الصفحة الرئيسية / مستغلين "العاطفة الدينية والخوف من البلاء".. مكاتب "وهمية" تغزو بغداد لجمع التبرعات من المواطنين

مستغلين "العاطفة الدينية والخوف من البلاء".. مكاتب "وهمية" تغزو بغداد لجمع التبرعات من المواطنين

المحايد/ بغداد

كلما كثرت أنواع البلاء في العراق، تزايدت أعداد المنظمات والمكاتب "الوهمية" التي تجمع التبرعات من المواطنين بحجج شتى، وعن طريق استغلال العاطفة الدينية أو المذهبية، ليكون المواطن البسيط ضحية "عصابات ومافيات ومنظمات" تمول نفسها عن طريق المتاجرة "بالدين والمذهب ومعاناة المواطنين".

وفي مختلف تقاطعات العاصمة العراقية بغداد، يقف أشخاص حاملين قصاصات ورقية مكتوب بعض الآيات والأحاديث الدينية، عليها أسماء منظمات لجمع التبرعات للفقراء والمرضى والأيتام, وحين يتم اعطائها لشخص ما يطلب منه المساهمة بأي مبلغ مالي ممكن.

يقول صاحب بسطة لبيع النظارات الشمسية والقبعات قرب مدينة الطب، "ظاهرة مكاتب التبرعات الوهمية ليست جديدة مطلقاً فهي انتشرت في تسعينيات القرن الماضي بعد الحصار الاقتصادي الذي ضرب العراق عقب غزوه للكويت".

ويتابع: "رجال ونساء يقفون باستمرار، ويتبادلون الأماكن قرب مدينة الطب أو مستشفى الكندي، وقرب الجوامع وأبنية الجامعات والمعاهد، يطلبون من الطلبة والمراجعين والمستطرقين منحهم أي مبلغ مالي، بحجة مساعدة مرضى السرطان أو دفع اعانات اجتماعية للمرضى والفقراء والذي يعانون من أمراض مزمنة".

ويضيف "وبأسماء كثيرة دينية ومذهبية، تعطى قصاصات ورقية من قبل أشخاص مجهولين ولا أحد يعرفهم، لمراجعي المستشفيات والمارين قربهم، تتضمن عبارات دينية تحث عن بذخ الأموال للفقراء والأيتام بهدف استغلال العاطفة الدينية والانسانية، لأخذ الأموال من المواطنين".

ويؤكد: "هناك منظمات معروفة، تتبع أشخاصاً معروفين، تجمع التبرعات من خلال ارقام هواتفها وعن طريق مواقعها الالكترونية المعروفة في وسائل التواصل الاجتماعي، تساهم فعلاً في دفع تكاليف العلاج للفقراء أو مساعدة عوائل الشهداء وغيرها من الأعمال الانسانية، في المقابل هناك الكثير من المكاتب الوهمية التي تجمع التبرعات لأغراض مشبوهة، وحين تحاول الوصول إلى موقعها الالكتروني أو مقرها الرسمي فإنك لن تجد لها اثراً سوى في قصاصات الورق، التي يجمع من خلالها الأموال".

وفي بيان رسمي حذرت وزارة الصحة، من قيام اشخاص بممارسة النصب والاحتيال على المواطنين بحجة جمع تبرعات للوزارة لمعالجة مرضى السرطان وسواهم .

وذكر البيان "لوحظ في الآونة الاخيرة قيام بعض الاشخاص بجمع تبرعات بعنوان دعم وزارة الصحة لمرضى السرطان او غيرهم"، مؤكدة ان "هؤلاء يمارسون النصب والاحتيال ولا يمثلون الوزارة" .

ودعت الوزارة المواطنين إلى "تبليغ الجهات الأمنية عن أي حالة مشابهة".

القضاء: نعرف كل شيء

وعبر موقعه الرسمي، يقول مجلس القضاء الأعلى أن هناك "مجرمين يتقمصون أدواراً لشخصيات مختلفة وكأنهم في تمثيلية جادة بهدف اصطياد ضحاياهم عبر الابتزاز المالي، كما يحظى بعضهم بالنفوذ والقوة والسلطان عبر هوياتهم الكاذبة لفترة طويلة قبل أن تكشف هذه التمثيلية المرة، تلك هي جريمة انتحال الصفة التي لا تكاد تخفت حتى تنشطر بشخصيات أخرى وممثلين آخرين".

ويتابع أنه "وبالرغم من الجهود القضائية والأمنية المبذولة للحد من هذه الظاهرة الا أن ‏الطريق ما زال طويلاً أمام مكافحة هذه الجريمة التي بدأت بالتزايد والتنوع لاسيما انها تعتمد على المستوى ‏الفكري للضحية ومدى مكره وإدراكه".

من جانبه يقول قاضي محكمة تحقيق الكرخ محمد يوسف شراد إن "هناك الكثير من الدعاوى التي تخص انتحال الصفة معروضة أمامنا، ويتقمص المجرمون فيها مختلف الصفات والشخصيات".

وتابع قاضي التحقيق أن "من الشكاوى التي وردت تخص عصابات منظمة يدعون أنهم يعملون في منظمة ‏إنسانية أجنبية تقيم في منطقة الخليج العربي ولديهم عملة وبمبالغ كبيرة يرومون تصريفها الى الدولار ‏لغرض التبرع بها للفقراء لكنهم لا يعرفون سعر الصرف واين يصرفونها، فيستدرجون الضحية وغالباً ‏تكون من كبار السن والنساء خصوصاً ويستغلون طمع الضحية في الربح بعد إيهامه أن العملة قيمتها اكثر ‏وفي الحقيقة أنها عملة بلاروسية لا قيمة لها فيأخذون منه مبلغ يتراوح من 20 لـ 30 ألف دولار امريكي ‏مقابلها". 

وعن دور القضاء في مكافحة هذه الجرائم، أشار جاسم الى أن "الجهات القضائية تقوم باتخاذ الإجراءات القانونية ومن ثم إنزال العقوبة التي تكفل الردع العام من ‏خلال اصدار حكم رادع وبشكل علني"، لافتا إلى أن "المشرع العراقي شدد على جريمة انتحال الصفة وحدد عقوبتها ‏بموجب القرار المرقم 160 لسنة 1983 والذي فرض عقوبة السجن التي تصل الى عشر سنوات ‏وتشديدها اذا كان الفعل بقصد الحصول على مكاسب مالية". 

الصحة تحذر باستمرار

وفي واحدة من صورة عمليات الاستغلال التي يتعرض له المواطنين من مكاتب ومنظمات "وهمية"، ما حذر منه المتحدث باسم وزارة الصحة  سيف البدر، عن وجود محتالون يجمعون التبرعات بحجة "مساعدة المصابين بالتفجيرات الإرهابية".

ويقول البدر، إن "لوحظ في الفترة الأخيرة، وجود بعض الدعوات التي تطالب المواطنين بدفع الأموال لعلاج جرحى التفجيرات الإرهابية".

وأكد البدر أن "جميع الخدمات الصحية الأساسية ومن أهمها خدمات الطوارئ تقدم بالمجان يومياً وبشكل اعتيادي في جميع المؤسسات الصحية".

وحذر من "استغلال البعض للحوادث الإرهابية للاحتيال على المواطنين من خلال جمع التبرعات تحت عنوان معالجة الجرحى".

ودعا البدر الجهات المعنية والأجهزة الأمنية إلى "قطع الطريق أمام اولئك المحتالين".

 

11-07-2021, 08:09
العودة للخلف