المحايد/محلي
كشفت وكالة "رويترز" العالمية، اليوم السبت، عن موقف المرجع الديني السيد علي السيستاني في إنهاء أحداث الخضراء الأخيرة، فيما أشارت إلى أنه "الرجل الأقوى" في العراق.
وقالت الوكالة في تقرير لها إنه "عندما دفع إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر العراق إلى شفا الحرب الأهلية الأسبوع الماضي، لم يكن يملك القدرة على منع ذلك سوى رجل واحد فقط وهو المرجع الشيعي العراقي، علي السيستاني (92 عاما)، والذي أثبت مرة أخرى أنه "أقوى رجل في بلده".
وأضافت، أنه "لم يصدر عن السيستاني تعليق علني بخصوص الاضطرابات التي اندلعت في شوارع العراق، لكن مسؤولين حكوميين ومصادر مطلعة قالت إن موقف السيستاني من وراء الكواليس هو وحده الذي نزع فتيل الكارثة".
وأوضحت الوكالة، أن "أحداث الأسبوع الأكثر دموية في العراق منذ ما يقرب من ثلاث سنوات تظهر حدود السياسة التقليدية في بلد تقع فيه سلطة بدء الحروب ووقفها في أيدي رجال دين، كثير منهم تربطهم علاقات غامضة بإيران".
وتابعت، أن "العراقيين الذين نزلوا إلى الشوارع ألقوا باللوم على طهران في تأجيج العنف، الذي بدأ بعد أن ندد رجل دين مقيم في إيران بزعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الذي يتمتع بشعبية واسعة، وأصدر تعليمات لأتباعه، بمن فيهم الصدر نفسه، بإطاعة أمر الزعيم الإيراني الأعلى".
وأشارت الوكالة، إلى أن "أتباع الصدر حاولوا اقتحام المباني الحكومية، وبحلول الليل كانوا يتجولون في أنحاء بغداد في شاحنات صغيرة ملوحين بالرشاشات وقاذفات الصواريخ، وأطلق مسلحون يعتقد أنهم أعضاء في فصيل مسلح النار على المتظاهرين الصدريين الذين كانوا يرشقون الحجارة".
وذكرت، أنه "بعد ذلك، وفي غضون 24 ساعة، انتهى الأمر فجأة كما بدأ، وظهر الصدر في التلفزيون ودعا إلى الهدوء وبدأ أنصاره المسلحون وأتباعه غير المسلحين يغادرون الشوارع، ورفع الجيش حظر تجول ليلي وخيم هدوء هش على العاصمة".
وبحسب "رويترز"، فإنها تحدثت مع 20 مسؤولاً في الحكومة والتيار الصدري والفصائل، بشأن كيفية اندلاع الاضطرابات وكيف أخمدت بعد وصولها إلى مرحلة خطيرة".
وأشارت جميع المقابلات إلى "تدخل حاسم من وراء الكواليس من جانب السيستاني، الذي لم يشغل قط منصبا سياسيا رسميا في العراق، لكنه يعتبر أكثر رجال الدين نفوذا في النجف، المركز الديني الشيعي بالعراق".
ووفقا للمسؤولين، فقد سعى مكتب السيستاني إلى أن "يوضح للصدر أنه ما لم يوقف عنف أتباعه، فإن السيستاني سوف يندد بالاضطرابات".
وقال مسؤول بالحكومة العراقية إن "السيد السيستاني بعث برسالة إلى الصدر مفادها أنه إذا لم يوقف العنف فسيضطر السيستاني إلى إصدار بيان يدعو إلى وقف القتال- وهذا من شأنه أن يجعل الصدر يبدو ضعيفا، وكأنه قد تسبب في إراقة الدماء بالعراق".
ولم تؤكد ثلاث شخصيات مقرها النجف ومقربة من السيستاني أن مكتبه بعث برسالة صريحة إلى الصدر، لكنهم قالوا إنه كان من الواضح للصدر أن السيستاني سيتحدث قريبا ما لم يوقف الصدر الاضطرابات.
وذكر مسؤول موال لإيران في المنطقة أنه "لولا مكتب السيستاني لما عقد مقتدى الصدر مؤتمره الصحفي الذي أوقف القتال".
ربما أدى تدخل السيستاني إلى تفادي إراقة الدماء على نطاق أوسع في الوقت الحالي، لكنه لا يحل مشكلة الحفاظ على الهدوء في بلد يقع فيه جانب كبير من السلطة خارج النظام السياسي، في أيدي رجال الدين الشيعة، بحسب الوكالة.
وقال عضو بارز في التيار الصدري لوكالة "رويترز" إن "الصدر غاضب، وإن الحائري كان المرشد الروحي للصدر، اعتبر الصدر ذلك خيانة تهدف إلى سلب شرعيته الدينية كزعيم شيعي، في وقت يصارع فيه خصومه على السلطة".
وقال مسؤولون في التيار الصدري في النجف إن "هذه الخطوة تعني أنه كان على الصدر الاختيار بين طاعة مرشده الروحي، الحائري، واتباع خامنئي، أو رفضه وربما إغضاب شخصيات أكبر سنا في حركته كانت مقربة من والد الصدر".
وأكدت "رويترز"، أن "الحكومة الإيرانية ومكتب الصدر لم يردا على الفور على طلب للتعليق من أجل هذه القصة، ولم يتسن الوصول إلى مكتب الحائري على الفور".
وخلال ذلك الوقت، حاولت شخصيات دينية شيعية من جميع أنحاء العراق إقناع الصدر بوقف العنف، وقال مسؤولون في إيران ولبنان إن شخصيات شيعية في البلدين انضمت إلى تلك الجهود، وأضافوا أنه تم توجيه الضغوط على الصدر عبر مكتب السيستاني في النجف".
وذكر مسؤول بالحكومة العراقية أن "الإيرانيين لا يتدخلون بشكل مباشر، إنهم متأثرون برد الفعل القوي المناهض لنفوذهم في العراق ويحاولون التأثير على الأحداث من بعيد".