المحايد/ ملفات
مع ارتفاع درجات الحرارة، وسخونة الصيف، تزداد الضغوط على الحكومة العراقية برئاسة رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، تمثلت بمشاكل أساسية تخص حياة المواطنين بشكل مباشر، لتؤدي إلى استقالة وزيري الصحة والكهرباء.
استقالة وزير الصحة حسن التميمي جاءت بعد كارثة مستشفى ابن الخطيب التي حدثت في العام الحالي، وأدت إلى استشهاد ٨٠ شخصاً وإصابة أكثر من ١٠٠ آخرين، لتبقى الحكومة الحالية من دون وزير، وقد يبقى المنصب شاغراً لغاية انتهاء عمر الحكومة في العاشر من تشرين الأول المقبل.
وبعد أزمة ابن الخطيب، أدت أزمة الكهرباء تزامناً مع ارتفاع درجات الحرارة إلى استقالة وزير الكهرباء ماجد حنتوش، لتصبح الحكومة من دون وزيرين، وسط أزمتين خانقتين، تشهد فيها البلاد نقصاً حاداً بالكهرباء، وارتفاعاً كبيراً بإصابات كورونا.
وقال مصدر مقرب من الحكومة، ان "منصبي وزير الصحة ووزير الكهرباء سيبقيان شاغرين، ولن يُكلف بديلهما لغاية انتهاء عمر الحكومة"، مبينا أن "مَن يتولى مهمة إدارة الوزارة سيكون وكيل الوزير، من أجل تيسير أمورها، وبمتابعة مباشرة من الكاظمي".
متحدث الوزارة أحمد موسى كان قد قال في تصريح صحفي، إن "وزير الكهرباء ماجد حنتوش قدم رسميا استقالته إلى رئيس الوزراء".
ولم يُعلن رسمياً عن موافقة رئيس الوزراء على استقالة وزير الكهرباء لغاية الآن، إلا أن مصدر أكد للمحايد أن الكاظمي وافق عليها.
حيث كان الإعلان الأول عن الاستقالة، جاء على لسان النائب عن كتلة سائرون النيابية، أمجد العقابي، أمس الاثنين، مؤكداً ان حنتوش، قدم استقالته، على خلفية الاوضاع المزرية لواقع الكهرباء في العراق.
الاستقالة تأتي بعد تردٍ تام في ساعات تجهيز الكهرباء في العراق، مع ارتفاع درجات الحرارة، وشن حملة منظمة من قبل مجهولين لتفجير أبراج تجهيز الطاقة.
وكان التيار الصدري أطلق حملة قبل يومين لإقالة وزير الكهرباء.
وكان زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، قد دعا إلى إقالة وزير الكهرباء الحالي لعدم قدرته على حلّ المشاكل الحالية التي يعاني منها الشعب، مقترحاً عقد اتفاقات مع شركات عالمية لإعادة تاهيل الكهرباء في العراق.
وقال زعيم التيار الصدري إن "مشكلة الكهرباء في العراق تكمن في عدّة أمور مهمّة تسببت ولو بصورة تدريجية بتردّي الطاقة الكهربائية الكهرباء" عادّاً "الفساد أحد الأسباب التي أدت إلى هدر الطاقة الكهربائية".
الصدر أكد أن الإرهاب والتفجيرات التي يوقعها في الطرق العامة، وسوء توزيع المحطات، واستعمال الكهرباء بصورة مفرطة ولا سيما في التجارة وأهل المحال والفنادق ومؤسسات الدولة، فضلاً عن التجاوز على الطاقة بصورة غير رسمية، جميعها عوامل تتسبّب بتردّي الطاقة الكهربائية في العراق.
وحذر الصدر من عواقب التردي والتراجع الحاصل في الطاقة الكهربائية في العراق، منها تردّي الوضع الخدمي وجودة الخدمات في المجالات الصحية، والزراعية، والتعليمية، والصناعية، كذلك التذمر الشعبي وازدياد النقمة، فضلاً عن انتشار الجريمة والسرقات والقتل في البلاد.
