المحايد/سياسي
لا يكف رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي عن محاولات "العودة للسلطة"، بأي ثمن كان، ولا يتوانى عن الذهاب نحو أي خيار يعيده لمنصبه الذي بدأ بحرب طائفية عام 2008 وانتهى بتسليم ثلثي الأراضي العراقية بيد عصابات داعش الارهابية، ورغم وقوف زعيم قوي مثل السيد مقتدى الصدر، بوجه طموحاته، إلا انه يلعب بكل أوراقه ويحيك المخططات، من أجل ايجاد منفذ له، لكي يعود لسدة حكم العراق.
تحدٍ للرفض الشيعي
وبشكل يمثل تحدياً سافراً لما يجواجهه من رفض شيعي واسع، ومن أقطاب كبرى، مثل المرجعية الدينية العليا للسيد علي السيستاني، وزعامة آل الصدر، وعموم جماهير المكون الشيعي، يتحدى المالكي هذا الرفض كله، مستنداً على ما يعرف بـ"دولته العميقة" التي أسسها خلال سنوات حكمه الثمانية، ومعتمداً على بعض قيادات الحشد الشعبي والتشكيلات المسلحة ممن مولهم وصنع منهم رقماً سياسياً، يعتمد المالكي على هؤلاء في إعادة صياغة نفسه، مجددا.
ويرد وزير الصدر صالح محمد العراقي على دعوات التصالح وإنهاء الخلاف مع المالكي بالرفض جملة وتفصيلاً، فيما أشار إلى أنه كيف يتصالح مع من وصفه بـ"القاتل والعميل".
وقال صالح في منشور على "فيسبوك": "توضيح الواضحات دأب البعض على إنكار بعض الواضحات كالشمس في رابعة النهار، فالواضح لا يمكن توضيحه إطلاقاً.. لكن سارع البعض إلى التشكيك في جوهر الواضحات لكي يصدّق بعض السذّج تأويلاتهم أو تبريراتهم وهذا ما يحدث في عراقنا الحبيب".
وأضاف العراقي قائلا: "فقد لجأ البعض إلى التشكيك في وجود الفساد وهو من أوضح الواضحات ولجأ البعض إلى التشكيك في القصف التركي الأخير للأراضي العراقية الذي راح ضحيته الأطفال والمدنيين وهو أيضاً من أوضح الواضحات وتعمّد البعض الآخر إلى التشكيك بالتسريبات الأخيرة التي شهد بصحتها بعض أهل الخبرة وهي أيضاً من أوضح الواضحات".
واستدرك بالقول: "ولو كان غير هذا المتكلم الذي سُرّب كلامه وتصريحاته لأقاموا الدنيا ولم يقعدوها كما يعبّرون".
"تسريبات" الحرب
وقال فريق "التقنية من أجل السلام"، "حرصًا منا على أداء عملنا بشكل حيادي وموثوق في توضيح الحقائق وكشف الأخبار المزيفة للجمهور الكريم، عملنا ومنذ اللحظات الأولى من قيام المدون (علي فاضل) بنشر أول مقطع صوتي على التحقق من ذلك".
وأضاف أنه "مع نشره لتسجيلات أخرى بعد ذلك، استمرينا في العمل على تدوين الملاحظات حول تلك التسجيلات لمعرفة حقيقتها".
وأوضح أنه رغم "النفي المتكرر للمالكي لتلك التسجيلات وادعائه فبركتها عبر اقتباس مقاطع من صوته وتركيبها لتظهر بهذا الشكل، إلا أن الملاحظات التي توصلنا لها حول الفيديو تثبت عكس ذلك".
ومن ضمن جملة إجراءات اتخذها فريق "التقنية من أجل إسلام"، للتأكد من صحة المقاطع المسربة، أوضح المنشور أنه وبعد متابعة التسجيلات الخمس المسربة، تبين أنه "لم يتم فبركتها عن طريق دمج مقاطع صوتية مختلفة للمالكي لإظهارها بهذا الشكل".
"كما أنه وفي جميع التسجيلات المتداولة، كان الانتقال بين الجُمل متناسقًا جدًا وطبيعيا ولم يلاحظ وجود انتقالات مختلفة وغير متناسقة أو وجود قطع كدلالة على دمج مقاطع صوتية مختلفة"، بحسب المنشور.
ولفت إلى أنه "بمقارنة الصوت في التسجيلات الصوتية المتداولة مع صوت المالكي في عدة لقاءات معه آخرها اللقاء الذي بثته قناة (العهد) الفضائية، لوحظ تشابه كبير في لفظ مفردات تم ذكرها في التسجيلات المتداولة وفي اللقاءات مع المالكي، ولا سيما كلمات 'السُنة، مقتدى الصدر، الشيعة، التشيُع'".
