المحايد/ ملفات
الامر المؤكد انه من الصعب التكهن بما ستؤول اليه الانتخابات النيابية المبكرة القادمة، ومن سيثقل ميزانه بأعلى الاصوات ليكون كعبه عالياً في نهاية السباق الانتخابي المحموم كما يبدو، فالصراع والسباق الانتخابي في أوج انفجاره البركاني خاصة بين القوى الشيعية المتنافسة للظفر بأغلى الجواهر الانتخابية النفيسة كمنصب رئاسة الوزراء، وهذا لن يتأتى الا خلال الحصول على اعلى الاصوات لتؤهل تلك القوة من تشكيل الكتلة البرلمانية الاكبر عدداً.
فتشكيل الكتلة البرلمانية الاكبر، لن يكون بذلك الامر اليسير وفي متناول اليد كما ترى اغلب الاوساط العراقية، الا من خلال توافقات وتحالفات قد تجبر كتلاً سياسية لفعل ذلك الامر، وهذا بطبيعة الحال مرهون بحسب نتائج الانتخابات المقبلة، ومن يدري قد تطرأ على المشهد مفاجأة اخرى بصعود مستقلين منفردين ليزيد الامر تعقيداً فوق تعقيد.
"نتائج الانتخابات قد تغير المعادلة"
موضوع الكتلة الاكبر قد اوصل العراق الى حافة الهاوية، وخرق الدستور في قضية الكتلة الاكبر، وفق عضو مجلس النواب العراقي عن تحالف النصر ثورة الحلفي، والتي اشارت الى ان "كل الحكومات السابقة كانت في صورة توافقية مستمرة، غير انها في 2018 لم تكن بتوافق كامل مما ادى الى بقاء الخلافات مستعصية بهذا الشكل".
وقالت الحلفي ان "أغلب الكتل الموجودة والتي تصدرت المشهد ارادت ان تظهر بمظهر القوة وتسيطر على الحكومة بعد انتخابات 2018، الامر الذي ادى الى اندلاع تظاهرات 2019 نتج عنه اسقاط حكومة عادل عبد المهدي".
واردفت ان "السياسين اذا كانوا اذكياء لن يدعو هذا الامر يحدث مرة اخرى"، متوقعة "تكرار سيناريو الانتخابات السابقة الذي سيعقد المشهد والعودة الى نقطة البداية، لكن هذا يتوقف على نتائج الانتخابات والتي من الممكن ان تغير المعادلة"، مشيرةً الى ان "الوجوه اذا بقيت نفسها والقادة هم نفسهم فلن يختلف الامر كثيرا، وحتى هذه اللحظة فالخلافات قائمة والسباق الانتخابي اصبح اكثر حدة وكل يوم يمر هو اقوى من سابقه".
وتتابع: "اليوم نشهد استخدام اموال طائلة، اموال الحرام، تشترى بطاقات الانتخابات التي وصل سعرها من 200 الى 300 دولار للبطاقة الواحدة، ومن يأتي بـ 300 صوت لصالح جهة سياسية يقدم له سيارة اكراماً لجهوده"، مضيفةً ان "هذه الاموال تستخدم لاستغلال الشعب، وانهم لو كانوا مطمئنين لنتائج الانتخابات لما عمدوا لاستخدام كل هذه الاساليب".
وأعربت الحلفي عن توقعها ان"نتائج الانتخابات ستنتج كتلة جديدة من الوطنيين المستقلين من الممكن ان تحدث تغييراً في المعادلات السابقة، لاسيما ان المحكمة الاتحادية الحالية هي غير تلك المحكمة التي كانت تحكم العراق منذ عام 2003، فالمحكمة الاتحادية السابقة كانت قراراتها مختلفة، اما الحالية فقد اصدرت احكامها بشكل ادق".
