المحايد/ ملفات
تشير مصادر متعددة إلى أن فيلق القدس (الجناح الخارجي للحرس الثوري الإيراني)، بدأ بتنفيذ العديد من التغييرات الأمنية والعسكرية في العراق عبر 11 مليشيا جديدة مصغرة تضم في صفوفها المئات من المسلحين النخبويين.
وكشفت رويترز في تقرير لها قبل أيام، عن اختيار إيران مئات المسلحين النخبويين من عناصر المليشيات الموالية لها في العراق لتشكيل مليشيات أصغر ضمن تكتيك جديد يقلل من اعتمادها على مليشياتها المعروفة في العراق حاليا.
وأشار التقرير إلى أن "عناصر المليشيات الجديدة، تلقت منذ العام الماضي تدريبات على حرب الطائرات المسيرة والمراقبة والدعاية عبر الإنترنت والتواصل بإشراف مباشر من ضباط فيلق القدس ومستشارين من حزب الله اللبناني".
ونقل عن مسؤولين عراقيين ومصادر دبلوماسية وعسكرية غربية قولهم، إن "المليشيات الجديدة مسؤولة عن سلسلة من الهجمات التي استهدفت مصالح الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها في العراق والمنطقة".
وتؤكد مصادر عديدة عسكرية وسياسية أن هذه المليشيات شكلها قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني بالتعاون والتنسيق مع رئيس أركان الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، قبل اغتيالهما في غارة جوية نفذتها طائرة أميركية مسيرة مطلع العام الماضي قرب مطار بغداد الدولي.
وعقب مقتلهما، باشرت هذه المليشيات بالكشف عن أسمائها من خلال تبني الهجمات التي شنتها ضد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في العراق والمنطقة.
وبحسب هذه المصادر، "يبلغ عدد المليشيات الجديدة 11 مليشيا وهي: ربع الله، وأولياء الدم، وقاصم الجبارين، وثأر المهندس، وأصحاب الكهف، وعصبة الثائرين، سرايا المنتقم، وسرايا ثورة العشرين الثانية، وذو الفقار، والغاشية، وقبضة المهدي".
وتلقت جميعها تدريبات مكثفة فكرية عقائدية وعسكرية منها تنفيذ الهجمات الصاروخية والاغتيالات خلال الأعوام الماضية على يد ضباط في الحرس الثوري وحزب الله اللبناني.
ويشير الخبير العسكري، أعياد طوفان، إلى أن فكرة تشكيل مليشيات نخبوية كانت مع بدايات قصف المنطقة الخضراء والسفارة الأميركية وقوات التحالف الموجودة في مطار بغداد الدولي، وأيضا القواعد الجوية المنتشرة في عموم العراق.
ويقول: "اعتمد الحرس الثوري في اختيار عناصر هذه المليشيات على مواصفات، أولها أن يكونوا شديدي الولاء لإيران ولا يتغيروا إطلاقاً، وأن يكونوا مؤمنين بهذا الفكر كي يتمكنوا من تقبل التدريب الفني والتقني على الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية والتفجيرات".
ويضيف طوفان، أن "العدد الأكبر من عناصر هذه المليشيات تلقوا تدريباتهم في لبنان أما الآخرون فتدربوا في منطقة جرف الصخر جنوب بغداد، وفي إيران".
وأوضح، أن "عناصر هذه المليشيات تم اختيارهم بشكل خاص كان المشروع، وعناصر هذه المليشيات لا تربطهم أي صلة لا بالفصائل العراقية أو الحشد الشعبي، لكنهم لن يتقاطعوا معها أبدً"، يتابع طوفان".
ولعل الدافع الأبرز لتوجه الحرس الثوري إلى الاعتماد على هذه المليشيات الصغيرة في تنفيذ مخططها خلال المرحلة المقبلة، هو عدم تمكن إسماعيل قاآني خليفة سليماني من قيادة المليشيات الكبيرة الحالية الموجودة في الساحة العراقية كما كان سليماني يقودها، حسب المراقبين السياسيين.
لذلك تخشى إيران من تعمق الصراعات الداخلية بين هذه المليشيات التي تنضوي في هيئة الحشد الشعبي، وتحاول من خلال المليشيات الصغيرة النخبوية غير المعروفة بشكل كامل حتى الآن، تنفيذ عمليات مسلحة نوعية ودقيقة بالاعتماد على الطائرات المسيرة والصواريخ التي يواصل الحرس الثوري، وبحسب مراقبين، نقلها إلى العراق منذ سنوات.
من جهته، يعتبر الخبير الأمني والاستراتيجي علاء النشوع، هذه التشكيلات المصغرة، إعادة هيكلة للفصائل المسلحة الموالية لإيران في العراق.
ويوضح النشوع: "تعمل إيران على اختيار النخبة الموالية لها التي تنفذ أهدافها ومشروعها بالمنطقة، ليس في العراق فحسب بل وحتى في سوريا واليمن ولبنان، بعد أن فشلت طهران في خلط الأوراق في غزة".
ويؤكد أن "السبب الآخر لتشكيل مجاميع صغيرة هو الأعداد الحالية للحشد الشعبي وهي كبيرة جدا"، مضيفا: "هناك الكثير من أفراد الحشد يتذمرون من السياسة الإيرانية بسبب التظاهرات الشعبية التي يشارك بها إخوانهم وأقرباؤهم ضد هذه السياسة، إضافة إلى أن الحشد أصبح عبئاً ثقيلا يكلف الخزينة الإيرانية من حيث مصاريفه المادية وتسليحه".
ويضيف النشوع: "هذه المعلومات الاستخبارية والأمنية تؤكد أن ثقة الإيرانيين بدأت تهتز بالأطراف الشيعية الموالية لهم، وبدأوا يميلون إلى الأطراف السنية، التي أثبتت ولاءها لطهران وساعدتها في إحكام سيطرتها على محافظاتهم أمنيا وعسكريا واقتصاديا".
ويرجح أن يبقي الحرس الثوري ضمن خطته الجديدة على مليشيات كتائب حزب الله العراقية وسرايا الخراساني وجند الإمام وعصائب أهل الحق مع استبعاد مليشيات بدر وسرايا السلام.