زعيم التيار الصدري أشار إلى استعمال ملف الطاقة الكهربائية ك"دعاية انتخابية كاذبة" من قبل بعض الجهات السياسية، كذلك إهدار الأموال العامة على مسألة إعادة تأهيل الكهرباء بصورة غير مؤثرة، ما يؤدي تردي الواقع الخدمي والمالي، بحسب تعبيره.
وأوضح الصدر أن "الحكومة العراقية قد أغفلت الكثير من النتائج والأسباب، وركزت على مسألة الخصخصة أو دفع الأجور، وكأنه السبب الوحيد لتردي الطاقة الكهربائية ومن دون وضوح في آلية الخصخصة".
الصدر ذكر خلال تغريدته عدّة مقترحات لاخراج العراق من أزمة الطاقة الكهربائية، ومعالجة المنظومة الكهربائية في البلاد، منها عقد اتفاقات مع شركات عالمية لإعادة تاهيل الكهرباء في العراق، وإيجاد قوة أمنية نظامية وحكومية عالية المستوى لحماية الخطوط الكهربائية، والعمل الجاد لإنهاء الفساد والاستعانة بالخبرات الوطنية في إدارة ملف الطاقة الكهربائية في البلد بعيداً عن التحزب والطائفية.
ورأى الصدر أن إعادة تأهيل الكهرباء يتطلب الجباية، وسن قانون يتعلّق بمعاقبة المتخلفين عن دفع الجباية ومن يحاول التجاوز على الخطوط، وكذلك يفرط في استخدام الطاقة الكهربائية، لافتاً إلى وجود "جهات داخلية تعمل على إبقاء الأزمة الكهربائية لمنافع حزبية وشخصية داخلية أو خارجية، وعلى الحكومة أن تتعامل بحزم مع الأمر".
ومن المقرر أن يبحث مجلس الوزراء في جلسة اليوم الثلاثاء استقالة وزير الكهرباء والإعلان عن تفاصيلها بشكل رسمي.
ووفق متخصصين في القطاع، ينتج العراق 19 ألف ميغاوات من الطاقة الكهربائية، فيما يحتاج إلى ما يتجاوز 30 ألفا.
وتزداد معاناة العراقيين ولا سيما في موسم الصيف التي تتجاوز فيه درجات الحرارة 50 درجة مئوية بسبب ضعف وصول الطاقة الكهربائية إلى المنازل.
وخلال الأعوام الماضية تتسبب الكهرباء في اندلاع احتجاجات بعدم محافظات عراقية تتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة.
ومنذ عام 1990، لم يمر يوم على العراقيين وهم ينعمون بطاقة كهربائية مستمرة، بعد تعرض أغلب محطات الطاقة في البلاد للضرر خلال العمليات العسكرية المرتبطة بغزو الكويت من قبل الجيش العراقي.
ورغم إن بعض المحطات أعيدت إلى العمل، كان تجهيز الطاقة دائما أقل من الطلب عليها، خاصة بعد أن وصل عدد سكان العراق إلى 40 مليونا، أي نحو ضعف عددهم عام 1990.
وبدأ العراق أول محاولاته الكبيرة لتجهيز الطاقة الكهربائية بالتعاقد مع شركة سيمنز الألمانية وجنرال إلكتريك الأميركية لتجهيز نحو 10 آلاف ميغاواط في العام 2008، في وقت كان إنتاج العراق في العام ذاته، نحو 6 آلاف ميغاواط.
وبلغت قيمة العقود، التي توقع وزير الكهرباء حينها كريم وحيد أن تغطي حاجة العراق من الطاقة نحو خمس مليارات دولار.
ووقتها، قال وحيد، إن العراق يحتاج إلى 25 مليار دولار، وثلاث سنوات "ليغطي نقص الطاقة بالكامل"، وأن "عام 2011 سيكون عام الحسم الكامل بالنسبة للعراق".
