المحايد/ بغداد
بنحو ساعتين من حوار تلفزيوني، هو الثاني له، منذ تسلمه مهام المستشار السياسي لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أحدث مشرق عباس الإعلامي المعروف، الذي هاجر عالم الإعلام ودخل السياسة عبر بوابة حكومة الكاظمي، ضجة كبيرة بين الأوساط المجتمعية والسياسية والثقافية على حد سواء، بتصريحات وصفها البعض بأنها "رنانة" فيما اعتبرها آخرون حلقة جديدة من مسلسل "سياسي طوبائي" بدأ عام 2003.
ومشرق عباس، كاتب وصحافي عراقي، حاصل على شهادة البكالوريوس من كلية العلوم السياسية جامعة بغداد، كتب تحقيقات ومقالات ودراسات لوسائل إعلام ومراكز بحوث دولية مختلفة، وأدار مؤسسات إعلامية عراقية.
وبشيب لماع، و"نيو لوك"، يشبه كثيراً "ستايل" الشخصيات السياسية والحكومية التي تخرج من صالون "قيس الشرع" الواقع في ساحة الفردوس المرتبطة بسقوط أشهر تماثيل رئيس النظام السابق، قال مستشار الكاظمي السياسي إنه "لو لا قبول الكاظمي بمنصب رئاسة الحكومة لذهب العراق إلى حرب عالمية ثالثة".
وعن أسباب قبوله بمنصبه الحالي، أكد عباس انه "اضطر إلى قبول مهمة مستشار رئيس الوزراء، بسبب الأوضاع التي يشهدها العراق" كما انه "لم يعتبر ترك العمل الإعلامي خيانة للإعلام، كونه تشرف بقبول تكليفه بمنصبه الحالي، والذي اختاره اليه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي".
وبخصوص طبيعة العمل مع الحكومة الحالية، أشار عباس إلى أن "الكاظمي خبير بالنظام السياسي الحالي، وهو ذكي جداً في إدارة الأزمات، وقد تعامل بمنتهى الحكمة والواقعية مع مختلف الأحداث التي شهدتها البلاد منذ توليه المنصب وإلى اليوم، كما وأنه وطني وانساني وهو يعمل على ايصال العراق إلى بر الأمان".
ووسط جو من التهكم والجدية تناثرت ردود الأفعال عبر مواقع التواصل الاجتماعي على ما طرح مشرق عباس خلال الـ110 دقيقة من لقائه على إحدى الفضائيات المحلية.
كتب ياسر الجبوري، على منصته في ’’تويتر’’، "حساب الكاظمي الرسمي بيد مشرق عباس وهو من يقصف المالكي"، متهماً عباس باستغلال منصبه في الحكومة الحالية لأغراض شخصية.
وفي تعليق تهمكي آخر، سخر وضاح مهدي، من قول عباس خلال لقائه بأن "الكاظمي كان ولا يزال استاذه الذي يتعلم منه بشكل يومي"، بقوله "استاذك تلميذك هذا الحجي لا يختلف كثيراً عن ما قيل بحق المالكي والعبادي وعبد المهدي من قبل مستشاريه، وهذا جزء من مسلسل طوبائي لا يمت للواقع بصلة، أبطاله مستشارو الحكومات المتعاقبة على حكم العراق".
لكن مستشار الكاظمي، بدا واثقاً في كلامه الذي خرج به، ولم يلحظ على تصريحاته أي تناقض مع طبيعة الأجواء السياسية التي يعرفها العراقيون جيداً، فقد اشار بقوة إلى أن "اموال العراقيين تستثمر لأغراض سياسية ولشن هجمات على الخصوم، كما أن حكومة الكاظمي لا تريد أن تكون طرفاً سياسياً وليس من شأنها الدخول في صراع سياسي لذلك هي لا تريد الرد على الهجمات التي تتعرض لها بإرادتها".
وتأكيداً لطبيعة الكاظمي الشخصية، ورغبته بعدم زج نفسه في أتون حرب مستعرة مع الجهات التي تحاول جره إلى الصدام، قال عباس إن "الكاظمي شخص ودود ولم يأتي وفق ما يعتقده البعض بأن مجيئه مؤامرة لاستهدافهم ونزع مناصبهم ومواجهتهم".
ويشير المستشار السياسي للكاظمي، بأن "الحكومة التي جاءت بعد أحداث تشرين عام 2019 واجهت هجمة شرسة، من قبل الأطراف السياسية التي خرجت إلى العلن وصرحت بأنها حكومة يقودها (فريق من الجوكرية)"، وبالعودة إلى أحداث انتفاضة تشرين فإننا نجد اعضاء كثر من فريق الكاظمي الحكومي وهم يتواجدون في ساحات التظاهر، ويعلنون بشكل مستمر دعهم لمطالب المحتجين بتغيير حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، والعمل على اجراء انتخابات مبكرة من خلال حكومة لا تدخل طرفاً سياسياً فيها، وتعديل قانون الانتخابات وفق طموح العراقيين المنتفضين، ومحاربة الفساد بكل اشكاله، والاهم من كل ما ذكر، طالب العراقيون بإجراء انتخابات مبكرة بعيدة كل البعد عن تأثير المال والسلاح السياسي.
واليوم، يلاحظ على الكثير من العراقيين وخصوصاً من انصار احتجاجات تشرين، رفضهم وعدم رغبتهم بالمشاركة في الانتخابات المبكرة، المؤمل إجراؤها في العاشر من تشرين الأول المقبل، بسبب ما تتعرض له الأحزاب المنبثقة عن الاحتجاجات من عمليات قتل وتهديد تستهدف ناشطيها وقادة الحراك الاحتجاجي في بغداد والمحافظات.
وبالعودة، إلى ردود أفعال رواد مواقع التواصل الاجتماعي، من تصريحات عباس، قال علاء حسن "اليسمع كلام مشرق عباس يحس روحه كاعد بسويسرا.. على هذا الكلام بعد ما نطلع مظاهرات.. يا أخي البلد منهار ميليشيات وفساد واختطاف وقتل، وتجي انت تسويها كمرة وربيع".
من التصريحات الأخرى التي تم تداولها بشكل كبير في مواقع التواصل الاجتماعي، ما ذكره مشرق عباس حول طبيعة تعامل الحشد الشعبي مع حكومة مصطفى الكاظمي، حيث أكد ان "فصائل الحشد الشعبي لا تتمرد على الحكومة الحالية مثلما كانت تفعل في ايام حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي"، ربط رواد مواقع التواصل الاجتماعي بين تصريحات عباس وما حدث اثناء فترة اعتقال قائد عمليات الحشد الشعبي غرب الانبار قاسم مصلح، من اقتحامات وتهديد واساءة للدولة ورموزها.
ووسط الضجة التي طغت على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى وصلت إلى غرف الدردشة في "كلوب هاوس وتليكرام وواتس آب"، خرجت آراء من ناشطين ومواطنين ومتابعين للشأن السياسي في العراق، ترى بأن مستشار الكاظمي تكلم "بمنطق واقع الحكومة الحالية، ولم يكن راغباً في تحويل لقاء تلفزيوني إلى حلبة لمهاجمة الخصوم والتنكيل بالآخرين".
وأشار أخرون إلى أن "توقيت خروج عباس اعلامياً، يأتي قبيل موعد الانتخابات، لتكون تصريحاته بداية لإعلان تهدئة سياسية عامة مع كافة التحالفات والقوى السياسية المختلفة والمنسجمة مع منهج الكاظمي، للوصول إلى يوم الانتخابات وإبعاد الصراعات عن الانتخابات المصيرية".