قبيل إجراء الانتخابات النيابية المبكرة في العاشر من تشرين الأول، شنّت الفصائل المسلحة المرتبطة ولائياً وعقائدياً بإيران، مع رئيس هيئة الحشد الشعبي، فالح الفياض، هجوماً اعلامياً على رئيسة بعثة الأمم المتحدة في العراق ( يونامي ) جينين هينيس بلاسخارت، معتبرة أنها قد تخطت مهامها.
ويرى مراقبون أن "هذا الموقف المتشنج، يعبر عن انزعاج وتململ ميليشيات الحشد والفصائل الموالية لإيران عامة، من تصاعد الدور الأممي في العراق، خاصة لجهة اصدار المنظمة الدولية قرارا يقضي بمشاركتها في مراقبة الانتخابات العامة العراقية المبكرة في شهر أكتوبر المقبل".
وكان مجلس الأمن الدولي قد قرر وبالإجماع، في نهاية شهر مايو الماضي، تمديد عمل بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق "يونامي"، لعام كامل وتوسيع نطاق اختصاصها والتفويض المعطى لها، ليشمل مراقبة الانتخابات العامة العراقية المقررة في 10 أكتوبر من العام الجاري، وذلك استجابة لطلب الحكومة العراقية.
وجاء في القرار رقم 2576، أنه تم تمديد عمل بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق - يونامي حتى 27 مايو من عام 2022، وأن البعثة ستضم فريقا أمميا معززا وقويا، وطواقم إضافية قبل الانتخابات المقبلة في العراق، لمراقبة اليوم الانتخابي الطويل على أوسع نطاق جغرافي ممكن.
وبدأ الهجوم الولائي على بلاسخارت، بدءاً من رئيس هيئة الحشد الشعبي، فالح الفياض، حين قال في تغريدة له على موقع تويتر: "نرى أن ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق السيدة بلاسخارت تجاوزت الدور المهني، وأصبحت ورقة في الملعب السياسي العراقي".
وأضاف الفياض: ”السيد الأمين العام للأمم المتحدة نحن بحاجة إلى دوركم الأممي المهني في دعم العراق"، مذيّلاً تغريدته بجملة "نعم لسيادة العراق".
ولم يوضح رئيس هيئة الحشد الشعبي، سبب نشره هذه التغريدة ضد ممثلة الأمم المتحدة في العراق، لكن بحسب مراقبين، رأوا أن ميليشيات الحشد الشعبي التي اعتادت التدخل في العملية الانتخابية طيلة السنوات الماضية مستاءة من ذلك، ولهذا فإن هذه التصريحات تندرج في هذا الإطار.
وانطلقت بعد ذلك هجمات متتالية في منصات التواصل التابعة للفصائل، على بلاسخارت، واتهمتها بأنها غير محايدة، وتنحاز إلى جهة على حساب أخرى، إلا أن مصدراً حكومياً رفض الكشف عن هويته قال، إن "بلاسخارت يُعرف عنها مبادراتها الرامية لتشجيع دور بعثة الأمم المتحدة وتفعيله في العراق على مختلف الصعد، واشتهرت بتعاطفها وتضامنها مع الناشطين في حراك تشرين الشعبي وذويهم".
وكانت آخر مبادرة لبلاسخارت، زيارة الناشط والصحفي العراقي علي المكدام، في المستشفى، بعد تعرضه للخطف والتعذيب من قبل ميليشيات مسلحة.
وعن الهجمات على بلاسخارت، يقول مصدر سياسي عراقي، إن "هذا التهجم على الشخص الأول في أعلى منظمة أممية في العراق، من قبل رئيس هيئة الحشد الشعبي هو غير مقبول لا دبلوماسيا ولا سياسيا، وهو يسهم في اشاعة الصورة النمطية السلبية المعهودة عن العراق في الخارج، حول سطوة الميليشيات المذهبية المسلحة فيه وسيطرتها على البلاد، وهو تصرف غير موفق وغير حكيم، يستوجب موقفا رادعا من رئاستي الجمهورية والحكومة، حيال صاحب التصريح الغير لائق بالمرة".
ويتابع: "هذا استعداء للعالم لصالح تنفيذ الأجندة الإيرانية المشبوهة في العراق، وبهدف تحويله لنسخة عن جمهورية الملالي التي تعيش في عزلة وصراع مع المجتمع الدولي، وإلا فبأي حق يتم تقريع السيدة بلاسخارت والتي تعمل على رأس فريق أممي، لدعم العراقيين وإغاثتهم ومساعدتهم في الوقوف على أقدامهم وإثبات أنفسهم، عبر مبادرات وبرامج تنموية واغاثية تمكينية لا حدود لها".
من جانبه يرى المحلل السياسي بدران نوفل، أنه "كلما اقتربنا من موعد الانتخابات، تسعى هذه الميليشيات ومن يقف خلفها من وراء الحدود، لخلط الأوراق أكثر فأكثر، وإشاعة جو من الفوضى وعدم الثقة والاضطراب، بما قد يؤثر في سلاسة العملية الانتخابية، وبما قد يؤدي حتى لتأجيلها".
ويردف: "هذه الميليشيات المنفلتة تريد إخراج كل ما هو دولي وأممي من العراق، كي تستفرد به وبشعبه، وكي تغدو البلاد حقل تجارب لإيران وغيرها من قوى إقليمية طامعة، ومجرد ساحة لإيصال رسائل طهران ولتصفية حساباتها مع الآخرين على حساب حقوق العراقيين ومصالحهم الوطنية العليا".
وأكد مصدر آخر، أن "الحكومة متعاونة مع بلاسخارت، وتصر على وجود مراقبة أممية للانتخابات، من أجل عدم تزويرها والتلاعب بنتائجها".