لكن بعد 12 سنة من تصريحات وحيد، ونحو 80 مليار دولار صرفت على الكهرباء، يقضي العراقيون شتاء مظلما وباردا بسبب عدم تجهيز إيران للغاز والطاقة التي تحتاجها محطات الإنتاج العراقية بعد تراكم الديون على العراق.
وحصلت شركتا سيمنز وجنرال الكترك على أغلب العقود العراقية في مجال الطاقة، حيث إن محولات سيمنز ومولداتها تشاهد في كل مكان تقريبا في العراق.
وعن الأزمات التي تخص قطاع الصحة، فقد بدأت منذ عام 2016، حين ضربت الحرائق مستشفيات العراق، حيث شهد مستشفى اليرموك أولها، بعد ما حدث حريق تُوفي على إثره 22 طفلا خديجا في مستشفى اليرموك وسط العاصمة العراقية، جراء اندلاع حريق داخل قسم الولادة.
الكهرباء أيضاً تسببت بكارثة مستشفى الخطيب في العام الجاري، حيث تسبب "هيتر كهربائي" بحريق داخل المستشفى راح ضحيته أكثر من 80 شهيداً و110 إصابات.
الروايات بشأن طبيعة الحريق، تعددت حيث هناك من يقول إن شرارة نار لامست إحدى أسطوانات الأكسجين، ومن يقول إن جهازا لتسخين الطعام كان لإحدى مرافقات مريض- قريب من أسطوانة أوكسجين أدى إلى الحريق.
وعبر المواطنون العراقيون عن غضبهم إثر الحريق الذي أودى بحياة العشرات في مستشفى ابن الخطيب في العاصمة بغداد.
واعتبر الكثيرون أن الحادث يرجع للفساد المتراكم على مدى عقود في البلاد، وعدوا إقالة وزير الصحة ومحافظ بغداد ومدير المستشفى وإحالتهم إلى التحقيق إجراءات غير كافية، وطالب بعضهم باستقالة الحكومة.
واختتم مصائب الكهرباء وهيترها، موظف في وزارة الصحة بعد ان اتلف 250 جرعة من لقاح فايزر بالخطأ.
المحايد حصل على معلومات تفيد بأن الموظف قطع الكهرباء عن الثلاجة لعمل شاي في مستشفى فاطمة الزهراء بمدينة الصدر شرقي العاصمة بغداد، مما تسبب بتلفها بعد ان نسي الموظف إرجاع الكهرباء الى الثلاجات الحافظة.
وأفاد مصدر للمحايد، بأن "الأمر تسبب بتلف اكثر من 250 جرعة من لقاح فايزر كانت بتلك الثلاجات"، لافتا الى أن "ادارة المستشفى قامت بإتلاف تلك الجرع وتسجيل اسماء عوضا عنها على انها تلقت اللقاح لتسليم العلب الفارغة بعد اللقاح وفق الالية المعمول بها".
وتابع، أن "الغرض منها لإخفاء امر التلف وعدم محاسبة المستشفى على تلك اللقاحات التالفة والتي تقدر مبالغها بثمن باهض".
ووسط هذه الأزمات التي تضرب البلاد، شهدت الحكومة استقالة الوزيرين، دون تقديم البدائل، مع أزمات مرتقبة قد تتثمل بمشاكل المياه وتوفيرها، بعد انخفاض منسوب نهر دجلة، وتقليص إطلاقات المياه من تركيا وإيران.
وأبلغ مصدر مطلع، موقع "المحايد"، أن "الوزيرين قدما استقالتيهما بأمر من التيار الصدري، لأن الوزارتين تابعتين للتيار، ومن حصته، ما أشعل خلافاً داخل القاعدة الشعبية للتيار الصدري، بسبب وجود وزارات خدمية تابعة لهم، دون تقديم أي خدمات تُذكر".