بعد 14 عاماً من الزواج، قدمت إقبال راضي، طلباً إلى المحكمة للطلاق من زوجها.
لم يسبق لها أن فكرت بالانفصال أبداً، قبل أن تكتشف أن شريك حياتها كان جاداً في رغبته بأن تكون مثل نجمات "السوشال ميديا"، ووصفه لها بأنها"بدينة جداً".
تقول إقبال (39 عاماً)، "حاولت معالجة مشكلتي من السمنة، وبقيت خلال الأعوام القليلة الماضية أرغب في إنقاص وزني، لكن يبدو أن الأمر لم يعد يهم زوجي".
"كان يتنمّر على شكلي دوماً، ويصارحني بأنّه لا يريد زوجة بدينة. حتى تفاقمت الأمور بيننا ووصلت إلى طريق مسدود"، تضيف إقبال.
المشكلة التي عانت منها إقبال وشكّلت لها صدمة، خاصة بعد هذه السنوات الطويلة من الزواج تلخصها بقولها "صار فجأة لا يعجبه شكلي ووزني، متناسياً أن تغير هيئتي كان بسبب الإجهاد والمسؤوليات من حمل وولادة ورعاية أطفالنا الثلاثة والسعي الدائم مني لتوفير الراحة للعائلة".
وتشير إلى أن الكثير من النساء يعانين من تبدّل أفكار أزواجهن ونظرتهم لهن، وذلك "بسبب دخول السوشال ميديا لمنازلنا"، وفق تعبيرها.
اللجوء لعمليات التجميل
قصة سندس طارق (54 عاماً) مشابهة، وظلت حتى وقت قريب تعتمد على شدّ تجاعيد وجهها والترهلات والشحوم الزائدة من جسمها في محاولتها لإرضاء زوجها.
تقول "عدم اهتمام زوجي بي وتدهور علاقتنا بسبب ولعه بالحسناوات اللواتي يظهرهنّ على منصات السوشال ميديا، هو أول شيء دفع بي للاهتمام بنفسي. لكن على الرغم من ذلك، ما زال يراني غير جذابة مثل السابق".
وتضيف سندس: "ما خضعت له من تغييرات لم يؤثر كثيراً على زوجي، ولم تعده كما كان في السابق، وأن كل ما حدث هو أننا ابتعدنا عن بعضنا، وكانت بداية الانفصال بيننا المبيت في غرف منفصلة".
لكنهما لم يصلا إلى الطلاق، تبين سندس "لا خيارات أمامي غير التحمل والسكوت من أجل أولادي"، مردفةً "الرجال من الذين انبهروا بالمواصفات المثالية لشهيرات السوشال ميديا ونجومها لن يقتنعوا مجدداً بشريكات حياتهم".
وتعتقد بأن النساء ولو "حاولن إجراء تعديلات على مظهرهن، ستستمر المشاحنات والتوترات بين الزوجين، التي قد تدفع المرأة للشعور بعدم الثقة والغيرة، وهو ما يؤدي في نهاية المطاف إلى الانفصال أو إلى طلاق مؤجل من أجل الأبناء والحرج الاجتماعي".
ارتفاع نسب الطلاق
ترى خبيرة التجميل تيسير عواد، أن "تأثير مواقع التواصل الاجتماعي، وما تفرضه وتقدمه بأحدث التقنيات في التعديل على الصور، أثر كثيراً على الذوق والتوجهات، ما طال العديد من العلاقات الزوجية وجعلها تعيش أزمة حقيقية".
"وبعض النساء لجأن إلى الاشتغال على أنفسهن، ولكن غيرهن رفضن التغيير مقابل إرضاء الأزواج وفضلن الانفصال"، تقول عواد.
وتصف الأمر بـ"البحث عن امرأة بمواصفات مثالية، لأزواج يمضون أوقاتاً طويلة أمام شاشات هواتفهم النقالة. وكان هذا في كثير من الحالات دافعاً لتكوين قناعة أن مواصفات الزوجة غير مناسبة، وخاصة عندما يكون الزوج معتاداً على إهمال زوجته لنفسها بسبب مسؤولياتها اليومية".
ووفقاً لمجلس القضاء الأعلى، فإن مطلع عام 2022 شهد تسجيل أكثر من 200 حالة طلاق في اليوم الواحد. كما سجّلت المحاكم في شهر يناير 6486 حالة، فيما سجلت خلال شهر فبراير 5815 حالة طلاق.
وسجل شهر مارس حالات طلاق بلغت 6 آلاف و66 حالة، أما شهر مايو فسجل 5270، وشهر يونيو الماضي، سجل 6330 حالة طلاق، منها 4.660 حالة تصديق لطلاق خارجي و1.670 تفريقاً بحكم قضائي، ما يعني أن نحو 9 حالات طلاق تحدث كل ساعة، بواقع 211 حالة في اليوم.
تضيف عواد، أن "حالات الانفصال بسبب مظهر الزوجة أو الزوج ليست جديدة، لكنها تتزايد حالياً في صفوف النساء أكثر من الرجال، أي أن رغبة الرجل بالتغيير أكثر من رغبة المرأة".
واللافت أن "لتحكم المجتمع وعاداته الموروثة دور كبير في تحجيم رأي المرأة وقرارها في حال رغبتها بالانفصال عن زوجها لدواعي تتعلق بمظهره"، حسب عواد.
وتعتقد أن "هناك مشكلة أيضاً تتعلق بإمكانية الزوج المادية، فهو ينتقد زوجته ويتنمّر على شكلها ومظهرها، وفي الوقت نفسه يرفض توفير بعض الأموال لها كي تتمكن من تغيير شكلها".
تجارب رجال
أصيب حازم محسن (43 عاماً) بحروق في وجهه وبعض أطرافه نتيجة حادث سير عرضي، ما دفع بزوجته لطلب الطلاق بعد ثلاث سنوات على الحادث.
يقول "كان عليّ أن أتحمل عدم قدرة زوجتي على تقبّل مظهري. حيث كانت تحرص على المقارنة بيني وبين أي شخص وسيم وجذاب في السوشال ميديا. وهذا الأمر أرهقني نفسياً".
ويضيف محسن الذي لم يستمر زواجه لأكثر من خمسة أعوام: "لسوء الحظ، لم أتمكن من إقناعها من العدول عن طلبها بالانفصال".
ويرى أن "الانفتاح التكنلوجي والرقمي الذي غيّر كل شيء" مضيفاً "أتمنى لو كانت لدي الإمكانية الكافية لتوفير المبالغ اللازمة لتغيير مظهري وجعله مناسباً ومثاليا كما ترغب النساء حالياً".