المحايد/ ملفات
تطالب محافظة المثنى الحكومة المركزية في بغداد بخطوات أكثر جدية لانتشالها من الفقر وقلة الخدمات وإنهاء الفساد المستشري داخل مؤسساتها.
وفي أكثر من مناسبة، يؤكد أعضاء في مجلس النواب ومسؤولين في المحافظة، على أن "المثنى لا تمتلك أي موارد اقتصادية".
ووفقاً لآخر الإحصائيات الرسمية التي تنشرها وزارة التخطيط، فإن محافظة المثنى تتصدر نسب الفقر على مستوى المحافظات العراقية.
ويؤكد عباس الظالمي، أحد الموظفين في دائرة التخطيط بمحافظة المثنى، أن "المحافظة تعيش تحت خط الفقر".
أرقام مقلقة
وفي أبريل الماضي أعلنت وزارة التخطيط العراقية، ارتفاع مؤشرات الفقر في البلاد فيما كشفت عن إعداد خطة "الإصلاح والتعافي" التي سيكون عمرها سنتين.
ويقول المتحدث باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي إنه "بعد رفع سعر صرف الدولار فإن مؤشر التضخم ارتفع بنسبة 4.9 إلى 5 بالمئة، بينما ارتفعت مؤشرات الفقر الأولية بنسبة 26 إلى 27 بالمئة".
وبشأن تطبيق الخطة أوضح الهنداوي أن "عمرها سيكون سنتين من 2021 إلى عام 2023 وتعمل على 3 مسارات، الأول المسار الاقتصادي الذي يتضمن تحسين مستوى الاقتصاد ودعم القطاع الخاص، والثاني المسار الاجتماعي الذي يتضمن دعم مستوى الخدمات في مجال الصحة والتعليم وعودة النازحين وتمكين المرأة، أما المسار الثالث فهو المحور المكاني الذي يتضمن معالجة الفجوات التنموية الموجودة في المحافظات".
وفي وقت سابق، أطلق البنك الدولي تحذيراته من احتمالية وصول نسبة الفقر في العراق إلى 50%.
ووفقاً لبيانات وزارة التخطيط، فإن نحو 32% من سكان البلاد يعيشون تحت خط الفقر، ففي العام الماضي وحده زادت نسبة الفقر في العراق بـ3% مقارنة بعام 2019، أي أن عدد من يعيشون تحت خط الفقر بلغ أكثر 12 مليوناً و600 ألف شخص.
إلا الخبز
وخلال الأيام القليلة الماضية، شكا مواطنون من محافظة المثنى من ارتفاع أسعار الخبز، واصفين هذا التطور بانه ينذر بـ"عواقب وخيمة يتحملها المسؤولون في المحافظة".
ويقول حسن الخالدي، وهو مسؤول محلي بقضاء الرميثة التابع للمثنى، إن "ارتفاع أسعار الخبز يراه المواطنون في المثنى مؤشرا خطيرا على تداعيات اقتصادية قادمة".
ويتابع "عادة ما ارتبط ارتفاع أسعار الخبز بالحروب التي شهدها العراق والحصار الاقتصادي، لذلك فإن أي ارتفاع بأسعار الخبز يبعث رسال مقلقة إلى الفقراء وهم النسبة الغالبة للسكان في المحافظة".
ويقول عقيل قاسم، صاحب مخبز وسط المحافظة، "إلا الخبز، على الحكومة أن تدرك أن ارتفاع أسعار الطحين والخبز، سيزيد من نقمة المواطنين على الوضع الدائر في المحافظة، فالخبز هو واحد من مقاييس الأزمات السياسية والاقتصادية في المحافظة".
ويوضح "وصل سعر الكيس من النوع الأسمر من 10 آلاف دينار إلى 25 ألف، والأبيض من 30 ألف إلى 40 ألف دينار، وهذا أمر لا يمكن السكوت عنه أو قبوله".
وتقر الحكومة المحلية لمحافظة المثنى بان تلكؤ تنفيذ المشاريع من قبل الوزارات وتأثير مشكلة شح المياه في الواقع الزراعي أديا إلى زيادة حدة الفقر.
وتؤكد دائرة التخطيط في المحافظة أن النسبة المسجلة بلغت 52%.
وقال المحافظ احمد منفي في حديثه للصحيفة الرسمية (الصباح)، إن "هناك أسبابا عدة أدت إلى ارتفاع نسبة البطالة في المثنى أهمها تعطل العمل في العديد من المشاريع المنفذة من قبل الوزارات والتي تشهد تلكؤا واضحا في التنفيذ".
