المحايد/ ملفات
تزامناً مع الذكرى السنوية السابعة لسقوط الموصل، وذكرى فاجعة سبايكر، تداول عدد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لأشخاص قالوا عنهم إنهم "أكثر المتهمين بوقوع أحداث الموصل، وحدوث جريمة مجزرة سبايكر، التي راح ضحيتها قرابة ألفي جندي".
الصور ضمّت شخصيات سياسية، بينهم النائب أحمد الجبوري (أبو مازن)، الذي لن يستطيع أن يدخل إلى الانتخابات النيابية المقبلة، بسبب استبعاده من مفوضية الانتخابات، بعد إدراجه على لائحة العقوبات من قبل وزارة الخزانة الأمريكية.
ليس "أبو مازن" فقط من كان بالصور، بل أعضاء تحالف البناء الذي شُكّل عام 2018 بعد إعلان نتائج الانتخابات النيابية، ليبرز نفسه بأنه الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي، إلا أن الجدل بقيَ قائماً إلى اليوم بسبب التحالفات التي حدثت بين أشخاص كانوا يتراشقون تهم العمالة والخيانة لبعضهم.
تحالف البناء ضمَّ عدداً من الأحزاب السياسية التي تولت الحكم بعد عام 2003، من بينها كتلة ائتلاف دولة القانون، برئاسة رئيس مجلس الوزراء الأسبق نوري المالكي، الذي تتهمه بعض الأطراف بأنه كان سبباً في سقوط الموصل وعدد من المحافظات بيد عصابات داعش، إضافة إلى وجود خميس الخنجر، زعيم المشروع العربي، والذي أيضاً اتهمه عدد من العراقيين بأنه كان داعماً لدخول عصابات التنظيم إلى المحافظات بعد ظهوره في حوارات تلفزيونية أسماهم بـ "الثوار".
تحالف البناء ضمَّ أيضاً، كتلة الفتح بزعامة هادي العامري، وضم أبو مازن، وكذلك كتلة الوطنية برئاسة إياد علاوي، ومجموعة من الكتل الأخرى، مثل الأنبار هويتنا، وصلاح الدين هويتنا، والبارز بالأمر، أن هادي العامري الداعم الأول للحشد الشعبي، والذي لطالما اتهم الخنجر بدعمه للإرهاب ومهاجمته لعناصر الحشد الشعبي.
وتداول الناشطون عبر منصات التواصل الاجتماعي صور الشخصيات التي ذُكرت آنفاً، حيث قال عنهم بعض المستخدمين، إن "الظاهرين في الصورة بعد ما باعوا العراق ودماء الشهداء، جلسوا الآن بتحالف انتخابي موحد"، بينما شخص آخر تساءل عن سبب اندماج "الخنجر مع المالكي"، حين كتب معلّقاً: "سبحان الله، بالأمس القريب كانوا يتهمون بعضهم بالإرهاب، واليوم يتصافحون حباً بالمناصب السياسية".
وأصبح خميس فرحان الخنجر، الأمين العام للمشروع العربي، مؤخراً، زعيم تحالف "عزم" للدخول بالمعترك الانتخابي المرتقب في 10 تشرين الأول المقبل، وكان الخنجر قد ظهر في حوار متلفز، عام 2014، أيام سيطرة العصابات الإرهابية على العراق: قال فيه: "أعتقد أن الثورة ستطيح بكل الرؤوس الطائفية وستستطيع تغيير الواقع على الأرض ولا وجود للجيش العراقي، ويومياً نسمع عن بعض المحافظات المنتفضة أنها حُررت"، في إشارة إلى سيطرة عصابات التنظيم على بعض المناطق في العراق.
وكان قد قال أيضاً خلال المقابلة، إن مدينة الموصل "مُحررة"، فيما أشار إلى أن من يقوم بـ "الانتصارات" على حد وصفه، هي العشائر العربية التي وصفها بـ "المنتفضة"، إلا أن ذاكرة العراقيين لا تنسى ما فعلته عصابات التنظيم حين اجتاحت أراضي العراق عام 2014، وما خلّفته من تدمير وقتل للمواطنين الأبرياء، وأفراد القوات الأمنية.
وبعد ما كانت علاقاته مع القوى المقربة من إيران متوترة، ويصفها بـ "الميليشيات"، أصبح الخنجر أحد أبرز القادة السنة الذين يتحالفون معهم في حكومة عادل عبد المهدي في تشرين الأول عام 2018.
وظهر الخنجر في عدة لقاءات سبقت تشكيل الحكومة العراقية في 2018 من بينها لقاءات جمعته بهادي العامري، وزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، بعد ما كان قد هاجمه في عام 2014، ويصف الجيش العراقي بأنه قوات المالكي المحتلة، إلا أن الظروف السياسية جعلتهم يتناسون ما حدث، ويجلسون إلى طاولة واحدة، من أجل المصلحة السياسية وتحقيق المكاسب الشخصية، دون الاكتراث إلى ما حدث خلال أيام الحرب على داعش.
