المحايد- ملفات
منذ أكثر من 20 عاما، لم يشهد العراق إحصاءا سكانيا ليكون قاعدة بيانات رسمية لخططه التنموية، فآخر عملية تعداد سكاني كان في عام 1997 ولم يشمل في وقتها إقليم كردستان.
وبعد عام 2003 كانت هناك محاولات من قبل الحكومات المتعاقبة لتنظيم إحصاء عام للبلاد، لكن المشروع دائما ما يجهض بسبب المواقف السياسية لا سيما في المناطق المتنازع عليها.
مجلس الوزراء وفي جلسته الأخيرة وجه بتضمين الموازنة المقبلة 2022 مبالغ مالية لإنجاز عملية التعداد السكاني في العراق.
يقول المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي إن الوزارة تحتاج إلى 120 مليار دينار لإنجاز المشروع مضيفا أن "جميع خططنا جاهزة والهيئة العليا للتعداد ما زالت موجودة وقائمة ولا تحتاج سوى إلى تخصيص مبلغ للإحصاء للبدء بتجهيز الأدوات الفنية واللوجستية، لا سيما وأن المشروع سيختلف عن عمليات الإحصاءات السكانية السابقة والتي كانت تجرى ورقيا أما في هذا التعداد فستكون الطريقة إلكترونية".
وبحسب الهيئة العليا للتعداد السكاني، فإن المشروع يحتاج إلى أكثر من 100 ألف عداد ولكل منهم جهاز لوحي (تابلت).
ويوضح الهنداوي "عملية التمثيل الإلكتروني تتطلب توفير بيئة إلكترونية من أجل إظهار النتائج بأسرع وقت، فعلى سبيل المثال فإن تعداد عام 97 ولأنه ورقي ظهرت نتائجه بعد عامين أو أكثر، لذلك فقد قيمته التنموية".
تحديات سياسية أيضا
تعتبر وزارة التخطيط أن التحدي الأبرز أمامها لإجراء التعداد هو التخصيصات المالية، لكن لا يمكن تناسي موضوع المناطق المتنازع عليها، وخصوصا محافظة كركوك، فالتعداد الذي كان من المزمع إجراءه في عام 2010 أجهض بسبب التناحر السياسي على المحافظة.
ويطالب اقليم كردستان الشمالي شبه المستقل بضم كركوك. وسيحدد الاحصاء ان كان الاكراد اكبر تكتل عرقي في المدينة وهو ما قد يدعم تلك المطالبة.
ويقول المتحدث باسم الجبهة التركمانية محمد سمعان أن مطالب العرب والتركمان في كركوك ما زالت ثابتة وهي تطبيع الأوضاع ومن ثم إجراء التعداد السكاني.
ويضيف "كركوك تعرضت بعد عام 2003 إلى تغيير ديموغرافي كبير، هناك عوائل سكنتها ليست من المحافظة بالأصل وحملت هوية كركوك، لذلك إذا لم يتم إخراج هذه العوائل والمهجرين أيضا فستكون نتائج التعداد خاطئة وستؤثر على مستقبل المدينة".
وعلى الرغم من تعهدات الحكومات السابقة بعدم استخدام نتائج التعداد لأغراض سياسية مستقبلية، إلا أن عدم الثقة بين أطراف الخلاف في المناطق المتنازع عليها لا يزال هو المشهد السائد في علاقتها مع بعضها.
ويضيف سمعان "التجارب السابقة أثبتت لنا أن أي إجراء في كركوك والمناطق المختلف عليها حتى وإن كان فنيا، فإنه سيستغل من قبل حكومة إقليم كردستان لإثبات كردية كركوك، لذلك نرفض التعداد ولن نوافق على إجرائه في هذه الظروف".
توقعات بفشل المشروع
يؤكد المحلل السياسي علي الكاتب أن المواقف السياسية جراء التعداد السكاني لم تتغير وما تزال عقدة كركوك لم تحل.
وفي حال إتمامه، سيكون الإحصاء هو الأول الذي يشمل إقليم كردستان منذ عام 1987 . وبلغ عدد سكان العراق 19 مليون نسمة في إحصاء أجري عام 1997 وقدر مسؤولون أن هناك ثلاثة ملايين آخرين يعيشون في إقليم كردستان.