويتفاعل مراقبون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ساخرين من إعادة السليمان، بالقول: "يمكن راح يجيبون ابو بكر البغدادي وره السليمان، حتى يحققون اللي يريدونه"، فيما كتب آخر: "هو شبقى عدهم، الهاشمي، وعزت الدوري، ورغد، وتكمل الوضعية، وكلهم يرجعونهم، حتى النوب هذول الرجعوا يطردون الجابوهم لإيران".