أكدت القوى السياسية في العراق، عقب اجتماع دعى إليه رئيس حكومة تصريف الأعمال، مصطفى الكاظمي، الأربعاء، على تغليب المصالح الوطنية والحوار لمعالجة الأزمة السياسية، بعد توتر شهدته العلاقة بين التيارات التابعة للإطار التنسيقي والتيار الصدري مؤخرا.
وبحسب البيان الصادر عن رئاسة الوزراء، عقب الاجتماع الذي حضرته ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين بلاسخارت، خرج المجتمعون بخمس توصيات اتفقوا فيها على "التزامهم بالثوابت الوطنية، وإيجاد حل لكل الأزمات من خلال الحوار وباعتماد روح الأخوّة والتآزر، حفاظاً على وحدة العراق وأمن شعبه واستقراره، وديمومة النظام الديمقراطي الدستوري الذي يحتكم إليه الجميع، والتأكيد على تغليب المصالح الوطنية العليا، والتحلي بروح التضامن بين أبناء الوطن الواحد؛ لمعالجة الأزمة السياسية الحالية".
ووفقا للبيان، الذي نقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية "واع" نسخة منه، أشار المجتمعون إلى "أن الاحتكام مرة جديدة إلى صناديق الاقتراع من خلال انتخابات مبكرة ليس حدثاً استثنائياً في تأريخ التجارب الديمقراطية عندما تصل الأزمات السياسية إلى طرق مسدودة، وأن القوى السياسية الوطنية تحتكم إلى المسارات الدستورية في الانتخابات".
كما "دعا المجتمعون الإخوة في التيار الصدري إلى الانخراط في الحوار الوطني، لوضع آلياتٍ للحل الشامل بما يخدم تطلعات الشعب العراقي وتحقيق أهدافه".
واتفقوا أيضا "على استمرار الحوار الوطني؛ من أجل وضع خريطة طريق قانونية ودستورية لمعالجة الأزمة الراهنة".
واختتم البيان بالدعوة إلى "إيقاف كل أشكال التصعيد الميداني، أو الإعلامي، أو السياسي، مؤكدين ضرورة حماية مؤسسات الدولة والعودة إلى النقاشات الهادئة بعيداً عن الإثارات والاستفزازات التي من شأنها أن تثير الفتن". مناشدين "وسائل الإعلام والنخب بدعم مسار الحوار الوطني، والسلم الاجتماعي، بما يخدم مصالح" الشعب العراقي.
وأتى الاجتماع في قصر الحكومة بدعوة من الكاظمي، الثلاثاء، "للبدء في حوار وطني جاد"، كما ورد في بيان الثلاثاء، بعد ساعات من إعلان الزعيم الشيعي مقتدى الصدر عن تأجيل تظاهرة حاشدة.
وبعد 10 أشهر من الانتخابات التشريعية، لا تزال القوى السياسية عاجزة عن الاتفاق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتشكيل حكومة جديدة.
وارتفع مستوى التصعيد بين كل من التيار الصدري والإطار التنسيقي منذ أواخر يوليو، مع تبادل الطرفين الضغط في الشارع وفي التصريحات، دون أن تتطور الأمور إلى عنف.
وينفذ مناصرو الصدر، منذ 30 يوليو، اعتصاماً في باحات البرلمان العراقي، بينما باشر مناصرو الإطار التنسيقي اعتصاماً مضاداً على أسوار المنطقة الخضراء قبل خمسة أيام.
ويطالب التيار الصدري بحلّ البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة، مقابل مطالبة الإطار التنسيقي بتشكيل حكومة وعودة انعقاد البرلمان.
ويضمّ الإطار التنسيقي خصوصاً كتلة الفتح البرلمانية الممثلة لفصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران وكتلة رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي، الخصم التاريخي للصدر.
ودعا الكاظمي في بيان "من منطلق المسؤولية الوطنية المشتركة التي تجمع العراقيين على مبدأ حفظ وحدة العراق، وأمنه، واستقراره"، "الإخوة قادة القوى السياسية الوطنية إلى اجتماع وطني في قصر الحكومة يوم غدٍ الأربعاء للبدء في حوار وطني جاد".
وأضاف أن هدف اللقاء هو "التفكير المشترك" من أجل "إيجاد الحلول للأزمة السياسية الحالية، والانغلاقات الراهنة في نطاق الدستور وعلى أرضية المصلحة الوطنية العليا، وبما يسهم في تهدئة التصعيد الحالي".
دعوات للتهدئة
وأتى طلب الكاظمي لعقد الاجتماع، بعد ساعات من إعلان الصدر عن تأجيل تظاهرةٍ حاشدة دعا تياره لتنظيمها، السبت، في بغداد "حتى إشعار آخر". وقال الصدر في تغريدة الثلاثاء: "إن كنتم تراهنون على حرب أهلية فأنا أراهن على الحفاظ على السلم الأهلي وإن الدم العراقي غالٍ".
وأضاف "أعلن تأجيل تظاهرة يوم السبت إلى إشعار آخر... لكي أفشل مخططاتكم الخبيثة ولكي لا أغذي فسادكم بدماء العراقيين"، مطالباً المعتصمين في الوقت نفسه بمواصلة اعتصامهم.
والإثنين ليلاً، دعت اللجنة المنظمة لاعتصام الإطار التنسيقي أيضاً إلى تظاهرة لم تعلن موعدها.
في الأثناء، أطلق هادي العامري، رئيس تحالف الفتح وأحد فصائل الحشد الشعبي، دعوات للتهدئة والتواصل.
والتقى العامري، الثلاثاء، ببلاسخارت وبحث معها "سبل معالجة الأزمة الراهنة واستمرار دعم الجهود الوطنية المبذولة لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء لمعالجة الانسداد السياسي القائم منذ عدة شهور"، وفق بيان.
من جهة ثانية، قدّم وزير المالية العراقي، علي علاوي، الثلاثاء، استقالته من منصبه في الحكومة المكلّفة تصريف الأعمال، وقبِل رئيس الوزراء هذه الاستقالة وكلّف وزير النفط، إحسان عبد الجبار، بمهام الوزارة، بحسب بيان ختامي لجلسة مجلس الوزراء.
وأشار علاوي في نص استقالته إلى أن "الحكومة مكبلة بالصراع السياسي المستشري خاصة هذه الأيام بين القوى السياسية والضغوط التي تمارس على صانعي سياسات الحكومة في الوزارات المختلفة ومنها السياسة المالية في وزارة مالية"، وفق البيان الذي تلاه الناطق باسم مجلس الوزراء ووزير الثقافة، حسن ناظم.