الصفحة الرئيسية / بالأرقام.. موازنة 2022 بين الانهيار وانقاذ ما تبقى من اقتصاد العراق

بالأرقام.. موازنة 2022 بين الانهيار وانقاذ ما تبقى من اقتصاد العراق

 

الموازنة الاتحادية لعام 2022 استحقاق نيابي لم يتحقق إبان الدورة التشريعية للبرلمان العراقي التي انتهت نتيجة قرار مجلس النواب القاضي بحل نفسه قبيل موعد الانتخابات التشريعية، التي جرت في العاشر من تشرين الأول أكتوبر الجاري، ما جعل هذا الاستحقاق أول التحديات التي سيواجهها مجلس النواب الجديد.

 

ويشهد مشروع قانون الموازنة الاتحادية صراعات سياسية وشد وجذب بين الكتل السياسية والحكومة، ويكاد يكون تأخر إقرار هذا القانون هو السيناريو المعتاد والمتكرر في كل سنة مالية.

 

يؤدي ذلك إلى إرباك الشارع العراقي الذي يترقب إقرار مشروع الموازنة، ليعود تدريجيا إلى استقراره الاقتصادي والمعاشي.

 

وبحسب قانون الإدارة المالية فإن مشروع قانون الموازنة يأتي من الحكومة إلى البرلمان في شهر سبتمبر/ أيلول من كل عام، ليجري دراسته من قبل اللجان المختصة في مجلس النواب، ومن ثمة يعرض على المجلس للقراءة الأولى التي غالبا ما تكون مسرحا للخلافات بين الكتل النيابية، وفي حال اتفاقها يعرض أمام المجلس لقراءته ثانية بهدف التصويت عليه.

 

وكان مجلس النواب بدورته المنتهية قد اقترح اعتماد ماورد في قانون الموازنة الاتحادية الحالي للعام 2022 أيضا، في محاولة للإسراع بالتصويت على الموازنة الاتحادية قبيل حل البرلمان لنفسه.

 

إلا أن هذا الأمر لم يتحقق لانشغال الكتل البرلمانية بالتهيئة للانتخابات التشريعية من جهة، وتجنب الخوض في أية صراعات سياسية تتعلق بالقانون من جهة أخرى.

 

 

50 دولار لبرميل النفط

وقبل أيام، أعلن مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية مظهر محمد صالح، اكتمال اعداد مسودة موازنة العام المقبل 2022، واحتساب سعر برميل النفط بمعدل 50 دولارا للبرميل.

 

ويقول صالح، إن "مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2022 شبه مكتمل، إلا أن الحكومة الحالية دخلت في مرحلة تصريف الأعمال ولايحق لها مناقشة أو تقديم مشاريع القوانين ومنها هذا القانون".

 

ويضيف صالح، أن "مشروع القانون كان يجب أن يقدم إلى مجلس الوزراء لدراسته منذ أيلول/ سبتمبر الماضي ليقرّ كمسودة مشروع ترفع إلى مجلس النواب"، مبينا أن "الحكومة لم تستطع إرساله في الوقت المحدد بسبب انشغال أعضاء البرلمان بالاستعداد لخوض الانتخابات التشريعية".

 

ويتوقع مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية بأن "الحكومة الجديدة وحال تشكيلها ستطلب من وزارة المالية مشروع قانون الموازنة لدراسته وإرساله إلى مجلس النواب، الذي سيقوم بدوره بمناقشته كأول قانون بعد بدء أعماله وتشكيل لجانه النيابية المختصة".

 

ويؤكد أن "الموازنة الاتحادية لعام 2022 ستكون مريحة، وأن العجز فيها سيكون افتراضيا، مع زيادة متوقعة قد تصل إلى 10% مع تحسن أسعار النفط وتوفر الانضباط المالي".

 

وشهدت الدورة البرلمانية المنتهية سجالات ونقاشات واسعة قبل التصويت على قانون الموزانة الاتحادية لعام 2021.

 

ولم تنتهي هذه الصراعات حتى بعد تصويت مجلس النواب على القانون، حيث طعنت حكومة مصطفى الكاظمي بعدد من فقرات القانون التي قالت بأنها جاءت مخالفة لما نص عليه قانون الموازنة، وإن هذه الفقرات أدت إلى تعطيل أو عرقلة البرنامج الحكومي الرامي إلى الإصلاح الاقتصادي.

 

ويجد العضو السابق في اللجنة المالية النيابية أحمد الصفار أن "الحكومة الجديدة ستعتمد سياسة مالية تختلف عن سابقتها، اعتمادا على برنامجها الحكومي ورؤيتها المالية والاقتصادية التي ستعتمدها".

 

ويحذر الصفار من "استشراء الفساد المالي والإداري وعجز الحكومة القادمة عن محاربته ووضع الاستراتيجيات الكفيلة بالقضاء عليه، كونه من أبرز التحديات التي تواجه البلاد وتؤدي إلى زيادة نسب العجز المالي في الموازنة الاتحادية، نتيجة عرقلة وصول الموارد الاتحادية إلى خزينة الدولة بالكامل".

