المحايد/ ملفات
ما زال مشروع قناة الجيش، لم يرَ النور إلى غاية الآن، رغم انطلاقه في العام ٢٠١١، بل تحوّل إلى مكبٍّ للنفايات، بعد ما كان من المقرر أن يشهد المشروع مطاعم وكافيهات وألعاباً يستأنس بها سكان العاصمة بغداد.
ويقع مشروع القناة الذي كان يفترض إنجازه خلال عام واحد، في قلب بغداد وعلى امتداد 22 كلم، وكان من المفترض أن يتضمن 17 جسرا للمشاة و12 شلالا و46 منفذ ريّ، إضافة إلى المساحات الخضراء والحدائق متكاملة المرافق، لكنه ما زال مهجورا، وعبارة عن ركام ونفايات متوزعة، فضلاً عن ردائة طريق سريع القناة
ورغم تخصيص أكثر من 146 مليون دولار (قرابة 175 مليار دينار عراقي) لتطوير المشروع قبل 10 سنوات إلا أن تقديرات رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، تشير إلى صرف قرابة المليار دينار (تريليونين و٢٠٠ مليار دينار).
وكان الكاظمي قد قال عقب زيارته إلى موقع مشروع القناة منتصف كانون الثاني 2021، إن الفساد وسوء الإدارة منعا إنجاز مشروع تأهيل وتطوير مشروع قناة الجيش في بغداد، دون أن يشير إلى الجهات المقصرة والمتسببين بالفساد وسوء الإدارة.
وكانت قناة الجيش قد أُنجزت مرحلتها الأولى في عهد عبد الكريم قاسم (1958- 1963) وافتتحها في يوليو/تموز1961، وتعد من المشاريع التي لها دلالات رمزية ومعنوية بطابعها الخدمي والترفيهي خصوصا لأبناء شرق القناة.
وأُطلق مشروع تطوير القناة في عهد حكومة رئيس مجلس الوزراء الأسبق نوري المالكي، الذي شهدت حكومته ملفات فساد، وصرف قرابة ٣٤٠ مليار دولار، حسب ما سجلت اللجنة المالية النيابية، ووفقاً لتصريح أحد أعضائها السابقين.
وأطلقت حكومة المالكي مشروع تطوير مشروع القناة ضمن خطة تجميل بغداد لاستضافة القمة العربية عام 2011، لتتحول الآن إلى مكب للنفايات، رغم معاصرة أربعة رؤساء حكومات، وآخرها حكومة مصطفى الكاظمي، الذي وجه بإنجاز المشروع.
وكانت أمانة العاصمة عام 2011 قد أعلنت عن توقيع عقد تطوير قناة الجيش عبر أمين بغداد حينها صابر العيساوي مع شركة "المقاولون العرب" المصرية وشركة "الغري" الأردنية، والأخيرة رغم جنسيتها الموثقة في العقد فإنها تعود لمجموعة "العاصم" وهي مجموعة شركات تابعة لرجل الأعمال العراقي المعروف عصام الأسدي.
وأبلغت مصادر خاصة، "المحايد"، أن "شركة الأسدي وقعت في زمن حكومة المالكي على عقد مشروع تطوير قناة الجيش، بمبلغ تجاوز 146 مليون دولار (نحو 175 مليار دينار) ومدة إنجاز لا تتجاوز 360 يوما وبواقع عمل يبلغ 24 ساعة يوميا".
ويقول أحد المواطنين من مناطق شرق القناة لـ "المحايد"، إن "المشروع أصبح مكباً للنفايات والأنقاض ومأوى للكلاب السائبة"، مشيرا إلى أن "منطقة المشروع باتت تشكل خطرا على السيارات التي تعبر الشارع الرئيسي ليلاً بسبب النفايات والظلام الذي يلف المكان، وهو الأمر الذي تسبب بوقوع عدة حوادث بالفعل".
وأوضح، أن "الأنقاض ترمى يوميا في موقع المشروع، ويحدث ذلك باتفاق مع أمانة بغداد".
ويحمّل مواطنون آخرون، أعضاء مجلس النواب السابقين والحاليين، سبب تردي المشروع وعدم إنجازه، لأنهم طيلة تلك الفترة لم يتوصلوا بشكل واضح إلى أسباب تلكؤ إنجاز المشروع الذي صرف عليه أكثر من مليار دولار، حسب بيان الكاظمي.
وأخبر مختصٌ قانوني، "المحايد"، أن "من بين الخروقات القانونية التي رافقت مشروع قناة الجيش، قيام أمانة بغداد بإحالته الى التنفيذ من دون إعداد مسبق أو مخاطبة وزارة التخطيط لغرض المصادقة عليه والتي هي من المتطلبات الأساسية الواجبة استكمالها قبل إعداد وثائق المناقصة، بالاضافة الى عدم قيام الأمانة بإعداد كلفة تخمينة للمشروع، رغم أهميتها في تحديد الأموال اللازمة للتنفيذ ولاستخدامها كمؤشر للجهات الرقابية المالية".
وتابع: "من الخروقات القانونية التي وقعت فيها أمانة بغداد في عقد تنفيذ مشروع قناة الجيش، أن شركتي المقاولون العرب والغري لصاحبها (حيدر عصام كريم الأسدي) لم تقدما المستمسكات القانونية الأصولية لشروط العقد المتبعة لغاية تاريخ توقيع العقد، وكذلك عدم تناسب رأسمال شركة الغري مع حجم العمل، حيث بلغ رأسمالها 400 ألف دينار أردني، أي قرابة 660 مليون دينار عراقي من مبلغ الإحالة".
وكان متحدثٌ سابقٌ باسم أمانة بغداد، قال في سنة 2014 إن “أكثر من 17 ألف شجرة كبيرة ومستوردة ستُزرع إضافة إلى نخلة عراقية ومليون وخمسمئة متر مربع من الثيل، حيث ستكون المساحات الخضراء الأجمل والأروع في بغداد”!!؟، إلا أن ما تحقق في ٢٠٢١ تحول المكان إلى مساحات من الخراب والأشجار الميتة، ومكب نفايات.