المحايد/ ملفات
أربعون يوماً مرّت على اغتيال الناشط في تظاهرات محافظة كربلاء، إيهاب الوزني، الذي أقدمت عناصر وُصفت بـ "المجهولة" على اغتياله بكاتم الصوت في التاسع من الشهر الماضي، لتنطلق بعد عملية اغتياله تظاهرات في محافظات كربلاء وذي قار وبغداد، للمطالبة بالكشف عن قتلة الوزني، وقتلة بقية المحتجين.
وفي يوم تشييع الوزني، خرج ذوو الشهيد قائلين، إنهم "لن يقيموا عزاء ابنهم إذا لم تقم السلطات بالكشف عن القتلة المنفذين، وإيداعهم السجن"، مشيرين إلى أن "ابنهم لم يفعل شيئاً مخالفاً للقانون، إنما كان يطالب بحقه فقط في تظاهرات تشرين"، لينضم الوزني إلى قافلة الشهداء الذين تعرضوا لاغتيالات مباشرة، أو قتل في ساحات التظاهر، وتنضم أسرته إلى جانب الأسر الذين يطالبون بالكشف عن قتلة ذويهم.
والدة الناشط الوزني، كانت قد أمهلت مجلس القضاء الأعلى، وقاضي محكمة الارهاب، 12 يوماً للكشف عن قتلة ابنها، إلا أن الـ 12 يوماً انتهت دون الكشف عن القاتل، لتبدأ والدة الشهيد المفجوعة، اعتصامها أمام دار مجلس القضاء في محافظة كربلاء، وينضم معها أسرتها وأصدقاء الشهيد المغدور، رافعين صور الوزني لتذكير السلطة الأعلى في البلاد، بالكشف عن قاتليه، إضافة إلى انضمام أسر عدد من الشهداء إلى الاعتصام أمام الدار رافعين صور أبنائهم للمطالبة بالكشف عن قتلتهم ومحاسبتهم.
وتتهم عائلة الوزني، القيادي في "الحشد الشعبي"، قاسم مصلح، باغتيال ابنها وناشطين آخرين، لتعتقله السلطات العراقية في السابع والعشرين من الشهر الماضي، لمدة 12 يوماً، ثم أفرج مجلس القضاء الأعلى عنه، خصوصاً بعد ما حاصرت عناصر مسلحة المنطقة الخضراء لعدة ساعات، وهددوا بالرد على عملية اعتقال مصلح.
والدة الشهيد الوزني كانت قد ظهرت في شريط مصور، قائلة: "قاسم مصلح هدد ابني إيهاب الوزني في أكثر من مرة بأن يقتله ويصفيه، إذا لم يكف عن التظاهر، وقال له بالعبارة (لو يبقى آخر يوم بعمري أكتلك)"، إلا أن مجلس القضاء الأعلى قرر الإفراج عن مصلح، مبرراً ذلك بـ "عدم كفاية الأدلة".
وخلال اعتصامها اليوم، أظهر شريط مصور والدة الشهيد تخاطب قوات الأمن قائلة: "دم ابني غالي.. تعرفون من قتل ابني.. تدرون بيهم زين من قتل ابني... تقفون مع إيران على العراقيين. أين كنتم (عندما) دخلوا وقتلوا ابني؟".
وأبلغ مصدر مطلع، "المحايد"، أن "بعض عناصر الفصائل المسلحة يرفضون وقوف أسرة الشهيد أمام دار القضاء للمطالبة بكشف قتلة المحتجين، وهم ضغطوا على القضاء من أجل إغلاق الملف، والتحجج بعدم كفاية الأدلة، لتحدث تسوية بين الفصائل والقضاء، لأن الحكومة أخلت مسؤوليتها علناً وقالت إن القضاء هو مَن يحدد مصير مصلح".
ويرى بعض المحتجين في حديثهم لـ "المحايد"، أن "الحكومة تماطل، والقضاء غير حر في ملف الكشف عن قتلة المتظاهرين والناشطين، والأوضاع المعيشية سيئة، ولم يتحقق ما وعدت به الحكومة، ومطالب المحتجين ما زالت قائمة، ونشعر أن الالتفاف على الانتخابات المقبلة من قبل الأحزاب لم يحقق التغيير المنشود".
ورغم تقديم القضاء العراقي عدة وعود سابقة بشأن الكشف عن التحقيقات المتعلقة بالجهات التي تقف خلف قتل الناشطين المدنيين، وآخرها مطلع الشهر الحالي، إذ أكد على قرب حسم هذا الملف، فإنه إلى غاية الآن لم يصدر أي بيان أو تحقيق حول الموضوع.
وكانت التظاهرات العراقية قد انطلقت في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2019، عقب دعوات انطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إثر تردي الخدمات وتفاقم نسبة البطالة، قبل أن تنفجر بشكل واسع في بغداد ومدن جنوب ووسط العراق.
وطوال العام ونصف العام الماضيين، شهدت التظاهرات عمليات عنف غير مسبوقة، تمثلت بعمليات اغتيال مباشرة بأسلحة كاتمة للصوت، وعمليات قتل علنية كالأحداث التي وقعت في السنك، والناصرية، وبعض المناطق التي كانت تضم الاحتجاجات، لتتهم حكومة عادل عبد المهدي السابقة، "طرفاً ثالثاً" بإجراء عمليات القتل تلك، رغم أن من كان يحمل السلاح هم قوات الشغب، الذين يشكلون حائط الصد، ومنهم تخرج السيارات المسلحة، حسب ما أفاد مصدر أمني كان حاضراً هناك.
وأدت أعمال العنف في التظاهرات إلى استشهاد نحو 800 متظاهر، وإصابة أكثر من 27 ألفاً، في وقت لم تُحاسَب فيه أي جهة متورطة في هذه الأعمال.