 

ويشير العضو السابق إلى أهمية اعتماد الحكومة القادمة على سياسة توسعية بالإنفاق العام والتركيز بشكل أكبر على توفير فرص العمل وخفض مستوى الفقر وتخصيص نسبة أكبر للموازنة الاستثمارية، إضافة إلى تنفيذ المشاريع المتوقفة منذ سنوات طويلة، التي يمكن من خلالها تحريك الاقتصاد العراقي واستيعاب اليد العاملة المحلية".

 

ويأمل المراقبون بأن تتمكن الموازنة الاتحادية للعام 2022 من حل ومعالجة المشاكل الاقتصادية وتوفير فرص العمل للشباب العاطلين، فضلا عن تامين الاموال الازمة لتنفيذ المشاريع الاستثمارية.

 

ويقول الخبير في الشأن المالي والاقتصادي صفوان طه في حديثه لموقع (ارفع صوتك)، إن "العراق  بحاجة إلى تمويل الإنفاق العام التشغيلي والاستثماري بحدود 140 ترليون دينار عراقي، ويمكن للبرلمان القادم إقرار بعض البنود التي سيتضمنها قانون الموازنة لعام 2022 من الفائض النفطي في حال ارتفاع إيرادات العراق النفطية".

 

ويتوقع طه أن "تشهد موازنة العام المقبل بعض الإيرادات الإضافية من الغاز، إضافة إى إعادة النظر بتوسيع قاعدة التحاسب الضريبي"، مبيناً أن "الفائض المالي النفطي يجب أن يوجه إلى المشاريع المعطلة أو الاسراع بتسديد ديون العراق الخارجية، وضبط المنافذ الحدودية والجمركية بما يسهم في زيادة مستوى الإيرادات غير النفطية".

 

وينص الدستور العراقي على أنه لا يجوز لمجلس النواب انهاء فصله التشريعي دون التصويت على قانون الموازنة الاتحادية، بيد ان مجلس النواب بدورته المنحلة فضل عدم التصويت على قانون الموازنة.

 

انهيار الدولة

وبينما يعيش العراق أجواء سياسية مشحونة عقب إعلان نتائج الانتخابات، يرى خبراء في مجال الاقتصاد، أن استمرار "النهج السابق في إبرام الموازنات وتبويبها بما يتلاءم من مطامع الأحزاب السياسية سيؤدي إلى انهيار الدولة ومؤسساتها".

 

ويقول المختص بالاقتصاد رعد المشهداني، أن "ما جرى من مارثون سياسي طويل خلال إبرام الموازنة السابقة، انعكس بشكل مباشر على حياة العراقيين وأدى إلى زيادة الانفاق الحكومي بشكل مهول دون إضافة أي مخصصات لانعاش القطاع الخاص".

 

ويتابع أن "موازنات الأعوام الماضية لم تراعي البطالة وتوفير فرص عمل حقيقية للشباب والخريجين، لذلك فإن حصول اي سيناريو مشابه لما مضى خلال إقرار الموازنات المقبلة يعني الذهاب بالبلاد إلى الانهيار التام".

 

ويعد العراق ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك، لكنه يعاني من أزمات اقتصادية كبيرة، تضاعف معها معدل الفقر في البلاد في عام 2020 إلى40% من عدد السكان البالغ 40 مليوناً، وفق تقديرات البنك الدولي.

 

وخسر الدينار العراقي، أمام الدولار الأمريكي 25% من قيمته، لتسبب ذلك بارتفاع في اسعار المواد الغذائية والمستوردة، ما انعكس سلباً على واقع المواطن العراقي.

 

ويدعو الخبير الاقتصادي باسم انطوان، إلى "استثمار ارتفاع أسعار النفط في اقرار الموازنة المقبلة، وإيجاد تمويل مباشر للقطاع الخاص ومنح إجازات الاستثمار للشركات المحلية والأجنبية لتوظيف أعداد اكبر من الشباب العاطلين عن العمل".

 

وقدرت قيمة العجز في مشروع قانون موازنة 2021 بنحو 49 مليار دولار.

 

وفي موازنة 2021 بلغت قيمة العجز، كما أقرها البرلمان 19,8 مليار دولار مقابل 23,1 مليار في العام 2019.

 

وجاء إيرادات موازنة 2021 بنحو 69,9 مليار دولار، احتسبت بناء على تصدير النفط الخام على أساس سعر 45 دولاراً للبرميل، ومعدل تصدير ثلاثة ملايين و250 ألف برميل في اليوم.

 

أما قيمة موازنة 2021، فقد بلغت 89,7 مليار دولار، أدنى بنحو 30% من آخر موازنة أقرت عام 2019. 

20-10-2021, 16:44
العودة للخلف