وبين أن "المثنى تعد من المحافظات الزراعية، لكن شح المياه منذ قرابة العقد بسبب مواسم الجفاف وقلة سقوط الأمطار، حولا المزارعين إلى عاطلين عن العمل، كما تفتقر المحافظة إلى خطة زراعية واضحة".
من جهته، قال مدير دائرة التخطيط في المثنى قابل حمود البركات لصحيفة "الصباح"، إن "نسبة الفقر البالغة 52 % في المثنى تعد أعلى نسبة سجلت بين بقية المحافظات"، موضحا أن "نسبة في البيئة الريفية تبلغ نحو 75 %، وفي البيئة الحضرية تصل إلى 23 %، فيما تصل فجوة الفقر إلى 14 %".
في هذه الأثناء، كشفت وزارة التخطيط عن المشاريع الاستراتيجية لمعالجة خط الفقر، مبينة أن مايقرب من ربع سكان العراق يعيشون تحت خط الفقر نتيجة للظروف التي مرت بالبلاد.
ويقول المتحدث باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي لموقع إن "الظروف التي مرت بالعراق أسهمت بارتفاع نسبة الفقر، إذ كانت نسبة الفقر في نهاية العام 2019 هي 20 بالمئة، إلا أنه مع دخول العراق في نفق الأزمة المزدوجة، جائحة كورونا وما رافقها من أزمة مالية بسبب تراجع أسعار النفط، أثرت بشكل كبير على ارتفاع نسبة الفقر في البلاد".
ويضيف أن "الوزارة أعدت دراسة في النصف الثاني من سنة 2020 في شهر تموز الماضي بالتعاون مع البنك الدولي ومنظمة اليونسيف، ووفق سيناريو توقعات ارتفاع الأسعار نتيجة ضخامة حجم الأزمة، فقد توقعت الدراسة في محورها الأول أنه إذا ارتفعت الأسعار بنسبة 50 بالمئة عما كانت عليه قبل الأزمة، سيسهم بارتفاع نسبة الفقر إلى حوالي 32 بالمئة وسيصبح عدد الفقراء 11 مليوناً و400 ألف يعيشون تحت خط الفقر".
وتابع "أما المحور الثاني من الدراسة التي تم استكمالها فيما بعد، وبعد مراقبة الأسعار، اتضح أن الأسعار لم ترتفع بالنسبة المتوقعة، حيث ارتفعت بنسبة 6 بالمئة فقط، وهذا ارتفاع طفيف مقارنة بما حدث في دول العالم، وبموجب هذه الزيادة، يكون الفقراء الذين يدخلون تحت خط الفقر هم مليونان و700 ألف فقير يضافون إلى العدد المؤشر، ليصبح العدد الكلي هو 9 ملايين و600 ألف".
ويتابع الهنداوي، "هذا العدد يشكل حوالي 25 بالمئة، وبناء على هذه المعطيات فأن ربع سكان العراق هم تحت خط الفقر أو اقل بذلك بقليل، إذا كان عدد سكان العراق هم 40 مليوناً".
ويوضح أنه "من الإجراءات التي ستطبق خلال العام الحالي في موازنة العام 2021 تضمنت زيادة في تخصيصات شبكة الحماية الاجتماعية بحوالي ترليوني دينار بهدف زيادة قاعدة الشمول للفقراء، أي شمول أسر جديدة، وكذلك إذا كانت هنالك إمكانية زيادة الرواتب الممنوحة للمشمولين بهذه الشبكة، هذا المسار رقم 1 وهو يمثل أحد المسارات المهمة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية في معالجة الفقر، وهو أيضا وارد ضمن ستراتجية تخفيض خط الفقر".
أما المسار رقم 2 الذي تعمل عليه وزارة التخطيط، بحسب الهنداوي، فهو "الصندوق الاجتماعي للتمنية"، وهذا الصندوق يمثل تجربة جديدة بآلية جديدة تم إطلاقه في وقت سابق.
شمل في المرحلة الأولى ثلاث محافظات وهي المثنى وصلاح الدين ودهوك، بواقع عشر قرى في كل محافظة، وتم تنفيذ حوالي 62 مشروعاً خلال السنتين الماضيتين.
ويلفت الهنداوي إلى "استفادة أكثر من 60 ألف مواطن في 30 قرية موزعة بين تلك المحافظات المذكورة آنفاً، حيث وفرت هذه المشاريع فرص عمل لأكثر من ألف شاب في هذه القرى".