المحايد/ ملفات
المستويات المرتفعة لنسب انتحار النساء في محافظة كركوك دفعت ناشطات نسويات للمطالبة بإيقاف اضطهاد وتعنيف النساء والفتيات.
تقول الناشطة الحقوقية تغريد أياد، إن "حالات الانتحار بين النساء ارتفعت بدرجة كبيرة خلال الأشهر الماضية".
ووفقا لمدير مكتب مفوضية حقوق الإنسان في كركوك سجاد جمعة، فإن المحافظة سجلت 35 حالة انتحار بين النساء خلال النصف الأول من العام 2021.
وكانت كركوك سجلت 165 حالة انتحار نصفهن لنساء خلال 2019، بينما سجلت 64 حالة خلال 2020، وأكثر من نصف تلك الحالات كانت لنساء، بحسب مدير المفوضية.
وتضيف أياد، أن "العنف الأسري قد يدفع النساء للانتحار، لكن، من الواضح غياب الحلول أو الإستراتيجيات الحكومية الكافية، للحد من الأسباب الحقيقية للانتحار".
"كما أن هناك ارتباطاً كبيراً بين العنف الأسري الذي تغذيه العادات القبلية المتوارثة والفقر والبطالة، إذ أن نسبة كبيرة من حالات الانتحار حدثت لنساء يعاني أزواجهن من البطالة، وهذه ظاهرة"، تتابع أياد.
وكانت مفوضية حقوق الإنسان سجلت 15000 قضية عنف أسري في العراق خلال عام 2020، بشكل عام، وأصدرت 4000 مذكرة القاء قبض، بسبب هذه القضايا.
وصمة العار
في المقابل، ترى الخبيرة في علم النفس الاجتماعي الدكتورة صبيحة الصالحي، أن ارتفاع معدلات الانتحار بين النساء والفتيات لا يقتصر على محافظة كركوك فقط، بل في جميع محافظات البلاد.
وتشير الأرقام الرسمية التي تصدرها مفوضية حقوق الإنسان، حتى بداية شهر يونيو 2021، إلى أن النصف الاول من العام نفسه شهد توثيق (87) حالة ومحاولة انتحار منهم (47) من الذكور و(27) من الإناث، و(13) من الأحداث.
وسجلت محافظة ذي قار أعلى معدلات الانتحار بواقع (19) حالة تلتها محافظة بغداد بـ(18) حالة.
وتقول الصالحي إن "الأرقام التي يعلن عنها بشأن انتحار النساء والفتيات غير دقيقة، لكنها مع هذا صادمة".
وتضيف "نحن نعيش في مجتمع طبيعته محافظة وعاداته وتقاليده عشائرية، ترى في انتحار النساء وصمة عار على العشيرة. لذا نجد أن الكثير من حالات الانتحار لا يتم الإعلان عنها أو تسجيلها رسمياً".
وتوضح الصالحي أن "قضية وصمة العار تعود لتقاليد عشائرية متعلقة بـ(غسل العار) إذ يربط الناس عادةً انتحار امرأة ما، بقلتها من قبل عشيرتها للتخلص من عارها".
"كما أن إقدام المرأة أو الفتاة على الانتحار دليل على معاناتها من ضغوط عائلية كبيرة، فمن غير المعقول أن تنتحر دون تشجيع من الأشخاص المقربين"، حسب الصالحي.
وتتابع: "لقد التقيت بالكثير من النساء المعنفات اللواتي عندما يتعرضن للضرب المبرح والتعنيف الشديد من قبل الزوج أو أحد أفراد أسرهن، يقمن بإيذاء أنفسهن وضرب أجسادهن في أي شيء يقع بالقرب منهن".
وتبيّن أن أُسَر بعض اللواتي يقدمن على أذيّة أنفسهن "لا تحاول إنقاذهن أو إيقافن عن فعل ذلك، إنما يقول بعض أقاربهن (استمري أكثر أستمري كي نتخلص منك)" على حد تعبير الصالحي.
سلطة القانون
في نفس السياق، ترى المحامية نوال خضير، أن مسؤولية ارتفاع معدلات انتحار النساء في البلاد تقع على الحكومة ومؤسساتها المعنية.
وتقول، إن "الانتحار بشكل عام لم يحظ بالاهتمام الكافي من قبل الحكومة، ولأسباب عديدة ربما أهمها القوانين وسلطتها الضعيفة".
وتضيف خضير، أن "أغلب حالات الانتحار تحدث في لحظة لا تجد فيها المرأة غير منزلها الذي تسكن فيه، لأنها لا تتمكن من إخبار الشرطة وتقديم شكوى ضد أحد أفراد أسرتها، كأن يكون زوجها أو شقيقها أو والدها، لأن مثل هذه الشكاوى تترك للأسرة كي تحلها بعيداً عن الشرطة".
وتؤكد أن "ضعف سلطة القانون نتيجة للفساد المستشري، وعدم تشريع قانون مناهضة العنف الأسري، سببان لتزايد حالات الانتحار".