أثارت المقابلة التي أجرتها قناة الرشيد الفضائية مع رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي مؤخراً، العديد من التساؤلات حول طريقة الحلبوسي في التعامل مع خصومه داخل البرلمان، ومن يحاول ايجاد "ثغرة شخصية" للنيل منه دون مراعاة للنبل والمروءة التي تحلى بها الحلبوسي طيلة مدة المقابلة.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، انتشرت مقاطع لمقابلة رئيس البرلمان، تداولها ناشطون ومدونون، لكن هناك من حاول اجتزاء مقاطع بحد ذاتها من كلامه الذي امتد طويلاً، في محاولة، لإيجاد ثغرة تخدم مصالح الكثير من السياسيين ممن لم يجدوا مكاناً لهم داخل دائرة الحلبوسي التي بدأت شعبيتها تتسع في المحافظات المحررة، ناهيك عن المحافظات الأخرى، التي تطالب من سياسييها النظر إلى ما يقدمه رئيس البرلمان للمناطق ذات الأغلبية السنية.
يكتب أحد المهتمين بالشأن السياسي، أن الحلبوسي خرج للجماهير عبر قناة الرشيد، بعد 12 شهراً، من الأحداث بدأت بالانتخابات المبكرة وما رافقها من أحداث كبيرة وخطيرة، وأنتهى بانسحاب الكتلة الصدرية، وخلو الساحة السياسيية للاعبين الشيعة في الإطار التنسيقي وحلفائهم.
ووفقا للقراءات المتعددة للحوار الذي اجراه الحلبوسي، فإن أجوبته كانت ترتقي للمستوى السياسي والمرحلة الحساسة التي يمر بها البلد، بعيداً عن هوس مقدمي البرامج بالخروج بمواقف نارية تلهب مواقع التواصل الاجتماعي لأيام.
وعلى عكس كل الذين توقعوا أن تكون أجوبة رئيس البرلمان، معادلاً موضوعياً لكل الأجوبة التي يحاول المسؤولين من خلالها ايصال رسائل ترضية للخصوم، للبقاء في مناصبهم، جاءت أجوبة رئيس البرلمان دون "خشية" على خسارة مطرقة رئاسة البرلمان التي يسعى جميع خصومه من السياسيين السنة الوصول إليها بأي ثمن، وما جرى في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الأولى شاهداً كبيراً على حجم "الاقتتال" السني على منصب رئاسة البرلمان.
جاءت رسائل الحلبوسي خلال المقابلة هجومية أكثر من المعتاد، حيث أقترب في أجوبته على اسئلة المحاور إلى دوائر التهديد والابتزاز لكنه، كان واضحاً وواقعياً في التعامل مع كل المواضيع التي أنطلق منها المحاور التلفزيوني.
وجاءت ردود الحلبوسي، للدلالة على اعتداده بنفسه، فهو إبن محافظة الأنبار الذي شرع بنهضتها وعمرانها، دون النظر لما يمكن أن يتعرض له، وهو الشاب الذي يبدوا لصقور السياسية قليل خبرة، لكنه وفي كل موقف يثبت نفسه بذكائه واستغلاله للفرص التي تظهر أمامه.
وبعيداً عن الدعاية الانتخابية، والترويج لما سيصنعه في المستقبل القريب، عامل رئيس البرلمان الحديث الذي جره اليه المحاور بسطحية تامة، ولم يكن يهتم بما سيؤول من حديثه الذي أزعج المراقبين السياسيين واعتبروه استهانة بالعملية السياسية، فقد وجه الحلبوسي رسائل متعددة الى من يهمه الامر ومن ينتظر ان يهمه -تحالف الانبار-الاطار-المالكي-الصدر-تركيا-دول عربية قاسمها المشترك الكل على خط الاتصال والانتظار من طرف واحد.
ظهر رئيس البرلمان متصالحاً مع ذاته، مكتفياً بأجوبته التي ارتضاها أن تكون سمة واضحة في تعامله مع المتغيرات السياسية، وبدا وكأنه لا يهتم بما سيقال عنه بعد اللقاء، فهو رجل جاء من الصحراء ودخل قصور بغداد ببزة رسمية، ولم تغادره قساوة المدينة المحفوفة الرمال المتحركة، فهو الآن قائد سني، لا يهادن ولا يداهن، ومن لا يريده عليه أن يسع لتغييره واستبداله.