ولعل مشكلة تشكيل الكتلة البرلمانية الاكبر عدداً مازالت حتى الان تشكل عقدة بالنسبة للقوى السياسية، بالنظر لما نتج عنه بعد الانتخابات السابقة من مشاكل جمة القت بظلالها على الوضع بشكل عام، لذا تشير عضو مجلس النواب ثورة الحلفي الى ان "الصراع كان على اوجّه والذي زاد الطينة بلةً، أن بعض الاسماء كانت موقعة لجهتين نتج عنه خلاف عميق، تم تركه وتم التغاضي عن تلك الخلافات".
وفي وقت سابق أعلن النائب عن كتلة سائرون، المدعومة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، علاء الربيعي، عن حصول تياره في الانتخابات المقبلة على الكتلة الأكبر، مؤكداً على "مفاجأة الجميع".
وقال الربيعي، إن التيار الصدري "يبحث عن مصلحة البلد، فبعد مرورنا بمشاكل عديدة كان لابد من اعادة هيبة الدولة ورسم سياسة ستراتيجية حقيقية لمسار السياسية في البلد".
الربيعي أوضح أن "القوى السياسية حريصة على تواجد التيار الصدري في الانتخابات المقبلة وعلى أثر ذلك استشعروا بخطورة الوضع وارسلوا ورقة اصلاح للصدر".
واختتمت الحلفي انه "كان من المفروض على رئاسة مجلس النواب ان تحسم الامر ولن تتركه ليتفاقم اكثر، لكنها تركته ليصار ان يجلسوا رؤساء الكتل وهم من يقرر، فتم تمشيت الامور على هذا خطأ"، مؤكدة ان "موضوع الكتلة الاكبر هو موضوع دستوري، ولا يمكن خرقه والمفروض من رئاسة البرلمان ان تحافظ على الدستور، وتحكم الدولة بالقانون وان تكون الحكومة الجديدة من خلال الكتلة البرلمانية الاكبر".
"الكتل السياسية تعرف حجمها"
بدوره، يقول عضو مجلس النواب العراقي عن تحالف الفتح حسن شاكر ان "الدستور العراقي يقول ان الكتلة الاكبر بعد الانتخابات هي التي تشكل الحكومة، وهذه الطريقة سرت عليها القوى السياسية خلال الدورات السابقة، ومن الممكن ان الكتلة الاكبر لن تتشكل الا في التحالف مع كتل اخرى، والكتلة الاكثر عددا هي من تشكل الحكومة وتقوم بالتحاور مع الكتل الباقية".
اما بالنسبة من هي القوة التي ستكون الكتلة النيابية الاكبر عددا، يؤكد شاكر انه "بعدما اصبحت الانتخابات باستخدام الدوائر المتعددة، فأن كل القوى السياسية اضحت على دراية بإمرها وتعرف حجمها من خلال وزنها في الشارع، وما هي عدد المقاعد التي ستحصل عليها".
ويبين ان "الكتل التي ستحصل على عدد من المقاعد المحصورة بين 50 الى 60 مقعداً، فانه من خلال هذا العدد لا يمكن ان تتشكل الكتلة البرلمانية الاكبر عدداً، لذا ستحتاج الى تحالفات مع كتل سياسية اخرى وهي التي تشكل الحكومة القادمة".
وكان عضو مجلس النواب العراقي عن كتلة صادقون احمد الكناني قد قال في وقت سابق أن "كتلة صادقون اليوم تعد إحدى أهم مكونات تحالف الفتح، واليوم هي على استعداد تام وتنظيم عال، لاسيما بعد توزيع الدوائر الانتخابية"، مشيرا إلى أنهم يتوقعون "تحقيق حظوظ جيدة"، وليس لديهم "التخوف من عدم صعود الشخصيات سواء كان على مستوى مرشحي صادقون أو الفتح، وذلك لما يمتلكونه من نشاطات فاعلة".
فيما قال النائب عن دولة القانون كاطع الركابي في وقت سابق أن "عودة التيار الصدري إلى السباق الانتخابي لن تؤثر على حظوظ دولة القانون، على اعتبار أن الانتخابات ساحة مفتوحة للجميع ولن يضر أحد الثاني، وان نشاطات القوى السياسية وحدها هي من تحدد حظوظهم".
