المحايد/ ملفات
لم يؤدِ البيان الذي أعلنته الحكومتان العراقية والأمريكية المشترك، إلى تهدئة الأوضاع، وإيقاف استهداف المصالح الأمريكية في العراق، بل يبدو أن الأمر زاد تعقيداً بسبب ما أعلنته قيادات الفصائل المسلحة، وأكدت استمرار عمليات ما تصفها بـ "المقاومة"، ما يعرض العراق وحكومته إلى موقف محرج.
البيان المشترك تضمن سحب القوات القتالية الأجنبية في نهاية العام الحالي، وتحويل مهمة قوات التحالف الدولي من عسكرية إلى استشارية، وهو الأمر الذي رفضه قادة الفصائل، بدءاً من الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، وصولاً إلى بقية القادة، من أمثال أكرم الكعبي، الأمين العام لحركة النجباء، وأبو آلاء الولائي، الأمين العام لحركة سيد الشهداء.
وقال الخزعلي في كلمة له يوم أمس، إن إن "المقاومة ستستمر لحين الانسحاب الفعلي للقوات الأجنبية من العراق، والمقاومة لن تنخدع بالبيانات فقط دون وجود خطوات فعلية على الأرض".
واليوم ذكر الكعبي في تغريدة له، أن "أمريكا ممتهنة الكذب والخداع لن ينفع معها إلا منطق القوة فلا قيمة للبيان المشترك بين الخارجية العراقية والأمريكية الذي لم يتضمن بشكل واضح وصريح الانسحاب الفعلي من كل العراق من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه ومن أرضه إلى سمائه، وما تحويل عنوان القوات القتالية الأجنبية المحتلة إلى استشارية إلا خدعة ومكر باطل لا يحيق إلا بأهله، لن تنطوي على أهل البصيرة والمعرفة ولن يقبل بها العراقي المحب لوطنه".
وأضاف: "يبقى موقفنا ثابتاً ومقاومتنا حتى التحرير الكامل لوطننا الحبيب واستعادة السيادة المنهوبة وإقامة عرس النصر الكبير"، وهو الموقف المشابه لما أعلنه الولائي بعد ساعات من تغريدة الكعبي، حين كتب قائلاً إن "عمليات المقاومة ستبقى مستمرة لحين إرغام المحتل على الخروج صاغراً ذليلاً، والمفاوضات الكارتونية ببيت المؤامرات السوداء".
واضاف الولائي: "لن تخدع مقاومتنا التي تستمد وعيها من شهدائها شركاء التحرير"، مؤكداً أن "عمليات المقاومة مستمرة حتى ارغام المحتل على الخروج صاغراً ذليلاً".
ومع هذه المواقف ذكرت فصائل مسلحة عراقية حليفة لإيران، تطلق على نفسها اسم "الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية"، في بيان، أن "الحوار بين الحكومة الحالية والإدارة الأميركيّة التي خرجت ببيان حمّالِ وجوهٍ، وغير صريحٍ، بل يحمل كثيراً من الإبهام، ولا توجد فيه مفردة الانسحاب إطلاقاً".
وأوضح البيان: "تابعنا عن كَثَبٍ كلَّ المقدِّماتِ والمُخرجات لهذا الحوار، ولدينا قناعةٌ كبيرة بوجود تلاعب بالمصطلحات والعناوين فقط للمماطلة وإطالة أمد الهيمنة والوجود الأميركيّ الذي فقد شرعيّة وجوده أصلاً بعد قرار مجلس النواب العراقي التاريخي عام 2020، والذي كان تنفيذه من أول تعهدات الحكومة".
وشددت: "إن كان المقصود انسحاباً حقيقياً، فلا بد أن يشمل جميع القوات الأجنبيّة، وتحويل كل المعسكرات الواقعة تحت سلطة الاحتلال بالكامل إلى سلطة العراقيّين، مع كل التجهيزات القتالية الموجودة في هذه القواعد، وإنهاء وجود كل الطيران العسكريّ الأجنبيّ في الأجواء العراقيّة بصنوفه كافة، وبأي شكل من الأشكال".
وأضافت أن "مطالب المقاومة العراقية ثابتة وواضحة لتحقيق السيادة، وتحرير العراق من الاحتلال تحريراً كاملاً، ورفض كل الذرائع للتغطية على هزيمته وإبقائه بصورة أخرى"، مشيراً إلى "عدم حاجة العراق إلى أيّة قوات أجنبيّة بأي شكل من الأشكال".
واعتبرت أن "هناك ثغرات في بيان الخارجيتين العراقية والأميركية، أبرزها أن العلاقة الأمنية ستنتقل بالكامل إلى المشورة والتدريب والتعاون الاستخباريّ، وهذا يعني أن "الموضوع لا يتعدى الإعلان المخادع لإبقاء الاحتلال، ولكن بتغيير عنوانه فقط"، مؤكدة أنه "في هذه الحال لن يتغير موقف المقاومة الرافض لوجود أي نوع من أنواع الاحتلال بأشكاله كافة".
وأشارت إلى أن "مخرجات الحوار أغفلت سهواً أو عمداً أي حديث عن احتلال الولايات المتحدة للأجواء العراقية وانتهاك سيادته مراراً وتكراراً، مع ملاحظة أن جميع جرائم الاحتلال الأميركي منذ 2014 حتى الآن تمت عن طريق الجوّ، فإذا ما ظلت الأجواء العراقية خاضعة للهيمنة الأميركية، وبقي الطيران الأميركي يجول دون رقيب، فلا معنى للإعلان عن سحب القوّات مع بقائهم(الأميركيين) محتلّين لأجواء العراق".
وتساءلت أنه "في حال تم نهاية العام رحيل جميع القوّات الأجنبية من الأراضي العراقية وإخلاء جميع القواعد منها، فمن الذي سيثبت هذا الإخلاء؟ وهل سيسمح لِلِجانٍ برلمانيّةٍ نزيهةٍ بأن تدخل إلى هذه القواعد من دون إنذار مسبق لتفتيشها وإثبات خلوها من القوّات الأميركيّة؟ أو ستظل هذه القواعد مغلقة ومحميّة؟".