الصفحة الرئيسية / رئاسة البرلمان وارتباطها بـ"السلم الأهلي".. منصب المهمشين المظلومين وضرورة ابقائه بقربهم

رئاسة البرلمان وارتباطها بـ"السلم الأهلي".. منصب المهمشين المظلومين وضرورة ابقائه بقربهم

المحايد- بغداد

لا يمكن بأي حال من الأحوال، إبعاد "الصراع السياسي" عن منظومة السلم الأهلي، فالأمر مرتبط جداً بالشعور الجمعي لدى غالبية العراقيين بأن لهم حق يجب صياغته وفق متطلباتهم، ولذلك جرت العادة على إيجاد "عرف سياسي" يساهم بالتهدئة واضفاء نوع من التمثيل السياسي- المكوناتي الذي يعكس الحالة العامة للتنوع العراقي – الديني- المذهبي- القومي.


هذا العرف، ورغم سلبياته منذ تغيير النظام السابق، والدخول في مرحلة الحكم الديمقراطي- التعددي- البرلماني، ساهم بشكل أو بآخر، بإيجاد تمثيل للجميع داخل الكابينة الحكومية وفي السلطات التنفيذية والتشريعية، الأمر حافظ نوعاً ما على عدم الانجرار وراء "صراع مجتمعي" بمبررات المظلومية واستحواذ مكون معني على مناصب واستحقاق مكونات اخرى.


ونتيجة لما افرزته انتخابات تشرين الأول الماضية، من توازن مكوناتي، حيث جاءت النتائج مطابقة بشكل منطقي جداً للتوزيع المناطقي في العراق، تسعى بعض القيادات السياسية التي "خسرت" جمهورها ونفوذها ومموليها، إلى ضرب هذا الانجاز الوطني المتمثل بنتائج الانتخابات.


فالمكون الشيعية، حصد كالعادة على أعلى المقاعد، حيث جاء التيار الصدري لوحده بنحو 74 مقعداً، وهذا الفوز الصدري، يعكس وجود قاعدة جماهيرية كبيرة "فعلية" يمتلكها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، فضلاً عن تنظيمهم السياسي والميداني الدقيق.


كما جاء ائتلاف دولة القانون، الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي على 33 مقعدا، وهو أمر طبيعي كونه لا يختلف أحد على ما حقه المالكي من مكاسب سياسية نتيجة وجوده على رأس السلطة.


أما الكرد، فقد حصل الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه مسعود البرزاني على 31 مقعدا، في حين حاز منافسه الكردي تحالف كردستان على 17 مقعدا، وهذه النتائج تمثل توجه الكرد، ومكونهم الذي يحاول الحصول على المزيد من المكاسب السياسي على مستوى الإقليم والاتحادي، والمتمثل مثلاً بسعيه المستمر لتطبيق المادة 140 من الدستور.


استهداف السنة


يرى المتتبع للأحداث المتسارعة في العراق، حجم ما تعرض له المكون السني من غبن شديد وتهميش وصل حد حرمان أبنائه من "وظيفة فراش" داخل الدوائر الحكومية، وهذه قضية لا يمكن "تغطيتها" بأي شكل من الاشكال، فهناك سياسات طائفية مورست بحق ابناء المحافظات ذات الأغلبية السنية، منذ 2003 وحتى هذه اللحظة.


ومع بروز مدافع حقيقي على المكون السني، تمثل برئاسة البرلمان خلال الدورة النيابية السابقة، والتي كان على رأسها رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، فإن الأنظار عادت لملاحقة هذا المكون كونه لم يعد "بلا صوت"، أو متصدٍ يصرخ بحقوقهم داخل قبة البرلمان وخارجها.


ومع الانجازات التي تحققت خلال الدورة البرلمانية السابقة، والتي جاء في جوهرها، دعم إعادة إعمار المناطق المحررة بأفضل مما كانت عليه في السابق، حيث تحولت محافظة الأنبار إلى مثل يضرب به في باقي المناطق العراقية كونها نهضت من "ركامها إلى مستقبلها"، وبذلك فضل مسار سياسي اعد لها منذ سنوات، ويتوقع المضي على ذات المسار، خلال المرحلة المقبلة.   


عودة المحافظات المحررة،  بوجهائها   وقياداتها السياسية إلى الواجهة، زاد من "نقمة" الجهات الفاسدة وقياداتها ممن تركوا قواعدهم الجماهيرية يواجهون مخاطر تنظيم داعش الإرهابي والجوع والحرمان، دون انقاذ، وما مخيمات النزوح والمغيبين والقتلى وهم بالآلاف الا دليل على ما جرى خلال الأعوام الماضية، بالنسبة للمكون السني.


المشكلة دائماً، ان هناك من داخل المكونات السنية ممن يسعى إلى إعادة المكون السني إلى المربع الأول، إلى قبل النهضة العمرانية، وقبل أن يكون لهم صوت مسموع، متمثل برئاسة البرلمان.


ومع قرب مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات، وما استمرار تشكيل الحكومة، فإن هناك جهات "تكره" الإبقاء على حظوظ المكون السني في نيل استحقاهم الدستوري، وما رسمه العرف السياسي، خصوصا ذلك المتعلق بمنصب رئاسة الجمهورية.


هذا السعي الذي قوبل برفض من قبل القيادات السياسية الشيعية قبل السنية، والكردية قبل التركمانية، قد يهدد "السلم المجتمعي" ومنظومته بالكامل، لما لا وقد وصل السنة إلى مرحلة اليأس التام من هذه الطبقة التي انهت بهم تحت حكم "ابشع" تنظيم إرهابي في التاريخ.


خطوة اخرى ويكون السلم الأهلي في خبر كان، فالآلاف من ابناء المكون السني، مستعدون للنزول إلى الشوارع، في سبيل الدفاع عن ما تبقى من صوتهم، وفي سبيل الدفاع عن النهضة السنية الجديدة.


ويحذر محللون ومختصون في الشأن السياسي العراقي، من أن "هناك محاولات لأخذ استحقاق السنة المتمثل بمنصب رئاسة البرلمان"، مشيرين إلى أن "هذا التوجه قد يعصف بالسلم الأهلي في العراق، كون سيعمل على صعود الغضب السني، وشعرورهم بأن حقهم قد سلب منهم".


السلم الأهلي، هي آخر الحلقات في عراق ما بعد 2003، وتهديده بهذه الطريقة، بسلب حق المكون السني، بمنصب رئاسة البرلمان، قد يعصف به، وقد يؤدي إلى طريق مظلم مجهول، لا أحد يعرف نتاجاته، لذلك لابد من وقفة جادة للإبقاء على السلم الأهلي منضبطاً، ولتبقى رئاسة البرلمان من حصة المهمشين الذين ابتلوا بساسة ما بعد 2003.

25-12-2021, 18:38
العودة للخلف