وأوضح شاكر ان "هذا سيؤدي الى تعقيد اكثر بالمشهد بعد الانتخابات، على اعتبار ان هناك قوائم منفردة وكثيرا من المستقلين قد يفوزون في الانتخابات منفردين، وهذا قد يفتح الباب في الدخول للمساومات ويكون اكثر تعقيداً".
واعرب عضو مجلس النواب عن توقعه بأن "ياخذ تشكيل البرلمان والحكومة وقتاً طويلاً، خاصة اذا كان هناك صعود لمرشحين باعداد منفردة"، منوها الى ان "تحالف الفتح ليست لديه اي خطوط حمراء مع الكتل البقية، باعتبار ان هذا التكتل جاء من اجل العراق والعمل على ان يكون عراقا قويا، واي كتلة تكون قريبة لثوابت الفتح يقينا ستكون هي الاقرب للتحالف معها".
واردف شاكر ان لدى تحالفه "حوارات متعددة مع جميع الكتل السياسية، بالاضافة الى علاقات طيبة مع جميع الكتل السياسية، واغلب هذه الكتلة لديها رغبة في خدمة الشعب العراقي وكذلك تقوية الحكومة".
"توافقات تفضي لتشكيل حكومة"
في المقابل يعتقد الكاتب والمحلل السياسي هادي العصامي ان "القوى والاحزاب تعلم جيدا ان قضية التوافق السياسي هي التي تفضي الى تسمية رئيس الوزراء وكذلك من هي الجهة التي تشكل رئاسة الحكومة، وهذا متفق عليه في باقي المواقع السيادية كرئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء والبرلمان".
وقال العصامي ان "الامر محسوم لتشكيل الكتلة البرلمانية الاكبر في الجلسة الاولى لمجلس النواب، او انها تعمد الى ما تم الاتفاق عليه في عام 2018 في تشكيل الحكومة من خلال التحالف الشيعي".
ويضيف ان "القوى السياسية تشكلت وتوافقت على هذه التفاهمات وعلى هذه التقسيمات وعلى بناء الدولة العراقية سواء على مستوى اللجان البرلمانية والوزارات وهذا سياق متبع ومتفق عليه، وبالتاكيد ان نتائج الانتخابات ستكون هي الكفيلة بزايدة او نقصان تلك التقسيمات".
اما من الناحية الدستورية في عملية اختيار رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة بعد الانتخابات السابقة، وما جرى في ترك الكتلة النيابية الاكبر فهي "مخالفة للدستور بكل تأكيد"، وفق ما ذهب اليه العصامي، والذي يشير الى ان "الدستور تضمن وكفل تشكيل الكتلة الاكبر في الجلسة الاول للبرلمان لكن الاحزاب والكتل السياسية تعمدت الى عدم تطبيق هذه المادة القانونية، وقد تعود لنفس الالية في الانتخابات المقبلة، لكن هذا يتوقف على نتائج الانتخابات المقبلة".
ومن المقرّر إجراء انتخابات برلمانية مبكرة في العراق، في 10 تشرين الأول 2021 المقبل، حيث ستتم عملية التصويت في 1079 مركزاً في جميع أنحاء العراق وإقليم كوردستان.
يشار الى ان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وسّعت مهام 130 مراقباً دولياً في عموم العراق، تنحصر بمراقبة العملية الانتخابية، فضلًا عن تقديم الدعم والمشورة الفنية للمفوّضية.
وكانت المتحدث باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، جمانة الغلاي، ذكرت لشبكة يوم الإثنين (5 تموز 2021): "أنهينا العديد من مراحل العملية الانتخابية منهم التحديث واستقبال قوائم المرشحين ونعمل للاستعداد ليوم الاقتراع، نحن بكامل جهوزيتنا اللوجستية والفنية لإجراء الانتخابات في موعدها المحدد".