المحايد/ ملفات
يستعد العراق لاستضافة أول مؤتمر لدول الجوار الإقليمي نهاية الشهر الجاري، بعد ما وجّه أول دعوة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لحضور المؤتمر، ليأتي هذا اللقاء بعد قرابة عقدين من الزمان منذ العام 2003، لتتخبى خلفها أهداف تسعى حكومة مصطفى الكاظمي لتحقيقها.
ويسعى العراق لاحتضان القمة بهدف تقليل التوتر في المنطقة وتركيز الجهود لمحاربة الجماعات الإرهابية، إضافة إلى مؤشرات يوضحها مختصون في أدنى التقرير، من بينها رغبة بغداد بتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع دول الجوار وفتح أبوابها أمام الاستثمارات، وخاصة لإقامة مشاريع في المناطق المتضررة من الحرب ضد تنظيم "داعش" الإرهابي.
ويرى مراقبون أن ظاهر الدعوة لعقد القمة، هو المصلحة العامة واستعادة دور بغداد الإقليمي، إلا أنهم يشيرون إلى أن نجاحها مرهون باستقلالية القرار العراقي وعدم تبعيته لأي لاعب إقليمي أو دولي.
ويقول المحلل السياسي العراقي، الدكتور عادل الأشرم، إن "مؤتمر دول جوار العراق الذي دعا إليه مصطفى الكاظمي في ظل الظروف العصيبة التي تعيشها البلاد، هو تحرك جيد إذا ما كان نابعا من الداخل، لأن العراق يحتاج إلى عملية التواصل الإقليمي مع دول الجوار والمنطقة، ومحاولة جمع الأطراف المجاورة والإقليمية على مائدة واحدة، لأن هذا سوف يكون في صالحه في معظم الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية، لذا فإن هذا التحرك وفق الشروط التي ذكرناها، هو تحرك إيجابي، إذا تمكنت تلك الدول من تحجيم الدور الإيراني المهيمن على العراق وقراره السيادي".
وأضاف الاشرم، أن "تلك الدعوة هي نقلة نوعية يجب أن يستفيد منها العراق، لكن هل تمت تلك النقلة بموافقة العراق دون أن يكون له رأي أو مشورة، وهذا هو السؤال الذي يجب أن نركز عليه، ويجب على الدول التي تدخل مع العراق في مثل هكذا مؤتمرات أن تأخذ بعين الاعتبار، هل هذا المؤتمر يأتي لخدمة العراق والمنطقة في وجه التهديدات وعدم الاستقرار والتصدي للإرهاب والمشاريع الأجنبية العالقة في العراق والدول العربية، أم هناك أهداف أخرى إقليمية وراء عقد هذا اللقاء".
وتابع المحلل السياسي: "أما إذا كان هذا المؤتمر من أجل إرسال الرسائل النظرية للرأي العام في الداخل العراقي أو في الخارج، فهي أمور مكررة عفا عليها الزمن، وجربنا الكثير منها طوال السنوات الماضية، فالكثير من المؤتمرات ذات النطاق العالمي أو الإقليمي وحتى اللقاءات الفردية، علينا أن ندرس مردود هذه المؤتمرات على الشارع العراقي وعلى الدول العربية والإقليمية، يجب أن يكون هناك مردود لمثل هذه اللقاءات على الداخل الذي يعيش أزمة حقيقية عسكرية وأمنية وزراعية واقتصادية وصحية، علاوة على ارتهان بلد بالكامل إلى النفوذ الخارجي".
وتساءل الأشرم، عن الحضور الإيراني في هذا المؤتمر، وما الذي يؤشر إليه حضورها، وهل لديها ما تقوله في هذا المضمار، هذه هي المؤتمرات التي يجب أن تنجح، أما المؤتمرات الشكلية في الإطار النظري كما حدث في مؤتمرات دعم وبناء العراق، جميعها لم نلمس لها أي ايجابيات على الأرض، الأمر الذي ولد نوعا من اليأس لدى الجماهير وعدم الثقة في أي من تلك اللقاءات".
واستطرد قائلاً: "هل الكاظمي يمتلك مقدرة حقيقية على أن يقود موقف العراق في مثل هكذا مؤتمر، بشكل سيادي ومستقل عن الإرادة والنفوذ الإيراني، أم أنه محكوم بأجندات والأحزاب والميليشيات المدعومة من إيران والتي لها أنشطة عسكرية خارج منظومة الدولة، وتمتلك السلاح المنفلت الذي يمكن أن يهدد الدولة بشكل كامل، وتستطيع أيضا أن تؤثر في الكاظمي الذي جاء أيضا بموافقة تلك الأحزاب والمليشيات، فهل باستطاعة الكاظمي أن يتمرد على كل تلك المآلات التي أوصلته إلى رئاسة الوزراء، فكم من القرارات التي اتخذها الكاظمي حول تحيد الميليشيات والقضاء على الفساد واستعادة سيادة الدولة، بعد تلك الشهور اكتشفنا أن جميعها أقوال وليست أفعال على أرض الواقع".
ونشرت صحيفة "الشرق الأوسط" وفقا لما نقلته عن مصدر عراقي أنه من المقرر عقد المؤتمر في الأيام العشر الأخيرة من شهر أغسطس/ آب الجاري على مستوى القمة، وأنه لن يقتصر على دول جوار العراق سواء كانت عربية أم إسلامية فقط بل ستمتد الدعوات إلى دول أخرى في الجوار الإقليمي لهذا البلد.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول، لم تسمه: "من أهم ما يناقشه المؤتمر التحديات السياسية والأمنية التي تواجهها دول المنطقة سواء في سياق علاقاتها الثنائية أو على صعيد مجمل التحولات والتأثيرات الإقليمية الآنية والمستقبلية".
وفي وقت سابق من اليوم، أعلنت الخارجية العراقية، أن وزيرها فؤاد حسين، سلم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، دعوة لحضور قمة قادة دول الجوار، بالعاصمة بغداد.
وذكرت الوزارة في بيان، أن "الرئيس أردوغان استقبل الوزير حسين، مساء السبت، بمدينة إسطنبول، حيث بحثا "مجموعة قضايا تتصل بالعلاقات الثنائية والوضع بالمنطقة".
وأضافت، أن "حسين سلم الرئيس التركي، دعوة من رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لحضور القمة المزمع عقدها نهاية أغسطس/آب الجاري، على مستوى قادة دول جوار العراق".