المحايد/ ملفات
وسط أزمة سياسة متنامية، بين مينسك وجارتها ليتوانيا التي تستضيف معارضي النظام البيلاروسي، دخل ملف المهاجرين في حرب دعائية، كان بطلها لاجىء عراقي،توفي على الحدود بين البلدين، حسبما تقول صحيفة "واشنطن بوست".
وبث التلفزيون الحكومي البيلاروسي لقطات لجثة المهاجر العراقي، جعفر حسين يوسف الحارس (39 عاما)، مصابا بكدمات. وظهر شخص عرّف عن نفسه بأنه شقيقه، وهو يقول أمام الكاميرات: "إنه ليس إرهابيا".
والأسبوع الماضي، أمر الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشنكو "بفتح تحقيق" والعثور كذلك على أقارب المتوفى وإصدار تأشيرة دخول تمكنهم من المجيء إلى بيلاروس واستلام الجثمان.
أما ليتوانيا فتشكك في الأمر برمته، معتبرة التقارير الإعلامية عن وفاة العراقي الذي كان يحاول دخول أراضيها "قصة مخترعة لتشويه سمعتها، من خلال استخدام المهاجرين كبيادق".
وتصف رئيسة وزراء ليتوانيا، إنغريدا سيمونيت التقارير بـ"المفبركة وأنها حرب دعائية"، قائلة: "سمعنا هذه الأكاذيب من قبل".
وتشتبه السلطات الليتوانية في قيام مينسك بتنسيق تدفق المهاجرين، ومعظمهم عراقيين، ردا على العقوبات المفروضة من الاتحاد الأوروبي بسبب القمع السياسي في بيلاروس.
بدورها، أكدت وزارة الخارجية العراقية إنها تتابع القضية عن كثب وحذرت مواطنيها من الوقوع ضحية لتجار البشر. كما علقت الخطوط الجوية العراقية، الخميس الماضي، رحلاتها إلى مينسك لمدة أسبوع.
وعلى الرغم من نفي بيلاروسا، يرى الاتحاد الأوروبي أن مينسك تستخدم المهاجرين كسلاح للضغط على جارتها التي تستضيف معارضي النظام البيلاروسي.
وكان وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، في نهاية يوليو: "للأسف، يستخدم المهاجرون مجددا كسلاح". كما طلب من السلطات العراقية تبرير سبب استخدام مطار بغداد لنقل مهاجرين إلى بيلاروس من حيث ينتقلون بشكل غير قانوني إلى ليتوانيا.
وفي يونيو، هدد لوكاشينكو بوقف مراقبة بيلاروسيا لمنع تدفق اللاجئين والمخدرات إلى أوروبا، إشارة إلى تدفق مهاجرين، وأغلبهم من العراق، وصلوا إلى بيلاروسيا بتأشيرات سياحية، ومن ثم تم نقلهم في شاحنات صغيرة إلى الحدود مع ليتوانيا.
أكدت وزارة النقل العراقية، الخميس، إيقاف رحلات الخطوط الجوية العراقية إلى العاصمة البيلاروسية "مينسك" من مطار بغداد، فيما قالت الخطوط إن القرار "مؤقت" ويستمر لمدة أسبوع.
ويرى محللون، تنقل عنهم الصحيفة الأميركية، أن استخدام بيلاروسيا لأزمة المهاجرين لزعزعة استقرار الجيران لن يؤدي إلى إعادة التفكير في العقوبات الأوروبية المفروض على النظام، بسبب حملته العنيفة ضد المعارضة بعد الانتخابات الرئاسية الصيف الماضي.
والعام الماضي، عمت احتجاجات حاشدة أنحاء البلاد لأشهر مع خروج عشرات الآلاف إلى الشوارع للتنديد بحكم لوكاشنكو.
ويحكم لوكاشنكو (66 عاما) بيلاروس بقبضة حديد منذ أكثر من عقدين ورد على التظاهرات بحملة قمع أوقف خلالها الآلاف أفاد كثر منهم بأنهم تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة خلال احتجازهم، ما أدى إلى فرض عقوبات غربية على هذه الدولة التي تدعمها موسكو.
ووفقا لمحللين، تنقل عنهم صحيفة "واشنطن بوست"، فإن اتهامات بيلاروسيا ضد حرس الحدود الليتوانيين جاءت في الوقت الذي توجهت فيه العداءة الأولمبية البيلاروسية، كريستسينا تسيمانوسكايا، إلى بولندا لطلب اللجوء، قائلة إنها تخشى العودة إلى بلادها بعد انتقادها منتخب بلادها الأولمبي.
كما جرى الحديث عن حادثة المهاجر العراقي في وقت متأخر من الثلاثاء، وهو نفس اليوم الذي أعلنت فيه ليتوانيا أنها ستبعد أولئك الذين يحاولون دخول أراضيها.
في الوقت الذي يجري فيه العراق ولاتفيا وليتوانيا والاتحاد الأوربي مباحثات "مكثفة" بشأن موضوع آلاف اللاجئين العراقيين الذين يعبرون حدود بيلاروسيا إلى دول الاتحاد، انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي فيديو لعدد من هؤلاء المهاجرين، وهم "يحرقون ملابسهم طلبا للدفء" كما قال أحدهم.
وبالفعل، دفع حرس الحدود الليتوانيون، الأربعاء، 300 مهاجر للعودة إلى بيلاروسيا، ووافقوا على 19 مهاجرا، وتم إيقاف 100 آخرين، مع تأكيدهم على عدم إعادتهم بالقوة أو باستخدام العنف.
وعلى الجانب الآخر، تحدث حرس الحدود البيلاروسي، الثلاثاء الماضي، عن عودة نحو 40 مهاجرا، بينهم نساء وأطفال، إلى بيلاروسيا "مصابين بجروح" بعد أن أعادتهم ليتوانيا.
ومنذ بداية العام الجاري، سجلت ليتوانيا التي يبلغ عدد سكانها 2.8 مليون نسمة دخول أكثر من 4 آلاف مهاجر، معظمهم من العراقيين.