المحايد/ ملفات
بعد توقف دام لأكثر من عام تقريبا بسبب جائحة كورونا استأنفت المديرية العامة لدائرة شؤون الألغام عملها في إزالة الألغام والمقذوفات والأجسام غير المنفلقة في مختلف مناطق العراق وتحديدا في المناطق المحررة.
ويوضح مدير عام الدائرة ظافر محمود أن الدائرة لا تتوفر لديها إحصائية عن عدد هذه الأجسام الغريبة والمنتشرة في أغلب مناطق العراق لعدة أسباب، "هناك ألغام زرعت في أيام الحرب العراقية الإيرانية لكن خرائطها قد ضاعت مع حل الجيش العراقي وهناك ألغام ومقذوفات حربية ألقيت من قبل قوات التحالف في حرب 1991 و2003 بالإضافة إلى مخلفات تنظيم داعش وهذه كلها موجودة بشكل عشوائي".
ويضيف محمود، "لذلك عندما نريد أن نحصي، فالإحصاء يكون بالمساحات الملوثة وليس بأعداد الألغام والمقذوفات".
ويشير إلى أن المساحات الملوثة في جميع أنحاء العراق بلغت أكثر من (5) مليار متر مربع، ولم يتبقى منها بعد عمليات الازالة سوى 2.600 مليار حتى الآن.
البصرة هي الأكثر تلوثا
وتؤكد دائرة شؤون الالغام أن محافظة البصرة هي الأكثر تلوثا من بين المحافظات العراقية.
ويوضح مدير المركز الجنوبي لإزالة الألغام، ومقره البصرة، نبراس التميمي، أن المساحة الملوثة في المحافظة تبلغ أكثر من مليار متر مربع نتيجة تراكم الحروب، مشيرا إلى أن "قضائي شط العرب والزبير هما الأكثر تلوثا في المحافظة".
ويضيف "المرحلة الأولى من مسح عدد الضحايا في البصرة سجلنا (5100) ضحية ما بين قتيل وإعاقة".
من جرف الملح إلى البتران
تقع قرية جرف الملح في قضاء شط العرب على الشريط الحدودي مع إيران ويعج المكان بالألغام والمقذوفات غير المنفلقة.
ونظرا للظرف الاقتصادي المتعسر للأهالي، لا سيما في أيام الحصار الاقتصادي بفترة تسعينات القرن الماضي، توجه أكثرهم إلى تفكيك هذه الأجسام الغريبة بغية الاستفادة من مادة الألمنيوم فيها.
ويقول سيد طارق "من النادر أن تجد فيها بيتا يخلو من إعاقة بعد أن حصدت الألغام أكثر من 200 ضحية، بين قتل وإصابة منذ تسعينات القرن الماضي، فالعوز دفع أكثر الأهالي مرغمين للتعامل مع هذه الأجسام للاستفادة من معادنها وبيعها وغالبا ما تنفجر عليهم".
ويضيف "حتى أن اسم القرية تحول من جرف الملح إلى قرية البتران لفرط ما بتر من أطراف لدى سكانها".
الأنبار فاقمت المشكلة
لم تعط دائرة شؤون الألغام سقفا زمنيا لانهاء ملف الألغام في العراق، فالموضوع بإعتراف جهات أممية معقد جدا لا سيما بعد اجتياح تنظيم داعش لمناطق واسعة من البلاد وتلويثه لمساحات شاسعة في غرب وشمال العراق.
ويقول أحد وجهاء منطقة النعيمية في الفلوجة في محافظة الانبار الشيخ عبد الحميد الجميلي، إن "التنظيم قام بزرع مئات العبوات لإعاقة تقدم الجيش وبالتالي أصبحت هذه الأجسام شبحا يهدد حياة سكان المنطقة".
ويضيف "قبل أشهر فقدنا (6) أطفال كانوا في طريق من المدرسة إلى البيت بسبب عبثهم بعبوة كانت قد زرعها تنظيم داعش، وبعدها بفترة قصيرة فقدنا (4) من أبناء عمومتي دخلوا إلى أحد المنازل من أجل ترميم جدرانها بعد أن أكد لهم صاحب المنزل أنه تم نظيفه ولا يعلم بوجود أحد البراميل المفخخة، والذي انفجر عليهم"
ويلفت المدير إلى أن المخلفات من ألغام وقنابل عنقودية وعبوات ناسفة التي زرعها داعش، هي "الأخطر من بينها جميعا".
وبخصوص الخرائط التي تثبت وجود مناطق ملوثة يقول محمود "أنهينا خرائط جميع المناطق الملوثة بالالغام في أنحاء العراق لكن هذا لا يعني أن عملية التحديد انتهت فهناك مناطق ملوثة تظهر لنا باستمرار، آخرها قبل أيام في الموصل بالقرب من سنجار اكتشفنا منطقة بمساحة نصف كيلومتر".
أما عن أعداد الضحايا من المواطنين فيؤكد مدير عام دائرة الألغام وجود (34) ألف ضحية ما بين قتيل وإعاقة منذ بدء الإحصاء بهذا الخصوص بين عامي 2006 – 2020.
ويضيف "لكن هذا العدد ارتفع بعد أن سجلت محافظة الأنبار أكثر من (10) آلاف، ليكون العدد الإجمالي أكثر من (44) ألف ضحية في عموم العراق".
ويتوقع أن يرتفع العدد نظرا لعدم البدء بمسح بعض المحافظات كنينوى وصلاح الدين وديالى، لافتا إلى وجود مناطق ملوثة في كربلاء والنجف أيضا.