المحايد/ مجتمع
صادف، الجمعة 30 تموز، اليوم الدولي للصداقة، في أجندة الأيام الدولية للأمم المتحدة.
وجاء في نص بيانها حوله "يواجه عالمنا عديد التحديات والأزمات وعوامل الانقسام، مثل الفقر والعنف وانتهاكات حقوق الإنسان وغيرها الكثير، التي تعمل على تقويض السلام والأمن والتنمية والوئام الاجتماعي في شعوب العالم وفيما بينها".
ولمواجهة تلك الأزمات والتحديات، لا بد من معالجة أسبابها الجذرية من خلال تعزيز روح التضامن الإنساني المشتركة والدفاع عنها، وتتخذ هذه الروح صوراً عدة، أبسطها: الصداقة، وفق الأمم المتحدة.
وتابعت "يمكننا من خلال الصداقة - بتراكم الروابط وتقوية علاقات الثقة — أن نسهم في التحولات الأساسية الضرورية لتحقيق الاستقرار الدائم، ونسج شبكة الأمان التي من شأنها أن تحمينا جميعاً، واستشعار العاطفة اللازمة لعالم أفضل يتحد فيه الجميع ويعملون من أجل الخير العام".
ولكن هذا الاحتفاء بالصداقة، لا يلقى بالاً في مجتمعات عدة، منها العراقي.
تقول الباحثة الاجتماعية وداد ناجي، "المجتمع العراقي ينظر بريبة للصداقات بين النساء (من مختلف الأعمار)، لأن العادات والتقاليد المحافظة ترى أن الصديقة ليست محلاً للثقة، وأنها السبب الرئيس وراء المشكلات الأخلاقية التي تذهب ضحيتها أخريات".
وتوضح "لذلك، تعتمد الكثير من العوائل على بعض الأفكار المتوارثة في تربية البنات، مثل عدم السماح للبنت بالاختلاط وتكوين صداقات مع غيرها من البنات من دون موافقات تقررها الأمهات أو الآباء؛ خشية أن يلحق العار بالعائلة من منطلق أن الصديقة قد ترشد البنت للطريق الأخلاقي الخاطئ".
"وقد يصل الأمر لأن تكون صداقة بعض النساء سبباً أساسياً لوقوع جرائم القتل، المعروفة باسم (غسل العار)" تتابع ناجي.
العنف الأسري
عطفاً على السابق، تقول المحامية نوال خضير، إنها ومن خلال عملها على قضايا عديدة متعلقة بالعنف الأسري،وجدت أن "علاقات الصداقة وراء أكثر مشكلات العنف الأسري في المحاكم العراقية".
وتوضح "تواجه النساء المزيد من الضغوط الأسرية بسبب لجوئهن إلى تكوين صداقات، فالمتعارف عن العائلة العراقية أن تقوم بمراقبة المرأة أو الفتاة في سلوكها ورصد تصرفاتها وطريقة حديثها بشكل لا يطاق عند تكوينها لصداقة مع امرأة أخرى، لدرجة أن يتم محاسبتها على أي سلوك أو قرار تتخذه".
وتضيف خضير، أن "هذه الضغوط تتسع حتى تصل لتعنيف المرأة بغية إنهاء تلك الصداقة".
أما المبرر الاجتماعي، وفق خضير فهو "حماية المرأة من الفضيحة".
وتشير إلى أن الكثير من العوائل العراقية المحافظة تمنع النساء والفتيات من استخدام الإنترنت، أو الهواتف الذكية، خشية تشكيل صداقات سواء مع نساء أو رجال، قد تؤثر بشكل سلبي على أخلاقهن وتدفعن للتنمر والعناد، حسب اعتقادهم.
الصور النمطية للمرأة
في نفس السياق، تقول الناشطة الحقوقية نادية عبد إن "الصور النمطية للمرأة في المجتمع تفترض أن مصير الفتاة هو الزوج، لذا فلا داعي للاختلاط أو تكوين الصداقات. إذ تلجأ الكثير من العوائل عند محاولة تزويج أبنائها السؤال عن أخلاق الفتاة المراد التقدم لخطبتها وسلوك صديقاتها وسمعتها الأخلاقية".
وتضيف أن "هذا الافتراض يؤثر بحق في مسألة تكوين الصداقات، فيردد الأهل عبارات مثل (ربما تهرب الفتاة مع صديقتها، أو تنخرط في تكوين علاقات غرامية مع شبان بتحريض من صديقتها أو تتورط وتصبح ضحية لعصابة إجرامية بإرشاد وتعاون صديقتها) وغيرها الكثير من الحجج الذي تدفعهم لمنع بناتهم ممن تكوين علاقات دون موافقتهم".
وإذا كانت الصداقة حدثت بموافقة الأب والأم "سنشهد هنا متابعة من جانب الذكور (الإخوة) تحديداً، لأنهم ينظرون لفكرة الفضيحة والعار كأنها تمسهم وتؤثر عليهم أكثر من آبائهم" حسب عبد.