المحايد/ ملفات
باستمرار ترجع الهيئات الحكومية في العراق ووزارة التربية، ارتفاع نسبة الأمية إلى عوامل اقتصادية وأمنية ومجتمعية، في ظل وجود قانون خاص لمحو الأمية لم يطبق بشكل صحيح على أرض الواقع، كما يقول مراقبون للشأن التعليمي.
ووفقاً لآخر الإحصائيات الصادرة عن وزارة التربية، فإن عدد الأميين في العراق بلغ خمسة ملايين شخص، لتأتي إجراءات مواجهة كورونا وتسبب المزيد من العزوف عن تلقي التعليم، لأسباب عدة منها الإغلاق العام، الذي أجبر المواطنين على البقاء في منازلهم والاعتماد على أنفسهم في تلقي المحاضرات التعليمية.
وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء، فإن نسبة الأمية في العراق بين السكان الذين تزيد أعمارهم عن 10 سنوات، بلغت 13%، وترتفع النسبة بين الإناث ممن تزيد أعمارهن عن 10 سنوات، لتصل إلى 18%، فيما تنخفض بين الذكور إلى 8%.
وحسب البيانات الحكومية، فإن 87% من الأفراد ممن تزيد أعمارهم عن 10 سنوات فما فوق، ليسوا أميين، بينهم 82% من النساء لسن أميات، مقابل 92% من الذكور.
وبلغت نسبة الالتحاق بالدراسة الابتدائية 93%، مقابل 57% هي نسبة الالتحاق بالدراسة المتوسطة، وتنخفض إلى 30% نسبة الالتحاق بالدراسة الإعدادية.
التربية: وصلنا إلى نصف عددهم
يقول المتحدث باسم وزارة التربية العراقية حيدر فاروق، ، إن "المؤسسات التربوية تعمل على قدم وساق في سبيل الوصول إلى جميع الأميين في العراق، وتوسيع رقعة مراكز محو الأمية".
وبمناسبة اليوم الدولي لمحو الأمية، الموافق اليوم الأربعاء، يوضح فاروق: "الأحداث الأمنية منذ 2003 حتى اليوم، وما رافقها من تدهور صحي واقتصادي وسياسي، أدت إلى زيادة أعداد الأميين في العراق".
يندرج الاتصال والبنية الأساسية والمهارات الرقمية في عِداد العوامل الأساسية لإدماج الشباب والكبار في عالم اليوم الرقميّ🌏.
"كما أدى نزوح مئات الآلاف من قراهم ومساكنهم الأصلية والتوجه للعيش في مخيمات النزوح، إلى تفشي الأمية بصورة كبيرة، حتى جاءت جائحة كورونا التي زادت أرقام العازفين عن التعليم والأميين في البلاد"، يتابع فاروق.
ويبيّن أن وزارة التربية "تعمل على افتتاح نحو ألف مركز لمحو الأمية، لتشمل مليوني ونصف المليون شخص، كما أن هناك تعاوناً مع المنظمات الدولية، للوصول إلى أبعد الأماكن في العراق والمناطق النائية، ومن الممكن البحث عن الأسر أو البحث عن الشباب وحتى المتقدمين بالسن، لتعليمهم القراءة والكتابة".
"شبح الأمية"
يرى الكاتب كفاح محمود كريم، أنه في معظم دول الشرق الأوسط وغالبية الدول العربية "يعاني سكان الريف والقرى وأطراف المدن والبلدات الصغيرة من فرق شاسع في الوعي والثقافة وما يرتبط بهما سياسياً واقتصادياً وحضارياً مقارنة بمراكز المدن الكبيرة".
"حيث تساهم الأميّة الأبجدية والحضارية مع الموروث في التركيبات الاجتماعية القديمة بشكل كبير على إضعاف مفهوم جامع للمواطنة والانتماء الموحد للوطن"، يضيف كريم.
ويقول إن "إشكالية الأمية معقدة واجهت ولا تزال تواجه عملية التحول الديمقراطي في غالبية هذه البلدان، خاصةً الدول ذات النظم الشمولية في الشرق الأوسط والعالم الثالث عموماً، حيث تسود الأميّة بأشكالها المتنوعة في قطاعات واسعة بين الأهالي في المدن وبشكل أوسع في الأرياف".
ويشير كريم إلى أن هذه الظروف "تنتج أمية وطنية، أي الجهل بالوطن والمواطنة و تقزيم البلاد واختزالها في قرية أو مدينة أو قبيلة، بسبب التكلس البدوي في الشخصية مع تراكم التخلف الحضاري والتجهيل المتعمد من قبل معظم الأنظمة التي تسلّطت على البلاد"، وفق تعبيره.
ويبين: "في العراق مثلا كانت هناك محاولات جدية في نهاية سبعينيات القرن الماضي للقضاء على الأميّة الأبجدية حصرياً، لكنها فشلت حالها حال التعليم، نتيجة سلسلة الحروب التي خاضها النظام والحصار التي وقع العراق تحته، ما أدى لتحطيم شبه كلي للدولة العراقية".
ويؤكد كريم أن "شبح الأمية أضر بشكل مباشر بالمفاهيم الوطنية وغيّب مفهوم المواطنة الحقة لتكريس مجموعة قيمية ضمن أيديولوجية (الحزب القائد)، حيث أغلقت دائرة معلومات الفرد وثقافته وتطلعاته وانتمائه".