على الرغم من موقف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الأخير، من عودة الكتلة الصدرية إلى البرلمان العراقي، على ضوء دعوى الطعن باستقالة نوابها المقدمة لدى المحكمة الاتحادية، إلا ان ذلك لا يمنع من النظر فيها كونها تضمنت خلافاً للقواعد الدستورية والآليات التشريعية، حسب صاحب الادعاء في تلك القضية.
وكان ما يعرف بـ"وزير القائد"، صالح محمد العراقي، غرّد الخميس، حول موقف الصدر إزاء محاولات تجري لإعادة النواب المستقيلين، إذ أوصد الباب محكماً حين قال "الرأي النهائي في مسألة عودة الكتلة الصدرية إلى مجلس النواب: فهو ممنوع منعاً باتاً ومطلقاً وتحت أي ذريعة كانت، إذ يرفض الفاسدون حكومة لا شرقية ولا غربية ذات أغلبية وطنية ونحن نرفض حكومة توافقية رفضاً قاطعاً".
ضياء الدين البديري ، القانوني الذي يسير دعوى الطعن باستقالات مجلس النواب من التيار الصدري، يؤكد أن "هناك مصادرة لحقوق الشعب وانتهاكاً للدستور، ارتكبها رئيس البرلمان محمد الحلبوسي حين وافق على تلك الطلبات دون عرضها على تصويت الأغلبية".
ويضيف "القضية التي يتحرك بشأنها جاءت طبقاً لسندات دستورية وقانونية تؤشر على خروقات كبيرة في نصوص التشريع والقواعد الفقهية التي تنظم ذلك الأمر".
وكان نواب الكتلة الصدرية استقالوا جميعاً في يونيو الماضي، استجابة لتوجيهات الصدر، انتهت بتوقيع الموافقة عليها من قبل رئيس مجلس النواب، ما أثار الجدل واللغط بين خبراء القانون بشأن صلاحيته بقبولها.
يقول البديري، إن "المادة 52 حددت مدة الطعن شهراً بالقرارات الصادرة من المجلس، والفقرة الثانية من المادة ذاتها أوجبت التصويت على الاستقالة، وسمح ذلك بتقديم الطعن خلال 30 يوماً".
"لكن المدة (شهر) لم تفعّل، لأن قرار الموافقة صدر عن رئيس مجلس النواب الذي تفرّد باتخاذ القرار دون سند قانوني، حيث كان من المفترض أن يجري التصويت عليها بأغلبية ثلثي أعضاء البرلمان"، يتابع البديري.
ويلفت إلى أن المادتين (47/ ثانياً و48)، من قانون مجلس النواب لا تعطيان الحق لرئيس مجلس النواب قبول استقالة موظف في المجلس الأبعد أن تلتقي إرادته مع نائبيه".
واشار إلى أن "النظام الداخلي من قانون مجلس النواب (المادة 12/ أولاً) أوجب الرجوع إلى مجلس النواب في حالة تقديم رئيس المجلس أو أحد نائبيه استقالته، فإذا ما استثنينا النواب البقية، فإن من بينهم حاكم الزاملي وهو النائب الأول لرئيس البرلمان".
ويبين: "كذلك المادة (31 من قانون المحكمة الاتحادية لعام 2020)، أوجبت مسألة البت في الاعتراض المتعلق بصحة عضوية النائب (قبول أو استقالة أو إقالة)، من خلال طلب تصوت عليه أغلبية الثلثين من أعضاء البرلمان" .
ويزيد محامي الطعن، ضياء الدين البديري، أن "المادة الأولى/ثالثاً من قانون (49 لسنة 2007)، من قانون تعديل قانون استبدال أعضاء المجلس (رقم 6 لسنة 2006)، تشير إلى أنه تسري الفقرة أولاً من الأمر 9 لسنة 2005، على عضو مجلس النواب وأعضاء هيئة الرئاسة في حالة تقديم استقالته وقبولها من قبل المجلس بالأغلبية المطلقة، على أن لا تزيد فترة العضوية عن سنة واحدة".
وبشأن إمكانية إيجاد المعالجة للفراغ التشريعي، يرى البديري أن "هنالك طريقتين لتلافي ذلك الإشكال القانوني، الأولى، بتعديل قانون مجلس النواب للسماح للرئيس بقول الاستقالات".
"والثانية الرجوع إلى القواعد القانونية الفقهية العامة، من بينها قاعدة توازي الاختصاص والإشكال، حيث تقول إن الجهة التي عينت الموظف بخدمة عامة هي ذات الجهة التي لها صلاحية قبول استقالته أو عزله، بالتالي عضو مجلس النواب معين من قبل الشعب ولا يمكن القبول أو الرفض إلا من قبل من يمثلهم وهم الأعضاء"، يُكمل البديري.
وأعلنت المحكمة الاتحادية العليا، الأسبوع الماضي، تحديد 28 من الشهر الحالي، موعداً للنظر بدعوى رفعت للطعن بقبول استقالات نواب الكتلة الصدرية.
من جانبه، يقول عارف الحمامي، عضو اللجنة القانونية في البرلمان عن دولة القانون، "لا يوجد تصويت للمجلس في الاستقالة الطوعية ولو كان ذلك لزاماً كان بالأحرى التصويت ترديد قسم اليمين للنواب الجدد".
وبشأن القرار المتوقع في قضية الطعن، يتوقع البديري، أن "القضاء ومن باب المصلحة الشخصية التي تتعلق بحقوق شعب وطبقاً للمادة (46) من المحكمة الاتحادية، الذي يفرض أن تتصدى من تلقاء نفسها إلى النصوص التشريعية والقرارات المخالفة للدستور سيكون عند ذلك قبول الدعوى والطعن بالاستقالة".