المحايد/ بغداد
ما زالت القوات الأمنية، تطبق إجراءات مشددة في إحباط عمليات تهريب المادة الأساسية لقوت الشعب، لدرء حرب اقتصادية تهدد بإخماد أفران الخبز، وإشعال جيوب المواطنين وأسواقهم بغلاء جديد يثقل كاهلهم.
وأخذت أسعار الدقيق "الطحين" بالهبوط بعد تسجيلها ارتفاعا ملحوظا في حدث خطير شهدته الأسواق العراقية إثر عمليات تهريب تراوحت بين المحافظات وتخطتها إلى خارج الحدود.
وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة التجارة العراقية، محمد حنون في تصريح أن "الإجراءات الأمنية أسفرت عن انخفاض سعر كيس الطحين الذي وصل إلى 27 و28 ألف دينار إلى 21 و20 بسبب وجوده في أسواق كل محافظة وعدم نقله من محافظة إلى أخرى".
وأكمل: "لا توجد أزمة طحين وإنما أزمة تهريب عندما يقوم المهربون باستغلال شراء هذه المواد سواء من المواطنين أو استغلال تعامل المواطن من قبل الوكيل الذي يخبره أن المادة غير صالحة وبالتالي المواطن لا يستلمه وتذهب المادة إلى جيوب الفاسدين وعمليات التهريب".
ولفت إلى أن "الأيام الماضية كانت حاسمة على الفاسدين والمهربين، منوها إلى الاستمرار بعمليات المتابعة والتدقيق لوضع اليد على كافة المهربين للطحين المادة في البطاقة التموينية".
وفي سياق متصل صرح الخبير الاقتصادي العراقي البارز فالح الزبيدي، بأن "كميات الطحين المهربة كما ورد في الإعلام، منتهية الصلاحية وتهريبها إلى الأسواق بنقلها من مكان إلى أخر لأجل توزيعها على المواطنين غير مكترثين لصحته".
واستطرد الزبيدي، أن "تهريب الطحين إلى سوريا وغيرها من دول الجوار، يثقل كاهل الحكومة العراقية والدولة بشكل عام لأنه كما نعرف أن المادة الوحيدة التي لم يرتفع سعرها في السوق العراقي هو الخبز خلافا للمواد الأخرى المستوردة من الخارج ارتفع سعرها مثل الزيوت، وغيرها من المواد الاستهلاكية نتيجة لقيام الدولة بخفض قيمة الدينار مقابل الدولار مما أدى إلى ارتفاع المستويات العامة في أسعار معظم السلع باستثناء الخبز".
وتابع، "أما إذا أصبحت حرب اقتصادية على خبز المواطن ستؤدي إلى كوارث خاصة للفئات الفقيرة التي تعتمد عليه"، مضيفاً: "نحن في مادة الاقتصاد نسمي الخبز هو والدواء مواد غير مرنة والطلب عليها ثابت، ولا يمكن تخلي المواطن عنها بأي سعر، لذلك التحرش بهذه المواد يؤدي إلى حرب اقتصادية ضد المواطنين، وإثقال كاهل الدولة".
وبين الزبيدي: "لدينا في الاقتصاد ميزان المدفوعات توجد فيه استيرادات غير قابلة للضغط، على الدولة استيرادها وهي الغذاء "المواد الغذائية الأساسية"، والحبوب الاستراتيجية الأربعة : "الحنطة والشعير والأرز والذرة" يجب أن توفر للمواطن إذا لم يكن هناك إنتاج محلي كاف منها".
وحذر قائلاً: "لذلك التلاعب في هذه المواد سواء الطحين والدواء يؤدي إلى حرب اقتصادية، ومثلما نعرف حتى في الأخبار هناك كميات من الأدوية تهرب خاصة إلى إيران ودول أخرى، لاسيما وأن العراق لديه 1450 كم حدود مع الأراضي الإيرانية، ويوجد أكثر من 50 منفذ حدودي غير رسمي إضافة إلى المنافذ الرسمية المسيطر عليها من قبل بعض الفئات والأحزاب مما أدى إلى عدم السيطرة على المنافذ ومشاكل عديدة منها تهريب المخدرات التي تعاني الدولة من انتشارها في بعض المحافظات".
وأكمل الزبيدي، أن "عدم السيطرة على المنافذ الحدودية يؤدي أيضاً إلى تهريب المواد المنتهية الصلاحية والمواد غير الخاضعة للسيطرة النوعية لغرض الاستهلاك البشري سواء مواد غذائية أو كهربائية أو سلع استهلاكية أخرى".
ويرى الخبير الاقتصادي، أن "حل مشاكل تهريب الطحين وغيره من المواد، هو بوضع الدولة يدها على المنافذ الحدودية جميعها في الشرق والغرب، مشيرا إلى أن السيطرة على المنافذ سيحد من تهريب مادة الطحين أو المواد الأخرى غير الصالحة للاستهلاك البشري وغيرها".
وأحبطت الأجهزة الأمنية العراقية، مطلع الأسبوع الجاري تهريب 1100 كيس من الدقيق (الطحين) المادة الأساسية في مفردات البطاقة التموينية وطعام المواطنين، بالتزامن مع ارتفاع سعر الكيس الواحد إلى أكثر من 25 ألف دينار.
ورصدت مفارز مديرية الأمن الاقتصادي في جهاز الأمن الوطني، الاثنين الماضي، سيارة نوع "مرسيديس" محملة بـ700 كيس من مادة الطحين المعدة للتهريب من منطقة جميلة شرقي العاصمة، وجرى تعقبها وضبطها في سريع القناة ببغداد، وإلقاء القبض على سائقها حسب بيان لخلية الإعلام الأمني العراقي.
وقالت الخلية في بيان الأحد الماضي: "لمنع ضعاف النفوس من تمرير مآربهم الدنيئة والعبث بقوت المواطنين، تواصل الأجهزة الأمنية رصد المخالفين ومحاسبتهم، وبحسب توجيهات القائد العام للقوات المسلحة، وبمتابعة من قبل مكتب رئيس الوزراء، وبإشراف قيادة العمليات المشتركة، تمكنت مفارز مديرية الأمن الاقتصادي في جهاز الأمن الوطني من رصد سيارة نوع سكانيا محملة بمادة الطحين من أكثر من مخزن في منطقة جميلة".
وأوضحت: "جرى تعقبها وضبطها في سريع القناة باتجاه ساحة ميسلون ببغداد، وقد تبين أنها تحمل نحو 400 كيس من مادة الطحين زنة 50 كغم من مفردات البطاقة الوطنية المعدة للتهريب، كما تم إلقاء القبض على سائقها، حيث اتخذت بحقه الإجراءات القانونية أصوليا".
وارتفع سعر كيس الطحين الواحد في السوق السوداء في العاصمة بغداد إلى 28 ألف دينار عراقي، بعد أن كان يتراوح ما بين 15 و18 ألفا.