المحايد/ ملفات
تستمر أزمة الكهرباء في العراق، رغم إنفاق ملايين الدولارات عليها منذ عام 2003 ولغاية الآن، ولم يحصل العراقيون على تقدم في هذا القطاع المهم والحيوي.
رؤوس الفساد التي استولت على وزارة الكهرباء منذ تغيير النظام وأبرزها وزارة "الأخطبوط" قاسم الفهداوي الذي يعرفه العراقيون بـ"قاسم كيزر"، الذي نهب ما تبقى من الوزارة في حكومة حيدر العبادي.
وعلى مدار الأشهر القليلة الماضية، تعرضت محطات كهرباء عدة إلى هجمات، وتعرض أكثر من 70 برجا لخطوط الضغط العالي للكهرباء للتخريب.
وتشير الحقائق إلى أن الإرهابيين استغلوا فقط أزمة طويلة الأمد يعاني منها العراق تتعلق بانقطاع شبه دائم للكهرباء خاصة مع اشتداد درجات الحرارة في الصيف.
ولا تمتلك معظم المدن العراقية مصدرا للطاقة الكهربائية على مدار ساعات اليوم، وانقطاع الكهرباء بات جزءا من الحياة اليومية للعراقيين فيما يزداد الأمر سوءا مع ارتفاع درجات الحرارة التي تتجاوز 50 درجة مئوية خصوصا في شهري تموز وآب من كل عام.
وبسبب الإهمال، فإن الطلب على الكهرباء يفوق العرض والقدرة انتاج الطاقة الكهربائية في العراق. وخلال الأسابيع الماضية، بلغت هذه الأزمة في العراق ذروتها مع انقطاع الكهرباء دام لساعات عن مستشفيات ومبان حكومية عدة.
وأثارت أزمة انقطاع الكهرباء موجة تظاهرات خلال الأيام الماضية، إذ اقتحم متظاهرون غاضبون عددا من محطات الكهرباء في بغداد وديالى.
وفي حزيران الماضي، قدم وزير الكهرباء ماجد حنتوش استقالته ليصبح بذلك وزير الكهرباء الثامن عشر على التوالي الذي يستقيل خلال الصيف في العراق.
وتعهدت حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بالعمل على حل أزمة الكهرباء في وعود تكرر على أذان العراقيين سماعها كل صيف، لكن يبدو أن القائمين على إدارة البلاد لا يفعلون شيئا على أرض الواقع.
وفي كانون الأول من العام الماضي، قالت لجنة الازمة البرلمانية التي شكلت للتحقيق في أزمة انقطاع الكهرباء، إنه أُنفق 81 مليار دولار (68 مليار يورو) على قطاع الكهرباء في العراق منذ 2005.
ورغم ضخامة ما أنفق، إلا أنه لم يطرأ أي تحسن كبير في هذا القطاع فلا يزال العراقيون يعانون من تقليص ساعات تزويدهم بالكهرباء.
وإزاء ذلك، سيكون من السهل تحميل الفساد المستشري في البلاد، مسؤولية أزمة الكهرباء في العراق، كما يؤكد المتظاهرون الغاضبون، لكن محللين يقولون إن إيجاد إجابة عن السبب وراء أزمة الكهرباء يعد أمرا شديد التعقيد.
وفي الوقت الحالي، فإن شبكة نقل الكهرباء في العراق قد فقدت ما بين 40 إلى 50 بالمائة من طاقتها وهذا يمثل الفارق بين ما تنتجه من الكهرباء وما يتم توفيره للمواطنين من كهرباء.
وتحدث هذه الخسارة لأسباب تقنية، على سبيل المثال نتيجة تلف المعدات أو ضعف أدائها أو قدمها وأيضا هناك أسباب غير فنية كالسرقة، فيما يعد هذا النقص من أعلى المعدلات في العالم.
وفي ظل تردي واقع الكهرباء، يطرح عراقيون تساؤلات حيال مغزى دفع أموالا مقابل خدمات سيئة إذ يفضلون دفع أموالا لمشغلي مولدات الطاقة في أحيائهم ومناطقهم السكنية عوضا عن تسديد فواتير الكهرباء للحكومة.
وتتشابك أزمة الكهرباء في العراق بشكل مقعد ما بين عدم سداد عراقيين فواتير الكهرباء لكنهم يريدون المزيد من إمدادات الكهرباء، و"مافيا المولدات" التي لا تريد تحسن في هذا القطاع لأن هذا سيضر بمكاسبها الكبيرة، وأيضا حكومة لا يمكنها توفير الأموال اللازمة لتحسين قطاع الكهرباء، حتى إذا صدقت نواياها.
وفي ظل هذا، قالت مريم سلمان المستشارة في شركة قمر للطاقة الاستشارية في دبي - إن "أزمة الكهرباء في العراق أصبحت لغزا أو مجموعة ألغاز يصعب حلها".
وأكدت في تصريح لها: "في العراق، لا يمكن التخلص من اللوبي السياسي وإنهاء طرق السرقة والخداع وسوء الإدارة والهدر المالي في قطاع الكهرباء دون تنفيذ إطار تنظيمي قوي لدفع وتيرة الإصلاح. ومن ناحية أخرى لا يمكن البدء في هذه الأمور دون القضاء على الفساد".
لكن يوجد أيضا عوامل أخرى ترتبط بالعلاقات الدولية المتوترة والصعبة بين العراق والمجتمع الدولي خاصة في محيطه الإقليمي. فقد وقع العراق اتفاقيات لاستيراد الكهرباء من دول مثل الأردن والكويت ومؤخرا مع السعودية ومصر لدعم الشبكة الكهربائية العراقية التي تعاني نقصا حادا. كذلك تمد إيران الجانب العراقي بالكهرباء والغاز الذي يغذي محطات توليد الكهرباء وهو الأمر الذي تحاول الولايات المتحدة ثني العراق عنه.
ومؤخرا، طالبت إيران العراق سداد مدفوعات الطاقة والديون المتراكمة عليه التي تقدر بمليارات الدولارات فيما تعد العقوبات الأمريكية على طهران أحد الأسباب وراء عدم قدرة الحكومة العراقية على سداد هذه المدفوعات بطريقة أسرع.