الصفحة الرئيسية / "71 مليار متر مكعب لـ38 مليون نسمة".. هل تحول ملف المياه إلى "ورقة سياسية" لابتزاز المواطن؟

"71 مليار متر مكعب لـ38 مليون نسمة".. هل تحول ملف المياه إلى "ورقة سياسية" لابتزاز المواطن؟

المحايد/ ملفات 

يصف العديد من المراقبين للشأن المحلي، بأن ملف المياه تحول خلال الفترة الاخيرة إلى "ورقة ضغط سياسية" تمارسها الأحزاب المتنفذة في حربها ضد بعض خصوصاً مع قرب الانتخابات فيما يدفع الفلاحين والمزارعين ومدن كبرى ضريبة هذا الصراع، بسبب شح المياه وملوحتها، وسط حرارة الصيف اللاهب. 

ومع كل عودة للتيار الكهربائي، تقف أنوار حميد (49 ملعاماً) أمام مهمة ثقيلة، وهي ملء أواني طهي الطعام والشرب والاغتسال بالمياه.

تقول "نعاني من انقطاع المياه الصالحة للشرب في منازلنا، وإذا ما عادت للتدفق من صنبور شبكة الإسالة مع عودة التيار الكهربائي المتذبذب، فإن ما يصل من كمياته شحيحة، ولا يسد احتياجاتنا اليومية". 

لكن المهمة ستكون أصعب عندما تتأخر أنوار لبضع ثوانٍ عن تشغيل مضخة سحب الماء(الماطور) عند عودة التيار الكهربائي.  

توضح أنوار: "وهذا التأخير يتسبب في حرماننا من المياه، لأن كل سكان المنطقة يسعون لضمان وصول المياه إليهم وخزنها، كأننا في سباق. وبعضهم يملك (ماطورات) حديثة لسحب كميات كبيرة من المياه".

"لذلك علينا أن نراقب التيار الكهربائي باستمرار كي لا يفوتنا تخزين المياه الصالحة للشرب" تتابع أنوار. 

مخاوف وتحديات

يضغط التوسع والنمو السكاني على طول حوضي دجلة والفرات، بالإضافة للجفاف المتكرر مع التغيرات المناخية وقلة الإيرادات المائية على المياه المتوقعة. 

ويستهلك سُكان العراق (نحو 40 مليون نسمة) ما يُقدر بـ 71 مليار متر مكعب من المياه سنوياً، حسب بيانات وزارة الموارد المائية العراقية.

يقول المهندس الزراعي وليد عدنان إن "سوء إدارة ملف المياه من قبل الحكومة والجهات المعنية فاقم من خطورة الوضع، بدأ يتسبب في هجرة المواطنين بعيداً عن مناطق سكناهم، خاصة في المدن والمحافظات التي تعاني من تناقص إمدادات المياه الصالحة للاستهلاك". 

وتعاني العاصمة بغداد التي نزح إليها الكثير من سكنة المحافظات العراقية، مثل ديالى وذي قار والبصرة وغيرها، من شحة في المياه الصالحة للاستهلاك البشري؛ بسبب التجاوز غير القانوني على شبكات مياه الإسالة، خصوصاً في العشوائيات.

ويتابع عدنان: "مياه الإسالة نفسها غير صالحة للشرب، إذ يضطر العراقيون لشراء علب المياه، أو تحمل تكلفة تركيب أجهزة تنقية (فلاتر) في كل منزل".

من جانبها، أوضحت دائرة ماء بغداد التابعة لأمانة بغداد، أن "الانقطاعات المستمرة في التيار الكهربائي عن محطات ومشاريع الماء، سببت إفراغ الشبكة من الماء، ما يتطلب وقتاً إضافياً لامتلاء الشبكة ووصول الماء إلى المواطن".

ورغم تشغيل المولدات الكهربائية بلحظة انقطاع التيار الكهربائي، إلا أن كفاءتها في التشغيل لا توازي الكهرباء الوطنية، حسب الدائرة.

وأضافت أنها "قامت بعدة إجراءات إضافية، منها استحداث ربطات ماء لضخ كميات إضافية من الماء الصافي، مع الإيعاز بتشغيل محطات ومشاريع الماء بطاقتها القصوى لتلافي هذه المشكلة".

 

وكانت وزارة الموارد المائية باشرت في بناء سد مكحول، ولديها الكثير من السدود ضمن خطة الوزارة، منها سد بادوش، وسدود حصاد المياه، إلى جانب مجموعة من السدود المشتركة، بحسب المتحدث باسم وزارة الموارد المائية العراقية علي راضي.

ويتوقع أن يضيف سد مكحول ثلاثة مليارات متر مكعب، إلى منظومة الخزن في البلاد، بالإضافة إلى توليد الطاقة الكهربائية، وتشغيل الأيدي العاملة، أي ما يقارب 20 ألف فرصة عمل جديدة.

كما سيزود السد المساحات الزراعية في محافظتي صلاح الدين وكركوك، بالمياه، وسيلعب أهمية كبيرة في درء الفيضانات، وهو عامل مهم في توفير الأمن المائي والأمن الغذائي والاقتصادي، وفق راضي.

وكشفت الوزارة في وقت سابق، عن خطط وجهود دبلوماسية مكثفة لتقاسم أضرار شح المياه وقلة الإيرادات المائية بين دول المنبع، أي منبع الأنهار (إيران وتركيا وسوريا)، وبين دول المصب أبرزها العراق.

تعليقاً عمّا سبق، حول الإجراءات والوعود بحل مشكلة شح المياه، يقول الناشط الحقوقي صباح مهدي، إنه يخشى من أن تكون "مجرد ورقة انتخابية للحصول على أكثر عدد ممكن من الأصوات في الانتخابات المقبلة".

ويقول إن "أزمة المياه في البلاد أزمة قديمة. وفي كل مرة يقترب موعد الانتخابات البرلمانية، تبدأ وعود المسؤولين بتحسين شبكة أنابيب المياه ومعالجة مياه الشرب وتوسيع مشاريع الري وبناء السدود وغير ذلك". 

ويرى مهدي أن "هذه الأزمة لن تُحل –كما غيرها من أزمات البلاد- مالم يحدث الإصلاح والتغيير".

"لأن الأزمة التي نواجها سياسية بالأساس، وطالما حذرنا منها الخبراء، حيث الخلافات والصراعات بين الأحزاب والقوى السياسية على المكاسب والمناصب عبر إحداث أزمات للضغط على الشعب في تسقيط هذا الوزير أو ذاك"، يتابع مهدي. 

31-07-2021, 15:13
العودة للخلف