المحايد- ملفات
رغم التنوع الكبير في بيئة العراق التي تحوي مناطق جبلية وشلالات ومناطق صحراوية وبحيرات كبيرة وأهوار وسهول واسعة، بالإضافة إلى تعدد المزارات الدينية والأثرية التي تعود لبداية نشوء الحضارة، إلا أن السياحة في العراق تقتصر بمعظمها على السائحين العراقيين فقط.
وأقرت الأمم المتحدة الـ27 من أيلول يوم عالميا للسياحة، كجزء من التشجيع على السياحة، وفرصة لتلاقي الشعوب والتبادل الثقافي، وكونها تمثل مصدراً مالياً كبيراً لبلدان العالم.
يقول حيدر عبدالحسين، المدير السابق في وزارة السياحة التي تم دمجها بوزارة الثقافة، "كان العراق قبلة للسائحين في العالم، نظراً للتنوع الديني والبيئي والآثاري الهائل من أقصى شماله حتى أقصى جنوبه، حتى دخل العراق في حرب طاحنة مع إيران لمدة 8 سنوات ليتوقف كل شيء".
ويتابع عبدالحسين (67 عاماً)، في حديثه لموقع ()، "منذ ثمانينيات القرن الماضي وحتى اليوم، لم تعد هناك سياحة في العراق بالشكل الذي كانت عليه خلال السبعينيات، فالحروب المستمرة والصراعات السياسية وامتدادها من غزو الكويت 1991 حتى دخول تنظيم داعش في البلاد عام 2014، قتلت واحدة من أهم موارد الدولة، ألا وهي السياحة".
"بين الحين والآخر، تظهر صور ومقاطع فيديوية، لسياح أجانب من أوروبا وأميركا يجرون جولات سياحية في مختلف مناطق البلاد، لكنها ليست بمستوى الطموح، وجاء هذا نتيجة تحول مناطق البلاد إلى مناطق ساخنة قد تشتعل فيها المواجهات العشائرية في أي لحظة، خصوصاً في الجنوب"، وفقاً لعبدالحسين.
أما الخبير الاقتصادي فاضل الجواهري، فيؤكد لموقع ()، أن "العراق تعرض لخسائر تقدر بمليارات الدولارات منذ عام 2003 وحتى اليوم نتيجة عدم إيلاء الحكومة الاهتمام اللازم بقطاع السياحة في البلاد".
ويتابع أن "هناك بلدان كبرى في العالم تعتمد بصورة كبيرة على زيادة الناتج القومي من خلال قطاع السياحة، مثل مصر ولبنان وسوريا سابقاً وبلدان آسيوية وأوروبية أخرى".
وبين أن "الفوضى الإدارية والصراعات السياسية ومحاولة بعض الجهات ضرب السياحة في العراق لخدمة بلدان معينة مثلما تم ضرب القطاعات الصحية والخدمية في العراق، حالت دون النهوض بالقطاع السياحي في البلاد".
ويشتهر العراق بمناطق سياحية متنوعة، منها:
- الدينية مثل مراقد الأنبياء والأولياء والأئمة المنتشرين من أقصى الشمال حتى أقصى الجنوب، والكنائس الأثرية وأماكن عبادة للصابئة واليهود والأيزيديين.
- الطبيعية مثل جبال كردستان والمناظر الخلابة المنتشرة في محافظات أربيل والسليمانية وحلبجة ودهوك، فضلا عن الأهوار التي دخلت ضمن قائمة التراث العالمي.
- وكذلك تشتهر مناطق العراق بالكهوف والقصور والبحيرات، مثل حصن الأخيضر وكهوف الطار وبحيرتي الثرثار والحبانية.
- المناطق الأثرية التي أدرجت على لائحة التراث العالمي مثل أثار بابل والحضر في محافظة نينوى.
إنقاذ السياحة
في دراسة له، يقول المختص في الشأن السياحي عادل شبيب، إنه "في السابع والعشرين من أيلول/ سبتمبر تحتفل وفي كل عام منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة بيوم السياحة العالمي، وتم اختيار هذا التاريخ في عام 1970، والغرض من الاحتفال بهذا اليوم هو زيادة الوعي بدور السياحة داخل المجتمع في جميع أنحاء العالم".
وأضاف "في العراق الذي تمتد حضارته بأعماق التاريخ، هناك إمكانية لإقامة أنواع عديدة من السياحة، إلا أن مقومات السياحة في العراق لم تستثمر الاستثمار الأمثل".
ونبه شبيب إلى أن "الاعتماد الكلي على النفط الخام كمصدر رئيسي من مصادر الدخل الوطني مع إهمال واضح للقطاعات الاقتصادية الأخرى كان من نتائج ذلك الازمة المالية التي نعيشها اليوم بسبب تقلبات أسعار النفط الخام وتفشي كورونا الفتاك".
ولفت إلى أن "هناك عدم اهتمام الحكومات المتعاقبة بتطوير السياحة ووضع الخطط والبرامج لذلك بقيت متخلفة، كما أن تخلف طرق النقل ووسائله وعدم التطور في هذا الجانب سواء بالنسبة للطرق البرية (السيارات والسكك الحديد) أو بالنسبة للطرق النهرية (الغير مفعلة أصلا) أو الجوية".
وبيّن المختص في دراسته أن واحدة من أهم أسباب انهيار القطاع السياحي في العراق "التدهور الأمني والصراعات الطائفية والسياسية والعشائرية فلا سياحة بدون استقرار وأمان، كما أن ضعف التخصيصات المالية لقطاع السياحة في الموازنة الاتحادية".
وأشار إلى أن "تخلف وسائل الإعلام وعدم تنوعها لم يسمح بالترويج للسياحة في العراق وترغيب الافراد والشركات في السفر إلى العراق والتعرف على ما سمعوه أو شاهدوه، وساهم في دفن السياحة العراقية".
ومضى "كما أن عدم فتح المجال أمام الاستثمارات المحلية والأجنبية للمساهمة بالنهوض بالقطاع السياحي عموما، أدى إلى عدم وجود رغبة دولية بزيارة المناطق السياحية في العراق، واقتصار الأمر على السياحة الدينية من قبل بلدان مهتمة فقط بالأضرحة والمراقد الدينية".
ودعا شبيب الباحث بالآثار، إلى "القضاء التام على كل أشكال وأنواع الإرهاب في العراق، وتأهيل المناطق السياحية وتخصيص المبالغ المالية واسناد المناصب الإدارية في مرافق السياحة للكفاءات بعيدا عن المحاصصة، ليعود العراق وجهة عالمية سياحية".