وأشار إلى "وجود أصوات مختلفة لأشخاص يتحدثون بمستوى صوت مختلف مع وجود أصوات لحركة كرسي وصوت للاحتكاك، وهي دلائل إضافية على أن التسجيلات المتداولة لم يتم فبركتها بواسطة برامج لفبركة الصوت".
وأثارت تسجيلات صوتية مسربة مزعومة للمالكي، الجدل وردود أفعال غاضبة بين الأوساط السياسية والعامة.
وتضمنت المقاطع المسربة تصريحات للمالكي، تعرض من خلالها لقيادات وعناوين سياسية بالإساءة والاتهام بالتخوين والجبن والقتل.
كما كشفت المحادثات عن مخططات تتضمن مواجهات مسلحة وإثارة الدماء والتهديد بالسلم الأهلي بذريعة الحفاظ على "المصالح الشيعية".
مخطط لتفجير الوضع سنياً
وجراء الرفض الشيعي القوي، حرك المالكي بعض أوراقه لفتح نافذة اخرى، لفتح حواره عودته رئاسة الوزراء، وكما هو معروف للجميع، فإن لعبة المالكي المفضلة في هذا السياق، هو العزف على وتر التفرقة والطائفية وايجاد صراع سني- سني، يجبر من خلاله بقية الأطراف على أن يتصدر المشهد لأغراض التهدئة، ويستغل بذلك تخويف المحافظات الشيعية من عودة عصابات داعش بلباس جديد، فيما يعتمد المالكي على بعض قيادات الحشد الشعبي في تمرير هذا المخطط.
وبهذا الصدد، كشفت صحيفة "لو باريزيان" الفرنسية نقلا عن مصادر مقربة من الإطار التنسيقي أن "مهمة اعادة الحياة لقيادات سنية متهمة بالفساد والارهاب تم تكليف اثنان من قادة الفصائل بترتيب خطواتها".
وبينت المصادر ان "أحد القادة الاثنين هو قاسم مصلح قائد حشد الانبار في حين لم يكشف لغاية الان عن القائد الثاني بسبب حساسية موقفه من عمليات استهداف العرب السنة خلال عمليات تحرير جنوب الفلوجة".
وذكرت الصحيفة ان "المصادر ذاتها بينت ان مصلح أصدر أوامره للسياسي ورجل الاعمال جمال الكربولي ووزير التجارة السابق سليمان الجميلي بجمع شخصيات سنية اخرى ملاحقة قضائيا وعرض تسوية أوضاعهم في مقابل تشكيل تحالف مسلح".
واشارت "لو باريزيان" الى ان الممول الاكبر لهذا المشروع هو رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي ويهدف من خلاله وفقا لنفس المصادر، الى "ارباك الاوضاع الامنية في الانبار واسقاطها بيد التنظيمات المسلحة المشكلة من قبل حلفائه لتشكيل ضغط على الحكومة وتحالف السيادة للرضوخ لمطالبه بتولي رئاسة الوزراء".
وركبت قوى الإطار التنسيقي موجة الصراعات بين القوى العشائرية السنية فدعمت تجمعا لشيوخ ووجهاء من محافظة الأنبار يعمل ضد رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي.
وشهد منزل وزير الكهرباء العراقي الأسبق قاسم الفهداوي في الرمادي اجتماعا ضم عددا من الشخصيات السنية التي تمثل عشائر وأحزابا وتوجهات مختلفة تهدف الى تحجيم حزب تقدم الذي يرأسه محمد الحلبوسي.
وضم الاجتماع بحسب المصادر رئيس حزب الحل جمال الكربولي ورئيس المشروع العربي جمال الضاري ورئيس الحزب الإسلامي نوري الدليمي ووزير التجارة السابق سلمان الجميلي، ووزير الكهرباء الأسبق قاسم الفهداوي، ومحافظ الأنبار السابق صهيب الراوي، وعضو مجلس المحافظة السابق طه عبدالغني، وشخصيات عشائرية منهم عواد الجغيفي، وفيصل الشوكة، فضلا عن وجوه سياسية وعشائرية أخرى.
وبحسب المصادر فإن شخصيات سنية ضمن التجمع الجديد لها امتدادات وقنوات تواصل مع قوى الإطار ويشتركون في هدف واحد هو إقصاء الحلبوسي الحليف الرئيس لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.