الصفحة الرئيسية / "ديمقراطية مشوهة ونظام فساد".. حديث العراقيين عن عقود "الموت والخذلان" بعد 2003

"ديمقراطية مشوهة ونظام فساد".. حديث العراقيين عن عقود "الموت والخذلان" بعد 2003

المحايد/ ملفات


حل اليوم العالمي للديمقراطية، قبيل موعد إجراء الانتخابات المبكرة في العراق، لكنه لا يلقى صدى واسعاً بين الأوساط السياسية والثقافية، نتيجة الكوارث الأمنية والسياسية والاقتصادية التي أنتجتها السياسات الخاطئة بعد عام 2003 حين تحول نظام الحكم إلى ديمقراطي برلماني تعددي.

وبعد عام 2003، كان العراقيون يمنون النفس بالعودة إلى مصاف الدول الكبرى والتخلص من السياسات العبثية، لكنهم وبعد عقود من الزمن وجود أنفسهم أمام "تجربة ديمقراطية مشوهة"، كما يصفها أنمار علي المتخصص بالأنظمة الديمقراطية.

وتستعد حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، لإجراء انتخابات مبكرة في العاشر من تشرين ألأول/ أكتوبر المقبل، كجزء من تعهدات قدمتها، بعد استقالة حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي عقب احتجاجات دامية أوقعت الآلاف من القتلى والمصابين والمختطفين في أغلب مناطق العراق.

لا ديمقراطية حتى الآن

ويقول الباحث والمتخصص بالأنظمة الديمقراطية أنمار علي، "اليوم الدولي للديمقراطية جاء كمناسبة عالمية لاستعراض أوجه الديمقراطية في بلدان العالم ومدى انسجامها مع رغبات وتطلعات الشعوب التي ناضلت وضحت من أجل الوصول إلى ايجاد نظام حكم ديمقراطي"، مضيفا "في العراق الأمر يختلف تماماً، فالعالم كله شهد التغيير الكبير الذي وقع في البلاد عقب إنهاء الحكم الديكتاتوري الذي كان يترأسه صدام حسين، لكن الدخول في النظام الديمقراطي الحالي الذي فصلته الأحزاب السياسية على مقاساتها أدى إلى كوارث وفوضى أمنية واقتصادية وسياسية، أوصلت البلاد إلى الهاوية".

 

ويرى علي أن "النظام الحالي في العراق مشوه، وغير واضح المعالم، فهو في الدستور ديمقراطي تعددي برلماني يتيح للجميع إبداء الرأي دون أن يكون هناك تكميم للأفواه، بينما الواقع الحالي مر وصعب، إذ أن المحاصصة هي أساس العملية السياسية في العراق".

 

ويؤكد الباحث أنه "لا يمكن تخيل رئيس برلمان غير سني ورئيس جمهورية غير كردي، أما رئاسة الوزراء فلا أحد يشك بأنها من حصة المكون الشيعي، وهذا ما جاء بخلاف الدستور تماماً".

تحدي "موت الديمقراطية" في العراق

من جانبه، يعتبر الخبير القانوني طارق حرب أن "لا ديمقراطية حقيقية في العراق حتى الآن، فكل ما عاشه العراقيون بعد عام 2003 وإلى اليوم هو نتاج حكم الأحزاب، بعيداً عن المواثيق الدولية الخاصة بالحكم الديمقراطي، وبعيداً كل البعد عن ما تراه منظمة الأمم المتحدة من ضرورة تطبيق النظام الديمقراطي بحذافيره من فتح الآفاق أمام الجميع، والسماح للحريات العامة وعدم تهميش الآخر".

 

ويضيف حرب في "لا حرية لوسائل الإعلام بالشكل المطلوب، ولا يستطيع الفرد ممارسة حرياته، ولا النظام السياسي قادر على إنتاج حكومات تلبي مطالب العراقيين، فالفساد والفوضى والأجندات الخارجية والولاءات المتعددة هي عنوان النظام السياسي الحالي، لذلك فإن اليوم العالمي للديمقراطية لا يلقى صدى واسعاً بين المكونات السياسية في العراق، كونهم لم يفلحوا بتطبيق أي مضمون من مضامين الديمقراطية التي تحث الأمم المتحدة على تحقيقها في الدول الراغبة بالحكم الديمقراطي".

