المحايد/ ملفات
بعد يومين فقط من حسم هيئة رئاسة البرلمان، التي جاءت برئيس تحالف تقدم محمد الحلبوسي، رئيساً لمجلس النواب، والقيادي بالتيار الصدري حاكم الزاملي، نائباً أول له، برزت تصريحات من الكتل السياسية التي خسرت مقاعد برلمانية، تحثُّ على الطائفية، وتبعث رسائل تهديد للمكونين السني والكردي.
فالتجاذبات السياسية التي حدثت تحت قبة البرلمان يوم الأحد، انتقلت إلى استوديوهات البرامج السياسية، التي تستضيف بعض السياسيين من الإطار التنسيقي، وعبّروا عن طائفيتهم بشكل واضح، حين هددوا المكونين السني والكردي بهدر الدم، واتهامهما بتعريض السلم الأهلي للخطر.
التهديدات التي أطلقها الإطار التنسيقي جاءت عبر لسان عددٍ من سياسيي الإطار التنسيقي، بل ونوابهم، متمثلين بعالية نصيف وغيرها، حين هددوا المكونين السني والكردي، بأن النار ستلتهمهم حال اندلاعها، وتحميلهما فشل مفاوضاتهم مع التيار الصدري، الذي ما زال زعيمه مقتدى الصدر مصرّاً على حكومة الأغلبية الوطنية.
ومع أن الصدر الذي يمتلك أكثر من 75 مقعداً برلمانياً، رفض القبول بدخول زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي في حوارات تشكيل الحكومة رغم جميع الوساطات الداخلية والخارجية، يأتي هذا وسط رغبة الصدر بإبعاد المالكي عن المشهد السياسي، الأمر الذي أكده اجتماع الحنانة الذي شهد عدم حضور زعيم ائتلاف القانون.
ويدّعي أطراف بالإطار التنسيقي أن القوى السنية والكردية تحاولان شق الصف الشيعي، بغية تحقيق أهدافها ومصالحها، إلا أن مصادر مطلعة أفادت بأن ما يسمى بـ"الولائيين" يتعمدون اتهام الكتل السنية والكردية بشق صفوف الشيعة خوفاً من إثارة حفيظة الصدر، الذي قد لا يرحمهم من غضبه".
وأضافت المصادر، أن "أطرافاً عدة بالإطار التنسيقي تحاول إثارة الرأي العام وافتعال الفتنة الطائفية وإشعال فتيلها بهدف نشر الفوضى في العراق"، الأمر الذي رفضه غالبية الشارع العراقي، بأن يكونوا ضحية خسارة الكتل السياسية بالانتخابات.
"المحايد"، رصد رفضاً من المواطنين العراقيين عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، لمحاولات إشعال الفتنة الطائفية، محملين أصحاب التصريحات مسؤولية ما سيحدث مستقبلاً، وما حدث ماضياً، لاستخدامهم هذه الورقة، عندما تتعرض مصالحهم للخطر.
المواطنون أبدوا غضبهم، من تصريحات السياسيين الطائفية، وآخرها، تصريح عالية نصيف، فقد كتب أحد الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي: "عالية نصيف، وهي ضمن ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، تهدد بالدم عيني عينك.. لمجرد أن مصالح كتلتها تعرضت للخطر! بمعنى أن الجماعة مستعدين لإلقاء العراق والعراقيين في جهنم إذا لم تأت الريح بما تشتهي سفنهم".
وأضاف الناشط على الفيس بوك: "عالية نصيف تتجاهل حقيقة أن الخلاف هو بين الصدر والمالكي.. هي تتجنب أي إشارة للصدر خشية منه ومن جمهوره، وتحاول تحميل السنة والكرد مسؤولية "شق الصف الشيعي"! هذا حديث كله تدليس وتضليل.. لا السنة ولا الكرد يمكنهم التأثير على الصدر كي يقبل بالمالكي، وهذا ما تعرفه عالية نصيف جيدا، لكنها مع ذلك تخاف أن تشير إليه.. فيجب مقاضاة عالية نصيف وكل من يلجأ إلى إثارة النعرات الطائفية.. اتقوا الله في العراق والعراقيين.. فالبلد لا يحتمل حربا أهلية جديدة. كفانا حروبا ودماء.
