المحايد/ بغداد
"كانت محافظة البصرة قبلة للسائحين من داخل وخارج البلاد، حيث أن طبيعتها الجغرافية وتنوعها السكاني يؤهلانها لتكون في طليعة المدن العراقية، لكنها اغتيلت من قبل مافيات الفساد والفوضى وتجار الدين والسياسية، وتحولت مناطقها إلى بؤر للمخدرات والجريمة"، يقول فرقد كاظم، بينما يقف على إحدى ضفاف شط العرب.
مواطنو البصرة، اشتكوا من "عدم اهتمام الحكومات المحلية بالجانب الترفيهي للمحافظات عموماً (المتنزهات والخدمات)" وخصوصاً محافظتهم.
تقول أيمان قاسم (40 عاماً)، وهي صاحبة شركة سياحة في البصرة، وأم لأربعة أطفال: "يدرك البصريون جيداً أن لا تغيير في واقع المحافظة الخدمي أو الترفيهي، وليس أمامهم خيار سوى الذهاب إلى محافظات اقليم كردستان، لقضاء أوقات ممتعة مع عوائلهم".
وتضيف "صحيح أنني أعمل في وزارة المالية، لكنني أسست شركتي الخاصة بالسياحة أيضاً، وذلك بعد أن مررت بجربة مرة فيما كنت أحاول إيجاد متنزه قريب على منطقة سكني (مناوي باشا)، حتى أصطحب أطفالي في الهواء الطلق".
وتوضح قاسم، وهي منفصلة عن زوجها منذ سنوات: "بصراحة، النساء اللاتي يعشن وحدهن من المطلقات والأرامل، يجدن صعوبة في التنقل بين الحدائق والمتنزهات، لأسباب لا أود ذكرها، لذلك أفضل الذهاب سنوياً برفقة أطفالي إلى اقليم كردستان، حيث أجد مساحة أكبر معهم".
وتشير إلى أن "عشرات العائلات تعبر عن ضجرها بشكل مستمر من واقع البصرة الترفيهي وعدم وجود أماكن ملائمة لأوضاعهم المالية، عدا عن الازدحام الدائم حول المتوفر من مدن ألعاب ومولات تجارية وغيرها، لذلك يفضل معظمهم الذهاب إلى كردستان".
"نعطي النفط ونجني الفساد"
يتحدث عضو لجنة الخدمات والإعمار النيابية السابق جاسم البخاتي ، عن أسباب غياب المشاريع الاستثمارية للسكن والسياحة والاستثمار في البصرة، قائلاً: "البصرة تمنح النفط والمليارات من الدولارات كل عام للمحافظات بينما يأكلها الفساد والفقر وأمراض السرطان".
ويؤكد أن "هناك جزراً ومنافذ بحرية وأهواراً، لم تحدث فيها أية مشاريع استثمارية، بسبب الفساد والمحاصصة والمحسوبية، وهروب الشركات الاستثمارية بسبب المواجهات العشائرية وعمليات التهديد المستمرة التي تتعرض لها من مختلف الجهات".
من جهته، يقول المختص في الاستثمار السياحي فرقد كاظم، وهو مواطن بصريّ أيضاً: "أعتقد أن أمام الحكومات المركزية والمحلية المتعاقبة، مشوار طويل لإعادة رونق البصرة وألقها مجدداً، فالسلاح المنفلت يهدد كل شيء في هذه المدنية التي تعطي كل شيء ولا تأخذ إلا الفتات".
ويوضح أن "مئات المليارات من الدولارات خصصت لتنمية الأقاليم منذ أول حكومة عراقية، لكنها ذهبت لجيوب الفاسدين وحملة السلاح المنفلت، فمن يزرع وردة في البصرة عليه أن يدفع ضعف ثمنها للمافيات حتى يتمكن من زرع الثانية، هذه هي الحقيقة المرة التي على الجميع إداركها".
"منذ 18 عاماً بلغت موازنات العراق أكثر من 1500 تريليون دينار أي نحو 1262 مليار دولار أميركي، وهذه الأرقام المخيفة لم يجن منها العراقيون سوى المزيد من الحروب والتفرقة وفقدان الشعور بالدولة، وعدم وجود أي مشاريع استثمارية حقيقة على المستوى الترفيهي والسياحي والسكني والتعليمي، لذلك أنا أدعو الجميع إلى نهضة حقيقية قبل فوات الأوان"، يتابع كاظم.