انتخابات ليست ديمقراطية

وتعد إجراءات الانتخابات واحدة من أهم أسس الديمقراطية، وفي العراق تجرى انتخابات نيابية كل 4 سنوات، يتم على إثرها اختيار مجلس النواب المتحقق من الكتل الفائزة الحكومة الجديدة.

وفي العراق أجبرت الاحتجاجات الواسعة في تشرين الأول عام 2018، حكومة عبدالمهدي على تقديم استقالتها بعد سنة من تشكيلها، لتأتي حكومة انتقالية برئاسة رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي، ليمهد الطريق أمام انتخابات مبكرة، كجزء من مطالب المحتجين.

 

يقول الناشط آرام حيدر (23 عاماً)، "عزوف المواطنين واضح وصريح عن التفاعل مع الانتخابات المقبلة، هناك يأس واحباط كبيرين من النظام السياسي الحالي، ذهاب الناس في الانتخابات السابقة لم يحدث فرقاً، فالأحزاب ذاتها مسيطرة على المناصب والموارد وكل شيء تقريباً في البلاد، والبرلمان خاضع لرؤساء التحالفات والقيادات الكبرى، لذلك يبدو أن لا أمل من الانتخابات".

 

يتنقل حيدر من محافظة إلى اخرى خوفاً من تعرضه لنفس مصير أقرانه ممن اختطفوا وهددوا وقتلوا برصاص مجهول.

ويضيف "لا أحد يعرف ما هو الحل للنظام الحالي، حتى أن المطالبات بتغيير النظام إلى رئاسي لم يعد ذو أهمية بالنسبة لنا، نريد وطناً فقط نعيش فيه بسلام".

وفي ذات الصدد، يقول أحد قياديي الاحتجاجات سند حازم (45عاماً)، "منذ تغيير النظام عام 2003 كنا نأمل بدولة عدالة اجتماعية، ننام فيها آمنين على عوائلنا وأصدقائنا، لكنا دخلنا في جمهورية الرعب، تحت ظل حكم الأحزاب".

 

ويتابع، "في اليوم العالمي للديمقراطية يتفق العشرات من المتظاهرين والناشطين وأصحاب الرأي من المدونين والكتاب على أن الانتخابات المقبلة هي إسقاط فرض وتحصيل حاصل ولا تنسجم مع تطلعات العراقيين أبداً، لذلك نرجو من العالم سماع صوتنا بأن النظام السياسي يجمل وجهه كل أربع سنوات بالانتخابات، لكن الحقيقة الثابتة بانهم لن يسمحوا لغيرهم أبداً بأن ينافسهم على مقاعدهم ومناصبهم وامتيازاتهم، وهذا ما اثبتته كل التجارب بعد 2003".

 

العالم يراقب

من جانبه أعلن الاتحاد الأوروبي وصول 12 من خبرائه إلى بغداد وأربيل لمراقبة الانتخابات العراقية المقبلة، فيما أكد أن 20 مراقباً أجنبياً آخرين سيصلون في منتصف الشهر الجاري.

 

وقال الاتحاد في بيان، إنه قرر "نشر بعثة مراقبة الانتخابات (EOM)  لمراقبة الانتخابات التشريعية العراقية"، مبينا أن "ذلك جاء استجابة لدعوة من مفوضية الانتخابات".

 

وتابع أن "البعثة ستصدر تقريرا عاما مع التوصيات، على أساس تقييم موضوعي للحملة والتصويت، بهدف المساعدة في زيادة تحسين الإطار الانتخابي في العراق".

 

وأكد البيان أن "إجراء العملية الانتخابية بشكل سلمي وآمن أمر أساسي لضمان أن يتمكن جميع المرشحين والنشطاء السياسيين والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والناخبين من ممارسة حقوقهم وحرياتهم الديمقراطية بشكل كامل، سيكون هذا مفتاح نجاح هذه الانتخابات المهمة".

18-09-2021, 15:44
العودة للخلف