المحايد/ سياسي
يشهد العراق منذ أسابيع، شلل في مؤسساته، نتيجة اعتصامات أنصار التيار الصدري داخل المنطقة الخضراء، في وقت تستمر في الأزمة السياسية التي اندلعت مع إعلان نتائج الانتخابات الأخيرة التي جرت العام الماضي.
ورغم أزمة التظاهرات التي تشهدها المنطقة الخضراء، إلا أن الإطار التنسيقي ما زال متمسكاً بمحمد شياع السوداني مرشحاً إلى رئاسة الوزراء، في ظل رفض زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لتشكيل حكومة من الإطار واستمرار مسار العملية السياسية من دون الكتلة الصدرية.
وفي أول تدخل دولي رسمي لإنهاء الأزمة السياسية في العراق، بادرت الممثلة الأممية جينين بلاسخارت بلقاءات واجتماعات مع الفرقاء السياسيين لإيجاد صيغة حل تضع حداً للصراع القائم بين الاطراف السياسية.
وتحول الشروط المتباعدة بين طرفي الأزمة، خصوصاً في ما يتعلق بالمضي في خيار حل البرلمان والذهاب نحو انتخابات مبكرة، دون أن تجد أي من أفكار الوساطات المحلية والخارجية طريقها إلى النجاح.
وتضع قوى "الإطار التنسيقي"، التحالف السياسي المدعوم من طهران في العراق شروطاً أمام قبولها حل البرلمان والذهاب إلى انتخابات مبكرة، بحسب مطالب التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، والذي ما زال الآلاف من أنصاره يعتصمون داخل المنطقة الخضراء، ضمن محيط مبنى البرلمان الذي أعلن عن تعليق عمله إلى إشعار آخر.
وفي حراك واسع هو الأول من نوعه لبعثة الأمم المتحدة في العراق، منذ بداية الأزمة السياسية في البلاد والتي تدخل شهرها العاشر منذ إجراء الانتخابات التشريعية في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، أجرت رئيسة البعثة جنين بلاسخارت في الأيام الأخيرة سلسلة لقاءات مع قيادات سياسية شيعية، أبرزها مقتدى الصدر في النجف، وهادي العامري زعيم تحالف "الفتح" في بغداد، بغية تهيئة أجواء حوار جديدة بين التيار الصدري وقوى "الإطار التنسيقي".
وكانت مصادر سياسية مطلعة عن أن "مبادرة المبعوثة الأممية تتركز على دعم إجراء الانتخابات المبكرة التي يريدها الصدر، لكن وفق اتفاق سياسي على موعدها ومن يديرها وبأي قانون".
لكن هذه المهمة تبدو معقدة، خصوصاً في ظل الشروط المتباعدة بين طرفي الأزمة. وفي السياق، قال عضو بارز في التيار الصدري، وهو أحد النواب الذين قدموا استقالتهم من البرلمان أخيراً، إن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، تلقى موقفاً جديداً من قوى "الإطار التنسيقي"، كمبادرة لحل الأزمة السياسية، تنصّ على تشكيل حكومة مؤقتة يكون رئيسها بالتوافق ما بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، وتكون مهمة الحكومة إجراء الانتخابات المبكرة في موعد لا يتعدى شهر سبتمبر/ أيلول من عام 2023، ولتسيير أمور البلاد، خصوصاً مسألة إقرار موازنة العام الحالي والمقبل، لكن هذه المبادرة رفضها الصدر.
ولفت العضو في التيار الصدري إلى أن "الأزمة تكمن في عدم وجود ضامن لأي اتفاق مع قوى (الإطار التنسيقي)، خصوصاً مع تاريخ غير مريح من الاتفاقيات والتفاهمات التي تنصل منها أعضاء هذا التحالف سابقاً".
وأشار إلى أن الصدر "رفض فتح أي قنوات تواصل مباشرة مع قادة الإطار التنسيقي، وهو مصر على موقفه في حل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة خلال سنة واحدة من الآن، على أن تجري العملية الانتخابية بإشراف حكومة مصطفى الكاظمي".
وأضاف أنه "لا يوجد أي انفراج في الأزمة وقد تطول أكثر من المتوقع، وهذا يعني استمرار الصدريين في الاعتصام المفتوح داخل المنطقة الخضراء، وهذا الاعتصام لن يُفَض إلا بعد اتخاذ موقف رسمي من حل البرلمان وتحديد موعد الانتخابات المبكرة، خصوصاً أن هذا التوجه له قبول كبير لدى بعض الأطراف السياسية المختلفة، حتى ضمن الإطار التنسيقي نفسه".
وبلغت حدّة التصعيد بين طرفي الصراع في العراق، ذروتها، الاثنين الماضي، خلال تظاهرات شعبية من قبل الطرفين في بغداد، رافقتها إجراءات واستنفار أمني غير مسبوق، خشية وقوع صدامات بين أنصار الجانبين، قبل طلب "الإطار التنسيقي" من أنصاره الانسحاب، على الرغم من نصبهم خياماً واسعة أمام المدخل المؤدي للمنطقة الخضراء.
ويجري ذلك في ظل دعوة قوى سياسية عراقية عديدة إلى إجراء انتخابات مبكرة، كحل لإنهاء الأزمة الحالية ومنع تطور الخلافات، فيما يتحرك رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لعقد اجتماع يضم الأطراف كافة لوضع حل للأزمة الحالية، التي انعكست على الشارع.