المحايد- ملفات
"لا يمكن بأي حال من الأحوال، التفكير ببيئة عراقية بلا صراعات ولا ألغام ولا مصانع تعمل خارج القانون، ولا تحويل مئات الدونمات من الأراضي إلى مراكز لجهات عسكرية، لا نعرف من أين جاءت ولا أين تمضي"، يقول حسان فريد (29 عاماً)، وهو مختص بإزالة الألغام.
ويضيف "من الموصل حتى البصرة، هناك أراض ملغمة، استغلتها أنظمة وجهات عسكرية وميليشيات وتنظيمات إرهابية، في الحروب التي نشبت منذ سبعينيات القرن الماضي حتى اليوم".
"وهناك ألغام على الجبال، وفي الوديان والصحراء، وداخل البساتين والأراضي الزراعية، تكشف لك كيف أن العراق يدور في دوامة الصراعات والحروب، وأن البيئة فقدت خاصيتها، وقتل على أثرها التنوع الطبيعي في العراق"، يتابع فريد لـ"ارفع صوتك".
وتحيي الأمم المتحدة، في 6 نوفمبر من كل عام، اليوم الدولي لمنع استخدام البيئة في الحروب والصراعات العسكرية.
وفي بيانه، للعام الجاري 2021، وجد برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن ما لا يقل عن 40% من الصراعات الداخلية خلال السنوات الستين الماضية، كانت مرتبطة باستغلال الموارد الطبيعية، سواء كانت موارد ذات قيمة عالية، مثل الأخشاب والماس والذهب و النفط، أو نادرة مثل الأراضي الخصبة والمياه.
كما تم التوصل أيضاً إلى أن فرص تأجج النزاعات تتضاعف إذا كانت مرتبطة بالموارد الطبيعية.
من جهته، يقول الوكيل الفني بوزارة البيئة عبد العزيز الفلاحي، إن السلطات العراقية مستمرة بمتابعة ملفات استغلال البيئة في الصراعات والحروب داخل العراق.
ويؤكد أن "مناطق واسعة في البصرة ومحافظات نينوى والأنبار وديالى وجزءاً من محافظات كربلاء والنجف، تجري فيها مشاريع لتطهير الأراضي الزراعية من الألغام والمخلفات الحربية، بتمويل دولي".
ويضيف الفلاحي: "العمل يجري بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي وبإشراف برنامج الأمم المتحدة لإزالة الألغام".
ويوضح: "إعادة السكان المحليين إلى أراضيهم الزراعية التي استغلت من قبل الأنظمة السابقة، تقتضي خلق بيئة مناسبة للاستقرار المجتمعي وتمكينهم من ممارسة الزراعة، والتأكيد على عدم استغلالها مرة أخرى في الصراعات، وتحويلها بيئة خصبة وغنية بالتنوع الغذائي".
ويشير الفلاحي إلى أن إعادتهم تتطلب أيضاً "مساعدة ضحايا الألغام والمخلفات الحربية، وتخليصهم من شوائب الصراعات التي تسببت بأضرار بالغة لهم مادياً ومعنوياً وجسدياً".
ومؤخراً، أعلن وزير الموارد المائية مهدي رشيد الحمداني، انطلاق المرحلة الأولى من مشروع استصلاح أراضي ديوانية- شافعية، تخدم 15 ألف دونم، باستخدام طرق الري الحديثة، بعد أن كانت قاحلة وتحولت إلى حقول ألغام.
عضو نقابة الفلاحين في الأنبار، شمخي الدليمي، يقول: "هناك آلاف الدونمات في الأنبار ومحافظات صلاح الدين وديالى ونينوى وكذلك في المناطق الجنوبية، تحولت بشكل مستمر إلى بيئة للصراعات الأمنية والعشائرية، كما هو الحال في مناطق شاسعة من محافظة ميسان".
ويضيف "الأراضي العراقية بقيت طوال العقود الماضية، بيئة تشوبها الكثير من المشاكل، حيث تحولت مساحات واسعة منها إلى مناطق ومراكز خاصة بجهات سياسية وأمنية".
"جرف الصخر والطارمية وجزء من مزارع التاجي واللطيفية وسهل نينوى، وأراضي زراعية أخرى في كركوك وطوزخورماتو، تحولت بعد عام 2003 إلى مناطق سيطرت عليها جهات مسلحة، وتمثل نموذجاً لاستغلال البيئة في الصراعات الداخلية"، يتابع الدليمي.
ويطالب في ختام حديذه، الجهات الأمنية ووزارتي التخطيط والزراعة، بتقييم الوضع البيئي في العراق، وتقديم تقارير دقيقة إلى الحكومة، لاتخاذ ما يلزم في منع تحويل البيئة كجزء من الصراع.