ويحاول الخنجر في الوقت الحاضر، السيطرة على العلاقات الدولية والدبلوماسية للحكومة العراقية، حين ظهر في مقابلة متلفزة، قال إنه يقوم بنقل الرسائل الحكومية إلى دول الجوار، إلا أن وزارة الخارجية العراقية، ردّت على ذلك في بيان على لسان متحدثها الرسمي، أحمد الصحاف، الذي أكد أن وزارة الخارجية هي من "تضطلع بدور العلاقات مع الدول، وليس أي طرف آخر".
بيان الخارجية جاء بعد ما ظهر الخنجر في المقابلة المتلفزة، وقال: "أنا أنقل رسائل حكومية إلى تركيا وبعض الدول العربية”، في إشارة إلى دور دبلوماسي يلعبه، إلا أنه لا يملك أي صفة رسمية ليقوم بهذا الدور، ما استدعى ردا سريعا من وزارة الخارجية.
ويشاع وسط المراقبين للشأن السياسي، أن الخنجر "يرتبط بمصالح غير معلن عنها مع بعض الأطراف التركية، لطالما تركت علامات استفهام بسبب تداخلها مع المصالح السياسية".
ليس هذا فقط، بل إن تحالف عزم الذي يترأسه الخنجر، هاجم في بيان له، صندوق إعادة إعمار المناطق المتضررة، الذي قدّم أموالاً لإعادة إعمار المناطق التي تضررت جراء حرب داعش، حين وصف الصندوق بأنه يُدار بطريقة وصفها بـ "غير الشفافة"، إلا أن الصندوق خصص أموالاً لمناطق تدمرت بسبب الحرب، إلا أن بعض الجهات السياسية التي تسيطر على تلك المناطق، منعت إعادة إعمارها.
وبعد احتجاجات تشرين عام 2019، أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية، خميس الخنجر العيساوي، لتورطه في أعمال فساد ودفع رشى لمسؤولين حكوميين في العراق، بحسب بيان الوزارة آنذاك.
ومن جهة أخرى، فيحاول رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي العودة إلى رئاسة الوزراء مجدداً بشتى الطرق، رغم تجربة الثمان سنوات التي وصفت بالفاشلة.
وإلى جانب الخنجر، هاجم مستخدمو التواصل الاجتماعي، رئيس مجلس الوزراء السابق، زعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، الذي يحاول العودة إلى كرسي رئاسة الوزراء من خلال "بوابة إيران"، بعد تصريحاته الأخيرة، ومواقفه من الأزمات التي يمر بها العراق.
ائتلاف دولة القانون، الذي سيطر على حكم العراق لمدة 8 سنوات، حدثت خلالها طائفية قاتلة، وحرب داعش التي استمرت 3 سنوات، تحدث عن وجود جهود حثيثة ولقاءات من أجل مركز أكثر ملائمة للمالكي في المشهد المقبل.
وغاب المالكي بشكل كبير عن المشهد العراقي منذ خسارته في الانتخابات عام 2014 بعد أشهر من سقوط مساحات كبيرة من الأراضي العراقية بيد تنظيم داعش، فيما اُعتبر الأمر، تقصيرا مباشرا من الحكومة التي رأسها المالكي لفترتين متعاقبتين.
ويقوم المالكي بشكل مستمر بلقاء القادة السياسيين وزعماء الحشد الشعبي والقادة الجماهيريين، كمحاولة للعودة إلى سدة الحكم، من خلال بوابة إيران بعد مغازلته لها في أكثر من مناسبة في هذه الفترة بشكل أكبر من أية فترة مضت.
وأشار بعض المختصين السياسيين إلى أن "المتابع لتصريحات المالكي الأخيرة سيعرف جليا إنه يحاول الظهور بمظهر المتناغم مع مواقف إيران، باعتبار إنها تمتلك مفاتيح العراق خاصة بعد انتهاء التظاهرات".
وأثارت تصريحات لرئيس الوزراء العراقي الأسبق عبر محطة تلفزيون إيرانية، بشأن عدم ممانعته تولي رئاسة الحكومة المقبلة، إن "سعت له"، جدلاً واسعاً في البلاد.
وتولى نوري المالكي (70 عاماً) منصب رئاسة الحكومة عام 2006، بعد كل من إياد علاوي وإبراهيم الجعفري، واستمر بالحكم لدورتين انتخابيتين، حتى مع فوز غريمه التقليدي إياد علاوي عام 2010 في الانتخابات، إذ أدى قرار للمحكمة الاتحادية اعتُبر مسيَّساً يقضي بأن الفائز بالانتخابات ليس من يحصل على عدد أصوات فيها، بل من يشكل تحالفاً داخل البرلمان ينال فيه أغلبية مقاعد البرلمان، إلى تولي المالكي رئاسة الحكومة.
وما زال العراقيون يتذكرون حقبة حرب داعش، والاتهامات التي أطلقها الرجل الذي وُصف بـ "سيد المؤامرات" لكثرة تحدثه عنها، واتهامه لأشخاص أصبحوا قريبين عليه ويجلسون إلى جانبهً، ومن أبرزهم "خميس الخنجر".