المحايد/ ملفات
على الرغم من أنّ العراق بلد نفطي إلا أنّه يعتمد بشدّة على إيران في مجال الطاقة، إذ يستورد منها ثلث احتياجاته الاستهلاكية من الغاز والكهرباء، بسبب بنيته التحتية التي تجعله غير قادر على تحقيق اكتفاء ذاتي في مجال الطاقة لتأمين احتياجات سكانه البالغ عددهم 40 مليون نسمة، فضلا عن انتشار الفساد في البلاد.
قطاع الكهرباء في العراق، صُرف عليه ٨١ مليار دولار لمدة ١٤ عاماً، بحسب تقرير لجنة التعاقدات الكهربائية في مجلس النواب، إلا أن الفساد وضياع الأموال وعدم محاسبة المتسببين بهذه الفوضى الإدارية، جعلت الأموال تُصرف دون فائدة، ليبقى المواطن العراقي تحت رحمة الغاز الإيراني الذي انقطع بسبب الديون التي بذمة العراق.
ويحاول العراق تسديد الديون إلى إيران من أجل إطلاق الغاز الإيراني، لتوفير جزء من الطاقة الكهربائية، إلا أن العقوبات الأمريكية على طهران تمنع وصول الأموال للبنوك الإيرانية، ليبدأ العراق بالتعويل في تجاوز أزمة الطاقة الكهربائية على مشروع الربط الخليجي للكهرباء مع العراق.
ومشروع الربط الخليجي أقر عام 2019 وبدعم أميركي في حينها، وسيحصل العراق على الكهرباء من خلال السعودية والكويت وبأسعار رمزية تسهم في تقليص حجم ما تحتاجه مدن جنوب ووسط وغرب العراق من الطاقة بشكل كبير.
وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، قد أكد مطلع الأسبوع الحالي، حدوث تقدم في إنجاز الربط الكهربائي مع دول الخليج، وذلك في معرض حديثه عن أزمة الطاقة المتفاقمة في البلاد مع تصاعد الحرارة التي وصلت إلى قرابة الخمسين درجة مئوية في البلاد.
وقال الكاظمي إن "العراق أنجز 85% من العمل بمشروع الربط الكهربائي مع الخليج، والمشروع سيكتمل عام 2022"، مشيراً إلى أن "الربط الكهربائي مع الأردن سيكتمل أيضا"، مبينا أن "مشكلة الكهرباء معقدة، ووضعها غير مرض".
ولفت الكاظمي إلى أن "السنوات السابقة شهدت إهدار مليارات الدولارات على ملف الكهرباء، وتم اكتشاف الكثير من المشاريع المتوقفة لأسباب تتعلق بسوء التخطيط والفساد".
وعن الربط الخليجي، قال مصدر مقرب من الحكومة، إن "العراق عملياً بات تحت رحمة الغاز الإيراني المستورد منها بسعر يبلغ ضعف السعر الحالي، وكذلك استيراد وحدات الكهرباء، وهذه من مخلفات حكومة نوري المالكي التي فتحت السوق العراقية عامة أمام الهيمنة الإيرانية".
وأضاف المصدر لـ "المحايد"، أن "هناك قوى سياسية وفصائل مسلحة تتعامل مع ملف ربط العراق كهربائيا بالخليج على أنه موجه ضد إيران إذ سيتم الاستغناء عن غاز وكهرباء إيران، لذا هناك إعاقات غير خافية للمشروع ولولا تلك الإعاقات لكان المشروع انتهى".
وأشار إلى أن "دول الخليج جاهزة والتأخير من العراق فقط بمجال تهيئة البنية التحتية للربط وتشمل أبراج النقل عالي الحمولة ومحطات التحويل ومراكز التحكم والسيطرة".
وأعلنت وزارة الكهرباء العراقية مطلع العام الحالي إنجاز 80% من مشروع الربط الخليجي للكهرباء، موضحة أن المشروع تعطل كثيرا بسبب جائحة كورونا.
وأبلغ أحد المسؤولين في وزارة الكهرباء، "المحايد"، أن "الوزارة تبحث بشكل جدي عن حلول من أجل معالجة أزمة الكهرباء المتفاقمة، سواء كان بالربط الخليجي، أو بإقناع إيران بإعادة ضخ الحصة المتفق عليها من الغاز التي يحتاجها العراق لإنتاج الكهرباء".
وأشار المسؤول إلى أن "بعض المدن الجنوبية بدأت تشهد موجات احتجاج ضد تراجع تزويدها بالتيار الكهربائي وتحسين وضع الطاقة الكهربائية يمكن أن يخفف من حالات الاحتجاج".
وقال رئيس لجنة الخدمات في البرلمان العراقي، وليد السهلاني، في تصريح صحفي، إن عن "الربط الخليجي سيؤثر بشكل فعال على تحسين إنتاج الطاقة الكهربائية في حال تطبيقه"، مشيراً إلى وجود "مشاكل فنية تتعلق بملف الكهرباء تتطلب وقفة جادة من الحكومة، والمحافظات الوسطى والجنوبية في العراق هي الأكثر تضررا بسبب تراجع التزويد بالتيار الكهربائي".
ولفت السهلاني إلى "وجود مشكلة في شبكات نقل وتوزيع الكهرباء، ومحاولات معالجة هذه المشكلة لم تكن بمستوى الطموح"، مشددا على "ضرورة حل أزمة الكهرباء لأنها مصيرية وتتعلق بتطلعات الناس واستقرار المجتمع".
وأوضح أن "انحسار ضخ أنبوب الغاز الإيراني باتجاه محافظات الوسط والجنوب أثر بشكل كبير على قدرة وجودة محطات الكهرباء، وانخفض الإنتاج نتيجة لذلك".
وتابع "نحن في لجنة الخدمات في البرلمان نتطلع إلى أي منجز يمكن ان تقوم به الحكومة على أرض الواقع"، مؤكدا وجود وعود بأن يتم إنجاز الربط الكهربائي مع الخليج نهاية عام 2022.
وكانت وزارة الكهرباء العراقية قد أبرمت اتفاقية مع هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي، على هامش مؤتمر للطاقة ببغداد في سبتمبر/أيلول 2019، تهدف إلى مد خطين للكهرباء بطول 300 كيلومتر لاستيراد الطاقة من دول الخليج.
لكن ومع هذا، رأى بعض المراقبين، أن "الفصائل المسلحة قد تتخذ موقفاً حيال الربط الكهربائي مع الخليج، لأن العراق سيعطي ظهره إلى إيران التي تعتمد عليه بشكل كبير في استيراد الطاقة الكهربائية، وقد تلجأ إلى قصف أبراج الكهرباء، من أجل إبقاء اعتماد العراق على الغاز الإيراني".