ليس هذا فحسب، فمنشورات أخرى أدانت تصريحات جبار المعموري، وعدد من الذين ينخرطون بالإطار التنسيقي، حين هددوا بإشعال الحرب مجدداً في العراق، حسب ما نشره أبو علي العسكري، المتحدث باسم كتائب حزب الله، الذي قال إن "أياماً صعبة ستمر على العراق".
بينما ذكر منشورٌ آخر: "جماعة الإطار التنسيقي يصبون غضبهم على السنة والكرد، بعدما أبو هاشم خوّفهم بأكفان الصدريين، وسرايا السلام، فما يلكون غير السنة والكرد يحملونهم المسؤولية، اللي هم جانوا يقودونها طوال 18 عاماً مضت".
وكتب أحد المدونين على الفيس بوك، وهو أخٌ لشهيد زُهقت روحه بطائفية متعمدة على يد الميليشيات: "لم يعد أخي حاضراً بيننا، بسبب سلاح الميليشيات، والآن تحاول كتلهم السياسية زجّ الشعب بطائفية أخرى، قد تُزهق أرواح عراقيين آخرين نتيجتها، لذلك نرفض مثل هذه التصريحات التي تثير النعرات الطائفية".
ولا يبدو أن الأحزاب الخاسرة مستعدة للتنازل خشية تأثر نفوذها بعد هيمنة على السلطة امتدت من 2003 إلى حدود 2021 حين تعرضت لتصويت عقابي بعد احتجاجات شعبية بدأت في 2019، استشهد فيها ما يزيد عن 600 متظاهر وتعرض خلالها نشطاء للاغتيال أو الخطف والتعذيب والإخفاء القسري ووجهت أصابع الاتهام لميليشيات تلك الأحزاب ومن خلفها إيران.
وفي المقابل بعثت كتلة الصدر برسالة واضحة لقوى الإطار التنسيقي الشيعي في أول جلسة يعقدها البرلمان العراقي بعد انتخابات 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بأن حضر نوابها مرتدين الأكفان كأنها هيأت نفسها مسبقا لحركة التعطيل في البرلمان التي أقدم عليها نواب الأحزاب الشيعية الخاسرة التي سبق وأن هدد بعض زعمائها باللجوء للسلاح بعد أن شككت في نزاهة الانتخابات البرلمانية المبكرة.
وفاوضت تلك القوى الصدر على أمل أن تنتزع منه حقائب وزارية ضمن حكومة تريدها توافقية بينما يريدها هو "أغلبية وطنية لا شرقية ولا غربية" تقطع مع المحاصصات الطائفية والحزبية وتدفع للإصلاح وتقاوم الفساد.
ووسط تلك الخلافات، تحاول جهات الإطار التنسيقي تخوين المكونين السني والكردي، بل وتهديدهم بإراقة الدماء، وتعريض السلم الأهلي للخطر، وهو الأمر الذي دفع الصدر إلى رفض هذه التهديدات، وتحذير مطلقيها.
الصدر وفي تغريدةٍ له عبر تويتر، أكد قائلاً: "نحن ماضون بتشكيل (حكومة أغلبية وطنية)، وبابنا مفتوح لبعض من ما زلنا نحسن الظن بهم"، مضيفاً: "ومن ناحية أخرى، لن نسمح لأحد كائناً من كان أن يهدد شركاءنا أو يهدد السلم الأهلي، فالحكومة القادمة حكومة قانون، لا مجال فيها للمخالفة أياً كانت وممن كان".
وتابع: "فلا عودة للاقتتال الطائفي أو العنف، فإن القانون سيكون هو الحاكم"، مختتماً تغريدته باسمه: "مقتدى بن السيد محمد الصدر".